انتقل إلَى عفو الله ورضوانه صباح اليوم الفقيه الصالح سيدي الحاج محمد نايت إعزا فقيه مدرسة أيت إعزا بإقليم اشتوكة أيت باها بالدارالبيضاء، وصادفت وفاته ليلة القدر وهي من أشرف الليالِي وأعزها، ويكفيه ذلك شرفاً عند رب العباد، ومكانة ومنزلة عند العباد، فقد عُرف رحمه الله بالزهد والورع، وتلكم خصال حميدة وعادات حميدة نزعت إليه من أصوله، وزاد فورث من فيوضات أسرار شيخه قطب وقته وغوث زمانه سيدي الحاج الحبيب التنالتِي، فغرف من معينهم الروحي على قدر إنائه . لما تخرج الفقيد على شيخه المذكور ووالده فِي بداية السبعينات اتجه للجامع الكبير بأيت باها وشارط فيه نحواً من تسعة أشهر، ثُم جاءت إليه قبيلة أيت اعزا فطلبته ليكون فقيها عندهم، واستشار وقتها شيخه سيدي الحاج لحبيب والجماعة فلما أذنا له اتجه صوب أيت إعزا، خلفا لسيدي الحاج محد أعبلا، وألقى فيها عصى التدريس منذ أوائل السبعينات حتى توفي رحمه الله، وبقي فيها ما يقرب من خمسين سنة متصلة . وكان الفقيد مشهوراً بالأذكار، وتلاوة الأوراد، سالكاً مسلك الطريقة الناصرية مهتدياً بهديها، مرابطاً على مدارسة القرآن، والعبادة، والتنسك، والقناعة بما تيسر، ولم يؤثر عنه غير ذلك، وقد اشتغل بخويصة نفسه، ناصحاً العباد بما فيه صلاح دينهم ودنياهم. وقد طارت شهرة الفقيد الصالح سيدي الحاج محمد وذاع صيته فِي سوس وخارجها، يزوره الكثيرون من مختلف طبقات الناس داخل المغرب وخارجه، ومجلسه عامر بالمساكين والزوار والصلحاء لا يتكلف معهم، مطبقاً النصيحة النبوية فعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً، وعمل لآخرته كأنه سيموت غداً، لذا قصده خلائق كثيرون، حتى ضاق مجلسه بهم لأنه كاشف للأمراض الروحية، ويزيلها بكلامه الحلو المؤثر فيخرج من مجلسه الزوار فتراهم فرحين مسرورين بما وقع لهم من جو إيمانِي مزيلاً لهم النزوات النفسية، ليزدادوا إيماناً بعد إيمانهم ومن ثم لترقية مداركهم ليتدرجوا قليلاً قليلاً فِي درجات أسرار التعبد، وله عدد من الكرامات يتداولها المحبين والمريدين بينهم، وبموته وموت قرينه سيدي الحاج أحمد ندار ومان التاكوشتي تكون سوس والجنوب المغربِي قد جفت فيها منابع الاستمداد الروحي، ولا أدري إلَى أين سيكون الاتجاه غداً، غير أننا الآن لسنا بصدد الكلام عن سيرته، ولا عن آثاره بعد انتقاله، وإنما عن إشاعة خبر موته، وحتى القلم منعه حر فقدان الفقيد فلم يسل بما يدور فِي جعبته من أخبار جليلة، ومناقب حسنة لهذا الفقيد العابد، لذا نعتذر إن حصل قصور أو اضطراب فِي الكلام. يشار إلَى أن الفقيه أصابه مرض في الشهور الماضية وانتقل إلَى الدارالبيضاء واستقرت حالته الصحية وبقي الأطباء يترددون إليه في منزل خاص هناك، حتى لقي ربه صباح اليوم نسأل الله سبحانه وتعالَى أن يُلهم لذويه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون، وسيواري جثمانه بمقبرة أيت إعزا وسيصلى عليه هناك بعد صلاة الظهر ليوم غد أي: الخميس 27 رمضان .