النقابة الوطنية للتعليم العالي المكتب المحلي بكلية العلوم – تطوان – كانت بداية أزمة كلية العلوم فور الاعلان عن نتائج الدورة الأولى التي كانت جد ضعيفة، هذه النتائج تجد جذورها في الإصلاحات الجامعية المرتجلة التي لا تستجيب للواقع ولم توفّر لها الوسائل الضرورية، مما زاد الوضع الحالي تردّيا و المستوى العلمي للطالب تراجعا. فهذه الإصلاحات تمت دون إشراك الفاعلين الأساسيين (الأساتذة والطلبة)، كما تعتريها أعطاب كثيرة في المناهج والمقررات وأنماط التقويم و خلل على مستوى لغة التدريس، و كذا معضلة الاكتظاظ التي وصلت هذه السنة حدّا لا يطاق (200 طالب مكدّس في قاعة سعتها 100 مقعد). اعتبر المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي أن الحلٙقة الأصل في هذه الأزمة ليست النقطة الاقصائية التي كانت الشرارة الأولى، و لكن في انحطاط المستوى العلمي للطالب، و بالتالي فالقضاء على جذور هذا التردّي يستوجب توفير الوسائل المادية و البشرية من تأهيل للبنيات التحتية و إحداث مناصب كافية. و هذه النقط ناقشناها مع عميد الكلية في جميع لقاءاتنا، و لكن الردّ كان ضعف الميزانية و تحكّم رئاسة الجامعة. للتذكير فقرار مجلس الجامعة (فيما يخص النقطة الاقصائية) لم يطبق بهذه المؤسسة منذ 2011، و لكن تدخل رئيس الجامعة على الخط و ترؤسه لمجلس كلية العلوم فرض هذا القرار. إلا أن طمأنة نائب العميد للطلبة في كل اللقاءات بعدم تطبيق هذا القرار هدأت الوضع مؤقتا، و لكن الاعلان عن الدورة الاستدراكية وتطبيق هذه النقطة الاقصائية صدمت جميع الطلبة، فبدأت حركات تطالب بالتراجع عنها، و للأسف بعض الممارسات الطلابية عند المقاطعة انحرفت عن جادّتها، كالمنع الذي طال الجميع من ولوج المدرجات باستعراض القوة، و التهجم الذي تعرض له بعض الأساتذة أثناء مزاولة مهامهم، الشيء الذي استنكره بشدة المكتب المحلي آنذاك. طالبنا الادارة (عمادة و رئاسة) بفتح حوار مع الطلبة للبحث عن حلول معقولة لتجاوز هذا الاحتقان، لكن سياستهم كانت تروم فرض الأمر الواقع و ذلك بالإعلان عن موعد الدورة الاستدراكية و المناداة على الأمن لتطويق قاعات الامتحان، مما نتج عنه توترات و خلٙق مناخا غير سليم بتاتا لاجتياز هذه الاختبارات، و انطلاقا من مبدأ نقابتنا الراسخ رفضنا هذا التواجد الأمني داخل الحرم الجامعي، كما شجبنا الأساليب اللاديمقراطية التي انتهجها بعض الطلبة في حق إخوانهم أثناء المقاطعة. و أكدنا في حينه أننا ضد إلغاء النقطة الاقصائية، و أنه قرار لمجلس الجامعة ملزم لجميع المؤسسات بجامعة عبد المالك السعدي، ولا يمكن أن تشكل كلية العلوم استثناءاً، و في المقابل تشبتنا بموقفنا الداعي إلى الاهتمام بمشاكل الطلبة و العمل على إيجاد الوسائل للرقي بمستواهم. أمام تفاقم الأزمة بصمود الطلبة حتى تحقيق مطلبهم و استمرار تعنت الادارة و تفضيلها الحل الأمني، تمت المناداة على الطلبة لإعادة الاختبارات الاستدراكية للمرة الثانية، حيث تم تطويق الكلية بأكملها من طرف القوات الأمنية، فحدثت الفاجعة (ضحايا من الجانبين، اعتقالات بالجملة، تخريب مرافق المؤسسة، ترهيب العاملين بها، ... )، فحمّلنا المسؤولية فيما جرى من أحداث دامية و من تهديد لسلامة كل العاملين بالكلية لرئاسة الجامعة و العمادة نتيجة تغييب الحوار مع الطلبة و تبنّيهم المقاربة الأمنية، التي كانت من نتائجها الحكم بست سنوات سجن نافذة في حق ثمانية طلبة. اعتبرنا هؤلاء المعتقلين ضحايا لفشل تدبير الأزمة معلنين تضامننا معهم، كما شاركنا في الاعتصامات أمام المحكمة مطالبين بإطلاق سراحهم. و نظرا لهذه التطورات التي زادت في تعقيد الملف، و كذا الغموض الذي يكتنف الإدارة في مواجهة هذا الاحتقان، قام المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بمبادرة للمساهمة في تجاوز هذه الوضعية، و ذلك بعقد جلسة للإنصات إلى الطلبة بحضور الكاتب الجهوي للنقابة و ممثل عن المنظمة المغربية لحقوق الانسان لإقناعهم بتليين مواقفهم (فيما يخص شرط إطلاق سراح المعتقلين) و مطالبة العمادة بنهج أسلوب الحوار. فكان التجاوب التام حيث جلس الجميع على طاولة الحوار، و نوقشت نقط الملف المطلبي للطلبة بحضور المكتب المحلي كملاحظ، و تمت الإستجابة من طرف العمادة لأغلبية نقط الملف المطلبي في إطار ما يخوّل لها القانون الجاري به العمل، كما التزمت بإيصال باقي المطالب إلى الجهات المعنية. أما فيما يخص النقطة الإقصائية التي كانت السبب الرئيسي في اندلاع الأزمة، فقد رفع مجلس الكلية توصية في هذا الشأن إلى رئيس الجامعة لإقرارها في مجلس الجامعة، و لكن سياسة الصمت الغريبة المنتهجة من طرف رئاسة الجامعة لم تساعد على حل الأزمة. فكان أن قام إخواننا الممثلون في مجلس الجامعة بفرض مناقشة هذه النقطة في جدول الأعمال، و انتزعوا قرارا يفضي إلى الحل الجذري للأزمة (إلغاء النقطة الاقصائية بشكل استثنائي بكلية العلوم)، و زادت الأزمة انفراجا حين تم إطلاق سراح الطلبة المعتقلين اسئنافيا. إلا أن هذا الانفراج مع الأسف لم يكن كافيا في نظر الطلبة لاستئناف الدراسة،و اختاروا التصعيد من جديد، و ذلك باحتلالهم رئاسة الجامعة و إجبارهم الرئيس على فتح حوار معهم، كما تم الخروج على كل الأعراف النضالية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب و قرروا شلّ جميع مرافق كلية العلوم بما فيها المختبرات و مكاتب الأساتذة. على إثر هذا التطور الخطير، دعا المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي إلى وقفة احتجاجية استجاب لها الأساتذة بكثافة للتعبير عن سخطهم لما آلت إليه الأوضاع، كما استغربوا الغياب التام للإدارة و عجزها عن وضع حدّ لهذا التسيب و حماية موظفيها من تطاول بعض الطلبة. و عبرنا عن قناعتنا الراسخة بأن أي اتفاق لا يشارك فيه الأساتذة لا يلزمهم، و جدّدنا مطالبة العمادة بالدعوة لعقد مجلس كلية موسع يضم الجميع في أقرب الآجال لاتخاذ قرارات عملية. يمكن اختصار مواقف المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي منذ بداية الأزمة في كلية العلوم في التالي : - الدفاع عن حقوق الطالب في اكتساب المعرفة و توفير الظروف المادية و المعنوية لتحصيل علمي جادّ - رفض التواجد الأمني بالحرم الجامعي - اعتماد الحوار كآلية لحل جميع المشاكل - نبذ العنف بكل تجلياته - احترام الأساتذة و إشراكهم في جميع القرارات.