اقتحام صادم لثانوية ضواحي طنجة.. ومدير المؤسسة في العناية المركزة    بنعبد القادر يقدم "العدالة والتواصل"    الملك يهنئ أسود الأطلس لأقل من 17 سنة إثر فوزهم بكأس إفريقيا 2025    أنور آيت الحاج: "فخور بمغربيتي"    قناة إيرلندية تُبهر جمهورها بسحر طنجة وتراثها المتوسطي (فيديو)    تعيينات جديدة في مناصب أمنية    الطقس السيئ يغلق ميناء الحسيمة    تقدم في مفاوضات واشنطن وطهران    المغرب يُتوَّج بطلاً لكأس إفريقيا لأقل من 17 سنة بعد فوزه على مالي بركلات الترجيح    حماس تعلن أن مصير الرهينة عيدان الكسندر ما زال مجهولا    روابط مرتقبة بين ميناء كوبر السلوفيني وميناء طنجة المتوسط    هل تعلم كم يكلف فعلأ ما تشتريه؟ .. الفضيحة التي لا يريدك أحد أن تعرفها    الخطوط الملكية المغربية شريك دولي رسمي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم    أشبال الأطلس يرفعون راية المغرب عاليًا في بطولة إفريقيا + صور    "معركة رفع المعاشات" تخرج المتقاعدين مجددا للاحتجاج على الحكومة    شركة "ميرسك" تنفي نقل أسلحة إلى إسرائيل عبر ميناء طنجة المتوسط    نائب بريطاني: بوليساريو تمثل ذراعاً من أذرع النظام الإيراني في شمال إفريقيا وحان الوقت لتصنيفها منظمة إرهابية    مسعد بولس : "الموقف الأمريكي من قضية الصحراء صريح جدا ولا يتخلله أي شك أو أي لبس " /حديث خاص لقناة ميدي 1 تي في وميدي 1 راديو    العثور على جثة رجل داخل محل لبيع مواد البناء في طنجة    زيادة واردات الأفوكادو المغربية يثير قلقل الفلاحين الإسبان بفالينسيا    معهد هدسون الأمريكي: جبهة البوليساريو تهديد إرهابي عابر للحدود يستدعي تصنيفًا عاجلًا    مغنية تتقيأ خلال عرضها في "كوتشيلا"    المستشار الخاص للرئيس الأمريكي: مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الإطار الوحيد للتفاوض حول الصحراء    انعقاد المؤتمر الجهوي للاتحاد العام للفلاحين بجهة طنجة    سوء الأحوال الجوية يغلق ميناء الحسيمة    مطالب بإقرار حركة انتقالية لفائدة الأساتذة الجامعيين    معين الشعباني: نهضة بركان جاهزة لموقعة قسنطينة ونطمح لتسهيل مهمة الإياب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الحكم الجديد في قضية التازي : براءة من الاتجار بالبشر وعقوبات مخففة للباقين    الدرهم المغربي ينخفض أمام الأورو    بلدان إفريقية تُسقط شرعية تحركات "SADC" الأحادية: دعم متجدد للوحدة الترابية للمغرب ورفض قاطع للتلاعب الانفصالي    بصمات ديناصورات وزواحف .. سرقة صخرة عمرها ملايين السنين بميدلت تشعل الغضب    أحكام بالسجن ما بين 13 و66 عاما في حق المتابعين في قضية "التآمر على أمن الدولة" في تونس    تشكيلة المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة أمام مالي    السعودية تدشّن مشاركتها في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمغرب 2025    لقجع يحث المنتخب الوطني على خوض النهائي أمام مالي بعزيمة وتنافسية    الساسي: أخطر ما يقع في بلداننا هو الاستهانة بفكرة الديمقراطية بمبرر أنها في الغرب نفسه تعيش أزمة    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تُبرز أثر وثائقيات "الأولى" في إشعاع المغرب بالمعرض الدولي للنشر والكتاب    علاش الإمارات عطاوها؟ .. لطيفة رأفت تشعل إنستغرام بتعليق ساخر عن رجاء بلمير    "البرلمانات الداعمة لفلسطین" تعتزم إنشاء مجموعة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين    توقيف مواطن نرويجي مبحوث عنه دوليًا بالدار البيضاء    إطلاق أول شهادة مغربية في صيانة بطاريات السيارات الكهربائية بشراكة مع رشيد اليزمي    حملة مراقبة في إكنيون بسبب السل    لماذا قررت أن أكتب الآن؟    العربية للطيران تدشن خطا جويا جديدا بين الرباط والصويرة    الإفراج عن 10 آلاف صفحة من سجلات اغتيال روبرت كينيدي عام 1968    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسوم التحليق
نشر في اشتوكة بريس يوم 13 - 01 - 2011

كما تعهدنا بذلك، فإننا سنستمر في النبش في الملفات السرية للمكتب الوطني للمطارات على عهد مديره السابق عبد الحنين بنعلو وذراعه الأيمن أمين برق الليل، الذي لا يزال محسوبا على هذه المؤسسة العمومية.
ورغم أن القضاء اختار أن يمارس سياسة النعامة أمام كل الأدلة التي قدمناها بخصوص مخالفات الموظفين لقانون الوظيفة العمومية، ورغم أن جمعيات حماية المال العام اختارت الانشغال بأشياء أخرى غير مطالبة القضاء بمتابعة المتورطين في نهب المال العام وإجبارهم على إرجاعه، فإننا سنستمر في رحلة البحث عن المزيد من الأدلة والوثائق التي تفحم بنعلو وبرق الليل، فلا هما قادران على الرد وتكذيب ما ننشره، ولا هما قادران على اللجوء ضدنا إلى القضاء.
إن واجبنا الإعلامي يحتم علينا الاستمرار في المطالبة باسترجاع مئات الملايير التي تم اختلاسها وتبديدها طيلة السنوات التي قضاها بنعلو وذارعه برق الليل على رأس المكتب الوطني للمطارات. كما أن واجبنا الإعلامي يدفعنا إلى شرح الطرق والوسائل الجهنمية التي كانت تستعمل حتى في عهد المدير الأسبق، أحمد البياز، لتحويل أموال المكتب الوطني للمطارات إلى حسابات بنكية في الخارج.
اليوم سنكشف لكم عن إحدى هذه الطرق السرية التي يمكن بفضلها لمسؤولي المكتب الوطني للمطارات تحقيق ثروات كبيرة بدون إثارة شكوك الفرقة الوطنية للشرطة القضائية BNPG أو قضاة المجلس الأعلى للحسابات أو موظفي المفتشية العامة لوزارة المالية IGF.
عدا المراقبين الجويين وأرباب الشركات الجوية، لا يكاد أحد يعرف أن المجال الجوي للمغرب يمتد على مساحة 200 كيلومتر نحو المحيط الأطلسي على امتداد الحدود المغربية. وهذا المجال الجوي الوطني تخترقه طرق جوية متعددة تسلكها طائرات تابعة لشركات أجنبية على مدار اليوم.
ورغم أن هذه الطائرات لا تحط فوق مدرجات الهبوط التابعة للمكتب الوطني للمطارات، فإنها تؤدي ثمن مرورها عبر الطرقات الجوية التي تخترق المجال الجوي الوطني.
أي أن شركات طيران عالمية كثيرة تدفع يوميا للمكتب الوطني للمطارات ما يسمى «رسوم التحليق» داخل المجال الجوي الممتد على مساحة 200 كيلومتر داخل المحيط الأطلسي.
ومن بين شركات الطيران العالمية التي تدفع للمكتب الوطني للمطارات رسوم التحليق، نجد «أيرولينيا أرجنتينا» و«أفياكو» و«لانشيلي» و«فاريج»، وشركات طيران أخرى يصعب حصر عددها.
كيف تؤدي شركات الطيران هذه رسومَ التحليق للمكتب الوطني للمطارات؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن تفتح حوله الفرقة الوطنية تحقيقا مدققا، خصوصا عندما نرى كيف استطاع المدير السابق عبد الحنين بنعلو وذراعه الأيمن أمين برق الليل إنشاء كل هذه الشركات في الخارج باسميهما وأسماء أبنائهما وزوجتيهما.
وبالنسبة إلى شركات الطيران الدولية التي تستغل المجال الجوي المغربي والتي تفتقر إلى مكتب يمثلها في المغرب، فإنها تلجأ إلى دفع رسوم التحليق في الحسابات البنكية بعد رسالة من مدير المكتب الوطني للمطارات، يطلب فيها منها تحويل الرسوم على الحساب البنكي الفلاني في جنيف أو نيويورك أو مدريد أو باريس. ولهذا السبب، كان عبد الحنين بنعلو وبرق الليل وأفراد عائلتيهما يحصلون على جميع التأشيرات التي يطلبونها، بحكم توفرهم على حسابات بنكية في الخارج بالعملة الصعبة.
وهذا ما يفسر أيضا الأسفار الكثيرة لبرق الليل إلى الخارج، بحكم استفادته من بطاقات السفر التي تمنحها شركات الطيران «الصديقة» مجانا.
ولأن هذه «الخدمة» تتطلب قدرا كبيرا من «الثقة»، فقد تكفل برق الليل بهذه المهمة على «أحسن» وجه، بعدما مكنه عبد الحنين بنعلو من كل الوسائل الضرورية لإنجاز «العمل». فالرجلان ينطبق عليهما المثل المغربي القائل «اللي فلرض ديالي واللي فالسما عندي فيها النص».
وهكذا فإن المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية والفرقة الوطنية تجهل جميعها عدد شركات الطيران و«الشارتر»، أي الرحلات التمثيلية، التي تدفع في مختلف بنوك العواصم العالمية رسوم التحليق فوق مياه الأطلسي. ومن أجل أن يكتشف هؤلاء المحققون أسرار هذه الصفقات فما عليهم سوى أن يعودوا إلى مقر المكتب الوطني للمطارات ويزوروا مكاتب الموظفين الذين يديرون برامج رحلات هذه الشركات ويعدون فواتير الرسوم التي يجب أن تؤديها.
ومن حسن حظ عبد الحنين بنعلو وأمين برق الليل أن ملف «رسوم التحليق» محاط بحراسة مشددة تمنع الفضوليين من الاقتراب منه. وقد كانت هناك محاولات للاقتراب من هذا «السر المكنون» على عهد البياز، عندما كان فتح الله والعلو وزيرا للمالية والاقتصاد والخوصصة، لكن أحمد البياز كانت لديه مظلة قوية آنذاك اسمها المستشار محمد عواد، وموظفون متواطئون كثر داخل إدارة الطيران المدني، فتم إقبار هذه المحاولة في مهدها.
وكل ما استطاع أحمد البياز القيام به عندما كان مديرا للمكتب الوطني للمطارات هو إرساله إلى السجن موظفا في قسم المحاسبة بعد تقديمه للمحاكمة بتهمة اختلاس 300 مليون ظهرت فجأة لمحاسبي المفتشية العامة لوزارة المالية عند زيارتهم للمؤسسة سنة 1994، حيث اكتشفوا تبخر الأموال التي كانت تؤديها مباشرة للمكتب طائرات خاصة عن استعمالها للأجواء المغربية.
وهكذا تم الحكم بخمس سنوات سجنا على هذا الموظف الذي اختلس رسوم التحليق التي تؤدى مباشرة للمكتب الوطني للمطارات، فيما رسوم التحليق التي تحلق خارج المغرب لم ينتبه إليها أحد. وعدا تلك الرسوم التي يستخلصها المكتب من حساب بنكي بلجيكي، لا يكاد أحد يسأل عن «رسوم التحليق» التي ترسو في حسابات بنكية أخرى بمختلف العواصم العالمية.
إن وزير النقل والتجهيز، كريم غلاب، الوصي على المكتب الوطني للمطارات، على علم بملف «رسوم التحليق». وقد تابع مثلما تابع مئات الآلاف من قراء هذه الجريدة، أخبار الشركات والحسابات البنكية الأجنبية التي نشرنا أرقامها وعناوينها. ورغم ذلك، فسعادة الوزير لم يكلف نفسه فتح تحقيق في كل هذه الفضائح المجلجلة التي يكفي نشر جزء بسيط منها في دولة تحترم القضاء لتوقيف إما الصحافي الذي ينشر هذه الأخبار أو الموظف العمومي الذي تحوم حوله الشبهات.
وحتى بالنسبة إلى المدير الجديد للمكتب الوطني للمطارات، السيد جليل الكندوز، الذي لازال محاطا ببعض «مسامير الميدة» التابعين لبرق الليل وعبد الحنين بنعلو، فإن حسن نواياه ورغبته في تطهير الشركة من رؤوس الفساد تبقى عملية محفوفة بالمخاطر، مادام بعض هؤلاء الرؤوس يحظى بحماية الوزير الوصي على القطاع. وليس وزير النقل والتجهيز هو الحامي الوحيد لبعض هذه الرؤوس، وإنما أيضا رئيس البرلمان عبد الواحد الراضي، الأمين العام للاتحاد الاشتراكي وعم الراضي، قائد مطار الصويرة الذي سبق له أن وقع محاضر التسليم النهائي لصفقة قيمتها 14 مليون دولار لصالح الودغيري صاحب شركة «كلوبال سيستيمز».
ولعل المدير الجديد للمكتب الوطني للمطارات يجهل العلاقة المتميزة التي نسجها الودغيري مع برق الليل وبنعلو. فبفضل سخائه الكبير، استطاع الودغيري أن يتحكم في أطر مهمة داخل المكتب الوطني للمطارات، خصوصا السيد «ملين»، مدير قسم الحسابات، الذي لا يتردد في الموافقة على فواتير وطلبات شركة «كلوبال سيستيمز».
وقد امتدت محاولات التأثير التي يقوم بها الودغيري داخل أقسام المكتب الوطني للمطارات إلى مدير الإعلاميات لكي يطلعه على ما يجري خلال الاجتماعات التي يعقدها مع المدير الكندوز بخصوص الصفقات وتفاصيلها، إضافة إلى الضغط المستمر على الآمر بالصرف المحسوب على وزارة المالية لكي يفرج عن أداء فاتورة شركة الودغيري، رغم الخروقات التي تشوب الصفقة والتي أشر عليها مجد الراضي، رئيس قسم المحطة الجوية، قبل أن «يطير» إلى الصويرة بمجرد ما «طار» خاله بنعلو من رئاسة المكتب الوطني للمطارات.
المثير في العلاقات المتداخلة بين الودغيري وبرق الليل وبنعلو، الثلاثي «الرباطي السلاوي الفاسي» الذي يريد أن يظل المتحكم الأبدي في صفقات المكتب الوطني للمطارات، هو أن سفير المغرب بالأرجنتين أدخل مؤخرا «شريحتو فالشريط»، خصوصا بعدما رفض المحاسبان اللذان جاء بهما دليل الكندوز التأشير على السلع التي اشتراها الودغيري من الأرجنتين في إطار صفقة وصلت قيمتها إلى 14 مليون دولار.
قطاع المطارات واحد من القطاعات التي تستنزف الجزء الأكبر من ميزانية الدولة في مجال التجهيز. فالمواد والآليات وقطع الغيار التي يشتريها هذا المكتب تكلف ميزانيات بالملايير، وأحيانا يكلف «بولون» واحد «زبالة ديال الفلوس».
ولذلك، فهناك لعاب كثير يسيل حول صفقات المكتب الوطني للمطارات. وفي مقابل هذا اللعاب الكثير السائل، يجب أن يسيل أيضا مداد كثير في الصحافة لمراقبة نزاهة هذه الصفقات، حرصا على المال العام، الذي يبدو اليوم عرضة للنهب أكثر من أي وقت آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.