"وطا الحمّام"، بتشديد الميم المفتوحة الممدودة ، ساحة تجمل تاريخ و حضارة شفشاون مدينة الأمير مولاي علي بن موسى بن راشد العلّالي المشيشي العلمي التي أسسها سنة 876 وفاق سنة 1471 ميلادية. بعدما استهل الأمير مولاي علي بن راشد مشروعه العمراني بتأسيس حومة السويقة و بأعلاها "دار المخزن " ، القصبة حاليا، و حلاها برموز السلطة بتهيئ المشوار و السجن و قشائل الجيوش و أروية الخيل و الدواب ، بادر ابنه و خليفته الأمير مولاي محمد إلى توسيع المجال العمراني لاستقبال أهل الأندلس الفارين من بطش محاكم التفتيش و سياسات الإبادة الممنهجة. علاوة على السماح للنازحين الأندلسيين ببناء حومة "ريف الأندلس" ، قام الأمير مولاي محمد ببناء المسجد الأعظم "جامع الكبير" ، الذي انفرد بخطبة الجمعة عن باقي مساجد المدينة إلى حدود سنة 1260 تقريبا، و بُني في عهده الحمّام "الحمّام دْ البلاد" الذي يقرب القصبة و الذي ظل وحيدا إلى أن قام السيد قاسم الهرّاس ببناء حمّام اشتهر باسمه بحومة الهوتة حوالي سنة 1200. في موروث التهيئة المجالية بالمدن المغربية العتيقة، تبنى الحمّامات بفضاءات منبسطة تُدعى بالعامية الشفشاونية "الوطا" لتركين الحطب و لوازم تسخين المياه و الأفرنة. إسوة "بالأوطية" الأخرى المنتشرة عبر مجال مدينة شفشاون كَوْطا الكبير(ملعب كرة القدم حاليا) و الوْطا الصغير (أعلى الكونسورسيو consorcio ) و وطا سيدي عبد الحميد و كذا حومة تدعى "وْطيوي" تصغيرا ، ارتبط وْطا القصبة بأقدم حمّام قائم بالحاضرة الراشدية و به عُرِّف في لغة الشفشاونيين "وْطا الحمّام". عبر قرون و فضاء "وطا الحمّام"يحتضن رمز سيادة الإمارة الراشدية (معلمة القصبة التي بنيت بسواعد السجناء البرتغاليين) و يسع منطلق مواكب صلاة العيدَين نحو المصلى عبر حومة المدقة و موسم مولاي علي بن راشد الممتد على سبعة أيام من يوم المولد الشريف و موسم بوجلود في سياق عيد الأضحى و غيرها من المناسبات . الموروث الحضاري المتواتر الشفشاوني بقرائنه المكتوبة و رواياته الشفاهية المطردة لا يحتمل ، لا تاريخا و لا لغة و لا منطقا، تفسيرا موازيا قد يشكل عفتا للحقيقة التاريخية و لفتا للهوية الشفشاونية و ضربا في براءة طائر الحمام و هديله كبراءة البياض الأصلي لجدران المدينة من زحف الزرقة الدخيلة.