بداية لا عيب في الإقتباس و الاجتهاد ، تنزيلا لمصطلحات جذابة على مواضيع يرجى أن تكون أكثر جاذبية و تأثيرا و ترجمة للمضامين ، كما هو الشأن في استثمارنا لكلمتي "تعز" و "تذل" في سياق مناسب ، تقريبا للأفهام و فتحا للمغلق و توسعا في فضاء المفهوم . أهذه النبتة السحرية ، فعلا تعز من تشاء و تذل من تشاء ، و كيف ذلك ، إن كان الجواب بالإيجاب أو السلب سواء ، الكيف أو القنب الهندي ، أو ما يصطلح عليه بالنبتة الذهبية ، أو البترول الأخضر ، أو غيرها من الأسماء التي تطلق على مسمى واحد ، المتشخص في مادة تنبت من الأرض ، لكنها تتميز على كل نظيراتها من النباتات كونها “نبتة سحرية” خارقة للعادة ، خاصة بعد إخضاعها لتغييرات جوهرية في شكلها و طعمها و رائحتها ، عند إستكمالها للشهور المعدودة بعد البذر . هكذا تماما ، تتحول حياة المتاجرين في منتوجها النهائي ، من حالة ضعف قصوى ، إلى حالة غنى باذخ فاحش ، و المتاجرون ليسوا فقط من يحملها على ضهره نحو البحر أو نحو القصر الصغير أو نحو المراسي في البحار ، لكن المقصود بالمتاجرين ، كل من يتعاطى عمليات ترويج المحصول من الحشيش ، سواء كان مسؤولا في جهاز إداري أو أمني ما ، أو كان على رأس الإقليم أو الولاية أو الوزارة أو نائبا برلمانيا ، أو وسيطا و سمسارا ، أو حارسا مرابطا على الثغور الشاطئية ، أو قائدا أو رئيس دائرة ، أو مقدما أو شيخا ، و تلك هل أدنى حلقة من حلقات المتاجرين في الحشيش و المستفيدين الأوائل من عائداته المالية الضخمة ، هنا بالطبع لم ولن نعمم ، لأننا نعلم بشكل مرئي و مشاهد ، أن في وطننا مسؤولون نزهاء يتصفون بالنقاء و الصفاء و تطبيق القانون و بالبعد عن الشبهات . لكن و في الضفة الأخرى ، نرى رأي العين ، مظاهر مأساوية تنخر كل مجالات الحياة ، في قرى و مداشر و مراكز غمارة ، غمارة هذه القبيلة التي تضاهي مساحتها حسب ما يقال في المثل ، مساحة “دولة قطر” ، ظلت لقرون من الزمن معلمة شامخة في العلم و الأدب و الأخلاق و السلوك و الجهاد ، حتى أصبحت مضربا للأمثال في كل دول العالمين العربي و الإسلامي ، هي الآن بفعل النبتة “الخبيثة” متهمة و مطاردة و متعسف عليها و مقصية و مهمشة ، و غير مدرجة في جدول اهتمامات المركز الدولتي ، لا لشيئ إلا لأن الذين رخصوا و دعموا زراعة القنب الهندي بالأرض المباركة لغمارة ، فعلوا ذلك بشكل مقصود و مدبر ، كمكيدة لتمرير مخططهم الجهنمي ، القاضي بضرب الأسس العميقة التي انبنت عليها حضارة غمارة العامرة ، منذ أمد بعيد على الصعيد العلمي و الكفاحي و غيرهما . لا نشك على الإطلاق بأن مسألة السماح لأهالي غمارة بزراعة الكيف ، المادة الممنوعة المسموح بها في آن ، هو أمر خطط له بليل و بعناية ، لتظل غمارة أبد الآبدين متهمة و مطاردة ، و في نفس الوقت ليستفيد من عائدات الكيف كل مسؤول بلا استثناء ، استفادة مادية كبيرة ، و كذلك للدولة فائدة أخرى تتلخص في تخليها نهائيا عن تدبير شؤون ساكنة غمارة ، و من ذلك عدم تمكينهم من المرافق و المؤسسات الضرورية و عدم حمل هم أبناء غمارة بتشغيلهم و تأطيرهم و إدماجهم في أعلى هرم الدولة . لا فرق بين غمارة و الشريط الإسباني الأوروبي المقابل لها ، إلا في طريقة استثمار الثروات و طريقة تدبير شان الساكنة ، أي أن الفرق يتلخص في الإنسان ، هناك إنسان يعمل ضميره لصالح وطنه و مواطنيه ، و هنا في غمارة و غيرها إنسان لا يجيد سوى قضاء مصاله و العبث بمصالح المواطنين و خيانة الوطن . بدون مبالغة و كما يعلم العالم ، فإن أقواما رفعتهم الكيف رفعا إلى أن بلغوا عنان السماء من تضخم الثراء و فحشه ، منهم من لازال "مرابطا" في بلده الأصلي المغرب ، متدثرا بعضهم بمظاهر مجال المال و الأعمال و السياسة و غيرها ، و منهم من طغت عليهم ألوان الحشيش طغيانا واضحا ، يركبون ما لا يركبع قادة دول عظمى و يقطنون فيما لا يقطنه وزراء دول أوروبا ، و منهم من هاجر إلى بلاد أوروبا و غيرها ليصبح من الأباطرة الكبار العالميين ، و ينخرط في الشبكات الدولية المتخصصة في الاتجار الدولي في المخدرات بانواعها ، و منهم من غير إسمه ليصول و يجول في وطنه المغرب بإسم مستعار حتى لا تلاحقه أصابع الأمن الداخلي و لا الأنتربول ، غنى فاحش لا يرى سقفه الأعلى ، و على مستويات أخرى في المجتمع نلحظ الفقر المدقع الذي لا تحتاج مظاهره للوصف ، و خاصة في القرى و المداشر و التخوم المسحوقة العالقين في أعالي و سفح الجبال ، و في هوامش و أطراف المدن ممن هجروا ترابهم بحثا عن ظروف عيش كريمة فسقطوا في الفقر المضاعف بسبب عدم قدرة المدينة على الاستجابة لمطالبهم و مبتغياتهم ، نظرا لقصر اليد . عن قصد لم نرد التطرق لعينة جديدة من المتاجرين بنبتة الكيف ، أقصد السياسويين الذين يروجون لخطاب ، أقل ما يمكن أن يوصف به أنه سخيف ، و غير واقعي و غير علمي و لا منطقي ، و لا تربطه بالنبتة و لا بالمنطقة أهاليها أي رابط ، المنطقة ذات التاريخ الحافل بالملاحم الجهادية ، و بسجلات علمائها و رموزها ، و بتنوع تراثها ، و بتميز موقعها الاستراتيجي المطل على الضفة الأخرى من أوروبا ، كل هذه الخصوصيات ضربها الانتهازيون عرض الحائط ، و لم يظهر لهم من مقترحات سوى ما "تقيأته" ضمائرهم ، فعلا قد يبرر ما ذهبت إليه خواطر السياسويين الفاشلين ، المولعين بالركوب على معاناة المستضعفين ، و الممارسين لهواية الصيد في "دخان" الجوان و السبسي ، إصراررهم على الحصول على أعلى محصول انتخابوي لا غير . غمارة المغبونة ، منطقة كبرى ، أريد لها أن تظل كما نرى ، دائما متهمة ، و تارة مسجونة و تارة مطاردة ، في صورة أكبر مؤامرة حيكت ضد الإنسانية في العالم ، و من لم تعجبه قراءتي فليأتيني بدليله ، آتيه بألف دليل ، يثبت تورط المركز في مخطط ضرب تاريخ و حضارة و ماضي و حاضر و مستقبل غمارة ، ما رأيهم : هل "أعزت" نبتة الكيف من تشاء و "أذلت" من تشاء ، منذ أن أعطيت الأوامر السامية لبذرها في غمارة و كتامة ، أم لا ؟؟؟