لا حديث في منطقة بواحمد إقليمشفشاون سوى عن تفشي ظاهرة السرقة الموصوفة ، من طرف الأطفال و المراهقين ، الذين لا يجدون من موجه أو مرب أو محتضن ، يلقنهم ما هم في أمس الحاجة إليه من آداب و أخلاق و استقامة ، فأصبحوا لصوصا بالرغم عنهم ، في ظل غياب المرافق الموكل إليها احتضانهم و السهر على إنقاذهم من كل مظاهر الانفلات و الانحراف . انقلاب جذري على المستوى التربوي و العلمي و الثقافي ، حل بمنطقة غمارة عموما و ببعض مراكز قيادة بواحمد خصوصا ، و على وجه التحديد بمركز بواحمد ، القرية التي عرف عنها منذ تأسيسها بتحلي أهلها بالأخلاق الرفيعة و بالمستوى التعليمي المتميز و بالخصال الحميدة . في غياب الدور الحقيقي للمؤسسات التربوية و التلعيمية ، و في غياب الدور الفاعل لجمعيات المجتمع المدني و في غياب دور السلطة المحلية و في غياب دور الجماعة الترابية ، يخيم على مركز بواحمد شبح خطير ، و يستهدف هذه المرة جيلا ليس في الحسبان ، إنه الجيل الصاعد الذي لا تتراوح أعمار ضحاياه ال20 سنة و لا تقل عن ال10 ، حالة شاذة و خطيرة للغاية تجتاح المركز و بعض القرى القريبة منه ، تتجلى في تعلم هؤلاء الضحايا لعمليات النشل و السرقة و اللصوصية ، إلى حد أن أمرهم أصبح مشهورا و معلوما لدى الخاص و العام . فبعضهم تخصص في سرقة المواد الحديدية تحت إغراء أشخاص يشترون منهم المسروقات بأثمنة زهيدة ، و آخرون يسرقون الدواجن و آخرون يسرقون الأفرشة ، و آخرون يسرقون المواد المختلفة ومنها الهواتف النقالة و الأثاث من البيوت و السوق الأسبوعي و من الأماكن الآهلة بالمتبضعين . أكيد ، كما يقول أغلب الساكنة و منهم ضحايا السرقات ، أن من أسباب تفشي الظاهرة عدم قيام جمعيات المجتمع المدني بأنشطة متنوعة تستهدف شريحة الأطفال و الشباب ، لتقدم لهم مواد ترفيهية و فنية و رياضية ، و تسهر على احتضانهم و تتبع مسارهم التربوي و التعليمي ، لتنتشلهم من كل آفة أو ظاهرة ممكن أن تعرضهم للضياع . في حين يرجع بعض المتتبعين سبب عدم قيام جمعيات المجتمع المدني و خاصة منها الفاعلة و صاحبة مشاريع أفكار الناجعة و القابلة للتطبيق و التفعيل ، يرجعونها إلى سياسة المنع و الحصار و التضييق التي تمارسها السلطة المحلية عليها دون مبرر قانوني ، لتبقى المنطقة مع الأسف مرتعا لتفشي كل الظواهر الهدامة لقيم المجتمع النبيلة الضامنة لاستقراره و تنميته . و أما مجلس الجماعة الترابية فلا خبر له أصلا بهذا الأمر ، إذ لم يدع قط إلى نشاط ثقافي أو ندوة أو غيرها ، من شأنه بلورة رؤية مشتركة مع الساكنة تخص دعم هذه الشريحة المهمة جدا من شرائح المجتمع ، أو أقل ما يمكن أن يقوم به أن يدعم جمعيات المجتمع المدني و يضعها أمام مسؤولياتها اتجاه هذا الأمر و يقوم بتتبعها و بجمع استماراتها و نتائج أعمالها السلبي منه و الإيجابي ، ليتم تسطير برنامج عمل مستقبلي يتصدى لهذا الأمر ، لكن مع الأسف إن الذي يعتبر التدبير الجماعاتي مجرد فترة ولائية ، أنى له أن ينظر أبعد من عدد أشهر و أعوام مكوثه في المجلس الجماعي ؟؟؟!!! و مهما كانت الدوافع و الأسباب من فقر و غيره فإن ظاهرة السرقة و اللصوصية و النشل الممارسة من طرف الأطفال و المراهقين تبدو غريبة جدا و تزداد استفحالا بمركز بواحمد و نواحيه أمام صمت "مشبوه" لكل الجهات المسؤولة ، علما أن من شأن هذه الظاهرة أن تتطور إلى ما هو أخطر ، و لن يكون الخاسر بطبيعة الحال غير الوطن و المواطنين ، لتطرح في ظل هذا الصمت و عدم التدخل لتطويقها أسئلة من قبيل : ما دور السلطة المحلية و ما دور الجماعة الترابية و ما دور جمعيات المجتمع المدني و ما دور المؤسسات التربوية و التلعيمية ، اتجاه هذه الكارثة الأخلاقية الآخذة في التطور ، ما دورهم جميعا إلم يقم كل طرف منهم على حدة بالدور المنوط به كاملا ، في ظل ما يتمتع به من صلاحيات مكفولة بقوة الدستور و القوانين المنظمة لكل قطاع على حدة . ؟؟؟ !!! إن "امتهان" الأطفال و المواهقين للسرقة و اللصوصية و النشل ، يعد مؤشرا سلبيا خطيرا ، يضرب في العمق في مصداقية كل التقارير التي ترفع للجهات العليا عن أحوال المنطقة و ظروف حياة أهلها و مستوى عيشهم و درجة مواطنتهم .