توطئة: الموت سرنا الأبدي. في كل ثانية يموت الآلاف من الناس والحيوان والنباتات. لا يمكن لأي كان أن يوقف المنجل الحاد للموت. قد يفاجئك الموت وأنت في قطار ، في طائرة، في سيارة ،على شاطئ، في صحراء ، وحدك أو مع مجموعة. لن ينفعك غناك، جمالك، قوتك وحسبك في الإفلات منه. ولأنه قدر كل البشرية الحتمي فقد عمل الإنسان منذ الأزل على التعامل معه. المقابر والصلوات جزء من هذا التعامل. تخبرنا النصوص الدينية أن أول القتلى كان هابيل و أن أول القتلة كان قابيل. عملية القتل الأولى كانت أسرية محضة: أخ قتل أخاه. تحكي لنا الكتب السماوية أن القتل كان بدافع الغيرة. لقد تقبل الله قربان هابيل ورفض قربان قابيل.. إن قبول الله لقربان الواحد ورفضه لقربان الآخر كان البداية الأولى نحو التمييز. لم يكن للبشرية ،حسب المنطق الديني، أن تستمر لولا هذه الحادثة. إن النزوع نحو الشر والنزوع نحو الخير مسألة نفسية ولا يمكن لأي كان أن يوقفها. كانت حواء حسبما تقول الحكايات الدينية تلد في كل بطن ولدا وبنتا وكان آدم يزوج الولد من البطن الأولى من البنت التي ولدت من البطن الثانية وهكذا دواليك. وبحكم أن أخت قابيل كانت أجمل من أخت هابيل فقد شبت نار الغيرة في أحشاء قابيل. هكذا رفض الأخير قسمة أبيه. لقد رأى في نفسه الأحق بزواج أخته. وصل الأمر لأبيهما آدم وأمرهما أن يقدما قربانا لله. كان قابيل عامل أرض وكان هابيل راعي غنم. قابيل قدم ذبيحة سمينة لله فتقبلها منه. أما قابيل فقد قدم زرعا ضعيفا لله فلم يتقبله منه. لم يعجب الأمر قابيل فانتهز أول فرصة كان فيها أخوه نائما فقتله.. هل كان ينبغي على قابيل قتل أخيه؟ الطبيعة الشرسة كانت تستدعي وجود إخوان كثرلا التفريط في أخ وحيد. العقل السني حاول أن يخفف من ثقل الجريمة . كيف يمكن تفسير اقتتال أبناء نبي؟ سيتكرر الفعل عبر التاريخ. اقتتلت عائشة وعلي وطلحة والزبير ومعاوية.. كل هؤلاء كانوا اصحاب نبي ،مبشرين بالجنة.لم يكن قابيل حسب التفسير السني للحدث كافرا بل مسلما ارتكب معصية. لقد عصا قانون أبيه. هذا العصيان يذكرنا بعصيان إبليس لأمر الله بالسجود لآدم. والمثير أن كلا فعلي العصيان كانا السبب في توسع القاموس المعرفي للبشرية. بعصيان ابليس لله عرفت البشرية مسألة النزول والرغبات الجنسية , وبعصيان قابيل لأمر لقانون ابيه تعرفت البشرية على الموت . وقد أدى الموت بالإنسان الى التفكير فيما بعد الموت : أي العودة الى المكان الأول الذي نزل منه آدم. لو لم يقتل قابيل أخاه ما كانت البشرية ستعرف الموت ،ولو ظل الموت مجهولا ما فكر الإنسان فيما بعد الموت.. القتل يستدعي فعلا آخر:الموت. والموت بدوره يستدعي فعلَ التحلل. ستتحلل الجثة وتطلق رائحتها العطنة. سيصاب الأحياء بالغثيان حين سيرون جثثهم وقد صارت فريسة للديدان. قابيل بسط يده الى أخيه لا ليعانقه بل ليقتله. بماذا قتله؟ بالخنق؟ بالحجر؟ . اندهش قابيل لمسألة موت أخيه. وطبيعي أن يندهش ما دام أنه لم يسبق له أن خبر ذلك. كان الموت في علم الغيب. توفي هابيل ولم يدر اخاه ماذا سيفعل به. هكذا حمل الأخ جثة أخيه وساربها هائما في الأرض. هل كان ينتظر أن يستيقظ الميت من من نومه الأبدي؟ وفجأة ظهر غرابان في السماء. كانا يقتتلان. فعل الاقتتال نتج عنه قتل. سقط الغراب المقتول على الأرض ..حط القاتل قرب المقتول ونشر جناحيه وبدأ ينبش في الأرض إلى إن دفنه. بكى قابيل حتى أفزع حيوانات البرية. ثم فعل كما فعل الغراب. وقال قولته الشهيرة: يَا وَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِين؟َ (سورة المائدة ).هكذا يبدو أن قابيل تعلم عملية الدفن. من المهم ملاحظة ما يلي: إن موحي ومعلم الدفن غراب وليس طائرا آخر. الغراب أسود. ولا يمكن للمرء أن يجزم بأن لون السواد قد صار علامة على الشر انطلاقا من تلك اللحظة. الأسود، وهو لون المعلم الأول للإنسان كيفية الدفن، مغبون ومظلوم. لنتصور أن الغراب لم يظهر كيف كان سيكون مصير العالم؟ معرفتان مهمتان إذن لم يهتد إليهما الإنسان بنفسه بل بواسطة كائن آخر غير عاقل: حيوان. معرفة الرغبة ومعرفة الخداع. الكائن الأول، الذي هو الحية صاحبة اللسان المشقوق، علم الإنسان الرغبة عن طريق عصيان أمر الرب . و الكائن الثاني، الذي هو الغراب، علم الإنسان كيفية التخلص من فعل شنيع اقترفته يداه . أما الله فقد علم بني الإنسان الأسماء كلها. كان آدم في الجنة ولولا الحية التي دفعت بحواء للأكل من شجرة المعرفة ما كانا سيكتشفان رغبتيهما. الفعل الأول كان يهم الحياة والثاني كان يهم الموت. بانكشاف عورات آدم وحواء انكشفت الرغبة في الجنس . و الجنس كان السبب الأساسي في ظهور الذرية. وبموت هابيل تكشفت لنا الطبيعة الشريرة لقابيل. الفعل الثاني كان يهم الدفن. السيد الغراب هو المعلم الثالث للإنسان بعد الله والحية. يستحق الغراب أن يكون رمزا للنور والمعرفة لا الظالم والجهل. وإذا فتح المرء الباب قليلا للتأويل أمكن له القول بأن الشر هو أبو المعرفة. وعليه يصبح لزاما علينا احترامه وتبجيله. لا نعرف وفق أية طقوس تم الدفن. مثلا هل تم الدفن بتلاوة كلام ما؟ بأي لغة كان؟ هل طلب الأب بعد أن علم بالخبر إعادة دفن هابيل وفق طريقة وطقوس ما؟ لقد فقد الأب ولدان: واحد مات والآخر سرقه شيطان التملك والأنانية . هل توقف علم الغراب على تخوم الدفن؟ من أطلق اسم القبر على تلك الحفرة التي وضعت فيها جثة هابيل؟ إلى أي وجهة تم توجيه رأس هابيل؟ إلى الشرق ؟ الى الغرب ؟ الى الجنوب أم إلى الشمال؟ من المهم هنا ملاحظة أن العامة في بعض القرى الشمالية بالمغرب تعتقد أن الغراب مسخ. لقد كان طائرا جميلا أعطاه الله المال ليقدمه للمسلمين لكنه نسي وأعطاه للنصارى فمسخه الله. لونه الأسود علامة مسخه. طريقة مشيه الغريبة كانت بسبب محاولته تقليد مشي الحمام . لم يتعلم مشي الحمام لكنه حين أراد العودة الى مشيه الأول نسي. هو في حكم الخنثى لذلك يُلعن. وكونه ملعونا يجعله في منأى عن الصيد. إن اللعن هنا مصدر للحرية.. لا أحد يصطاده ليعلمه الكلام او يزين به القصور والفيلات. في صوته رنة العقوق. والعاق بشكل أو بآخر متمرد. منذ هابيل لم يتوقف الموت عن القيام بشغله تماما كأي تلميذ مجتهد. فعن طريق القتل بالخنق، بالنابالم، بالنيران الصديقة، بالغيرة والحسد، بالغرق، بفعل طول العمر، بالجراثيم المصنوعة في معامل خاصة ، بالخطأ ظل الموت حيا يرزق الأرواح. ومن المؤكد، في انتظار التطور الذي يمكن أن يحصل في القرون المقبلة، أنه سيستمر في القيام بهذا الشغل دون رادع. علينا قراءة رواية ساراماجو الأخيرة -......- لنعرف كيف ينبغي للعلماء ترك الموت يقوم بعمله. إن الحياة من دونه لا تساوي فلسا. القبر بيت الأموات: المعروف أنه فيما يخص التعامل مع الموتى نجد أنه لكل شعب طريقته: هناك الحرق ومن بعد دفن الرفات أو رميها في النهر المقدس. . هناك دفن الجثث كما هي. هناك غسل الميت ودفنه. لكل شعب طقوسا خاصة بالموت. وقد يكون عزرائيل، هذا الكائن اللامرئي الذي ترتعد له فرائس أعتى الديكتاتوريين ،هو الوحيد الذي لم يطرأ تغيير كبير على قاموس عالمه: نتحدث عن مراسيم الزواج ومراسيم الجنازة. تزف العروس إلى عريسها ويزف الميت إلى ربه. لا يمكن الحديث عن الموت دون استعمال هذه المفردات: جنازة، صلاة، مقبرة، تعازي، ترحم، قبر،كفن، فقيه- رجل دين...القاموس يمكن تقسيمه إلى قسمين: شفهي ومادي. الشفهي يضم الصلاة، الترحم، العزاء فيما يضم المادي القبر والمقبرة والكفن. يقال عن الدار: قبر الدنيا. هناك إذن قبران: قبر الآخرة وقبر الأولى. القبر الثاني ملاذنا الحتمي. لا نحتاج فيه إلى فراش أو أي شيء آخر من متاع الدنيا. فقط كفن غير مخيط ،صلاة ودعاء . تشبَه الدار الأولى بالقبر ولا يتم تشبيهها بشيء آخر. لا توجد دور في الآخرة.هناك فقط منزلان.واحد للمؤمنين والآخر للكفرة. لا نعرف إن كانت هناك غرف وبارات و مراحيض. الأولى يعمها النور و الجزاء فيما الثانية يعمها الظلام والعذاب.. وبمعنى آخر ليس هناك منزلة وسط، ليس هناك اعتدال أو مرونة. القبر هو المحطة الأولى نحو عالم الآخرة. و من المؤكد أنه في اختلاف القبور علامات على اختلاف مراتب ودرجات ومنازل الناس. للمعدمين قبورهم وللأغنياء قبورهم. ليس الميت من سيحس بالفرق بل الأحياء. الحرص على التمايز يحيلنا إلى الصراع الأول الذي تم بين قابيل وهابيل. لا بد أن قابيل أحس بتميز أخيه عنه لذلك قتله. ما هي الميزة الفوق انسانية التي كان يتوفر عليها هابيل والتي كانت سببا في قتله؟ لا تخبرنا النصوص الدينية عن ذلك. نعرف فقط انطلاق مما تخبرنا به الأساطير التاريخية أن الله قد تقبل قربان هابيل ورفض قربان قابيل. القربان مرتبط بالعطاء والبذل. هابيل اعطى اجود واحسن ما لديه وتم قبول عطيته، اما قابيل فقد تقتر في العطاء. لا يمكن للمرء ان ينتظر جزاء جيدا اذا لم يثابر . والمهم هنا ان نجاح المرء قد يكون سببا في موته. في القبر سيأتي منكر ونكير للمطالبة بتقديم الحساب. كل الأموات سيطالبون بذلك. هذا ما تبشر به جميع الديانات السماوية. وباعتبار أن الفقراء لم يكن لهم ما يشجعهم على اقتراف المحرمات فلن تكون فاتورتهم مرتفعة. قليل من حسد، حبات كرموس هندي بائت ومسروق، زلافة صيكوك مبلل بلبن خاثر بفعل البعبولة، النظر بعين شبقية إلى بنت الجار...الخ أما الأغنياء فمن المفترض أن تكون فاتورتهم مرتفعة اعتبارا للمسارات التي يمكن أن يؤدي إليها غناهم: إرشاء قاضي، سرقة أراضي، تزوير عقول، إرضاء مفرط للمنطقة الوسطى للجسم... الخ. (مقابر تروال) شمال المغرب هناك أربع مقابر بتروال. مقبرة سيدي ناصر، مقبرة العزيب، مقبرة الشراطين ومقبرة سيدي عبد الله. الأخيرة متجاورة مع الأولى. ليس بينهما حدود جغرافية. المقابر الأربع انعكاس لأربع أحياء سكنية أساسية. كل حي ملزم بحكم ثقل الماضي بدفن موتاه في مقبرته. المقبرة الأساسية هي مقبرة سيدي عبد الله. تنقسم المقبرة إلى جهات. كل جهة خاصة بعائلة. وكل عائلة ملزمة بدفن موتاها في الجهة المخصصة لها. هناك جهة خاصة بالغرباء. ليس الغرباء سوى أولائك الوافدين على القرية إما كموظفين أو كأقرباء موظفين . لا نعرف إن كانت رغبة هؤلاء أن يدفنوا في المنطقة هي الدافع وراء الدفن أم أن للأمر تفسيرا آخر. لا يتم دفن الموتى الغرباء في أي جهة خاصة بالعائلات. للغرباء جهتهم. إنهم يدفنون على جنبات الممر الرئيس الذي يخترق المقبرة. للوهلة الأولى يبدو الممر هو النقطة المحورية للمقبرة. لا يمكن لأي زائر عابر أن لا يلحظ قبور هؤلاء الذين احتضنتهم القرية أحياء وأمواتا. الطريق علامة مميزة في غياب العلامات الأخرى . لنتذكر أن القبر عند المسلمين لا ينبغي أن يعلم بشكل جيد. قبر النبي محمد قبر عادي . ليس قبرا مبنيا بالرخام . إذن الطريق علامة مساعدة لأهل الغريب الأحياء الوصول إليه بسهولة. حينما ننظر للأمر من هذه الزاوية يتبين لنا مدى التقدير الذي عومل به الغرباء. لكن إن نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى سيظهر لنا المنطق الإقصائي الثاوي في لاشعور من اقترح لأول مرة فكرة دفن الغرباء على هامش الممر الذي يخترق المقبرة. بحكم أن الممر معبر الداخلين والخارجين من وإلى المقبرة فإن القبور الموجودة على جوانبه معرضة للتلف أكثر من تلك الموجودة بالجهات البعيدة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار كون القبر لا يدخل في الاهتمامات الأولى للمغاربة فسيظهر لنا حجم التلف الذي قد يتعرض له قبر الغريب. هكذا سينسى ليترك مكانه لغريب آخر. لأشر هنا فقط أن السلفي حارب بشكل كبير زيارة المقابر أو ما يمكن تسميته بثقافة المقابر. من هنا تلك الحالة السيئة التي توجد عليها مقابرنا. المقبرة بما هي مكان مفروض أن تنتفي فيه التمايزات تبقى هي المكان الجيد الذي تبرز فيه هذه التمايزات العائلية.إن حرص العائلة على دفن موتاها في المكان المخصص لها يعادله ذلك الحرص الذي تبديه العائلة لكي يبقى الأحياء بالقرب من بعضهم البعض. الشائع لدى الأسرة المغربية أنه يمكن أن يستمر المرء في السكن مع العائلة حتى وهو متزوج. هكذا يمكن أن يتجاور أب وزوجته إضافة إلى ابنهما وزوجته في نفس المنزل. وللإشارة فقد حدت تعقيدات الحياة من هذا الأمر. في حالات أخرى يمكن له أن يبني غرفتين في السطح، أن يفتح بابا لغرفته على جهة أخرى أو أن يبني سكنا بالقرب من مساكن العائلة. هكذا يكون المرء مستقلا وغير مستقل. مستقلا في المصروف ومرتبطا في العلاقات والوشائج والقرارات. ما ينطبق على مقبرة سيدي عبدا لله لا ينطبق على باقي المقابر الأخرى الموجودة بمركز تروال. يتم الدفن في المكان الفارغ في المقبرة دون مراعاة الانتماء العائلي. وفي حالة ما إذا كان الميت قد عبر قبل موته عن رغبة في أن يدفن بمكان ما فإنه يتم الاستجابة لطلبه. ملاحظة أخرى تتعلق بالمهمشين ،الحمقى الذين لا ينتمون إلى المنطقة ولكنهم سكنوا بها لمدة طويلة. كل مهمش أو أحمق يتم التعامل معه بناء على مكان استقراره داخل القرية.بحيث أنه إذا مات أحمق كان يتردد كثيرا على حومة ما فإنه يتم دفنه في مقبرة هذه الحومة. لكن الدفن يتم في أبعد نقطة من المقبرة و غالبا ما تكون هذه النقطة معزولة. إن منطق الإقصاء اتجاه المهمشين والغرباء مستمر حتى في المقبرة. عادات الدفن: المسلم به أن الدفن بالنسبة للمسلمين يتم وفق الطريقة الإسلامية. يتم غسل الميت بالماء الطاهر الدافىء والصابون. فقيه الشرط هو من يقوم بهذا الفعل بالنسبة للرجال فيما تقوم امرأة، غالبا ما تكون محط تقدير لدى الساكنة ،بغسل النساء. يوضع الميت في كفن ثم في المحمل. لا يتم الدفن في المساء بل في الضحى: أي قبل صلاة الظهر. يحمل الميت إلى المقبرة حيث يوارى الثرى. القبر يتم حفره من طرف متطوعين شباب. عيب أن تحاول تأدية أجرة الذين قاموا بالحفر. الحفر يتم لوجه الله. يوضع الميت في القبر على إيقاع آيات سورة يس. يغطى باللحد . اللحدات عبارة عن حجر مختار لهذه الغاية. يسمى الحجر بالصفاح. وهو عبارة عن حجر غير سميك بشكل كبير ، منبسط وواسع. هو حجر مأخوذ من الطبيعة بالشكل الذي هو عليه. لا تتدخل في تعديله يد الإنسان. – في السنوات الأخيرة حيث قل بشكل كبير هذا النوع من الحجر تم تعويضه بقطع مصنوعة من الإسمنت – يتم وضع الميت على جانبه الأيمن ورأسه إلى القبلة وفق التقاليد الإسلامية. بعد ذلك يتم تغطية الفجوات الفاصلة بين أللحدات وفي الجوانب بالغيس. ثم يغطى القبر كله بالتراب .يوضع الشاهد في المكان الذي يوجد به الرأس علما أن شاهد المرأة أقصر من شاهد الرجل. لا يوجد فرق بين المتزوج –ة-و غير المتزوج .لا يوضع شاهد للصبايا والأطفال. سيمرون مباشرة إلى الجنة وبالتالي فالقلم مرفوع عنهم. المرحلة الأخيرة تخص تغطية القبر. يوضع شطاب الضرو فوق القبر ثم يرش قليل من الماء.سنتساءل لماذا شطاب الضرو وليس شطاب شجر آخر؟. الملاحظة الأولى تهم مكان المقابر. كلها موجودة بأمكنة معروفة بوجود هذه الأشجار التي تمتاز بكثافتها وجودة فحمها وقدرتها على التجدد بعد القطع بسرعة. تستعمل ثمراته وأوراقه كمسكنات لأوجاع البطن . يستعمل الرماد المستخرج من أشجار الضرو في إعداد النفحة. يتم ايضا خلط هذا الرماد بالزيت البلدي والماءفي عملية تزبيب العنب. يسمى هذا الخليط بالليان . يستعما لقاح أغصان شجرة الضرو في تسكين اوجاع المعدة. هذه الفوائد تجعل من هذه الشجرة مقدسة.وعليه فهي تستحق أن تكون المرافق الطيب للموتى في رحلتهم إلى العالم الآخر. الأماكن التي توجد بها المقابر غير صالحة للزراعة. كثرة أشجارها المتنوعة وتحيٌطها تمنعانها من أن تكون كذلك. بكل مقبرة سيد أو ولي. يطلق اسم السيد على المقبرة(بجماعة بلفاع وايت ميلك التابعتان لإقليم اشتوكة ايت باها تسمى المقابر بغير أسماء الأولياء. نجد مثل هذه الأسماء :مقبرة الرحمة, مقبرة حيمود...) وكون المقابر تحمل أسماء الأولياء يدفعنا إلى طرح بعض الأسئلة من قبيل: هل كان للمقابر أسماء أخرى غير الأسماء التي تحملها ألان؟ هل هي محدثة أم قديمة؟ قبل مجيء الإسلام إلى المغرب أم بعده؟ هل المقابر كانت موجودة قبل ميلاد السيد أم بعد موته؟ إن كان كذلك ما ذا كانت أسماءها؟ وهل تحمل عادات الدفن الحالية في طياتها بعضا من الطقوس القديمة؟ يحتاج الأمر الى مقال آخر . خلاصات خاصة بمقابر تروال: • يتم تنظيم المجال المقابري بالاعتماد شبه التام على التنظيم الخاص بمجال العمران القروي. • ليست المقابر مجالا للعدل والمساواة. • لم يعمل الدين على محو فكرة التمايز والإقصاء لد ى معتنقيه. • وجود رغبة ضمنية وقوية لدى الأحياء في أن يستمر التمييز حتى في الآخرة.