رغم أن القضية أحيلت على المحكمة، وصدرت فيها أحكام قضائية ضد منفذي الاغتيال، فإن عملية الاغتيال مازالت تثير الجدل حول الجهة التي خططت لها. هناك تضارب بين ثلاث روايات على الأقل: الأولى يدافع عنها رفاق بن جلون وعائلته، ومفادها أن عملية الاغتيال تواطأت فيها ثلاث جهات: واحدة تقول خططت للعملية لم تعرف بعد تماما، وجهة نفذت هي شباب تنظيم الشبيبة الإسلامية. وطرف كان وسيطا بين المخطط والمنفذ، هو عبد الكريم الخطيب برمزيته ومكانته وعلاقاته بنظام الحسن الثاني. محمد اليازغي، القيادي الاتحادي الذي استهدف بالاغتيال كذلك رفقة بنجلون، يرى أن الشباب الذين نفذوا عملية الاغتيال (أحمد سعد ومصطفى خزار)، ما هم إلا أدوات تنفيذ تؤكد تورط الشبيبة الإسلامية في الاغتيال، لكن ذلك لا يعني أنها الطرف الوحيد في تلك العملية. اليازغي يرى أن الطرف الآخر موجود في الدولة، يذهب مباشرة إلى اتهام عبد الكريم الخطيب بأنه احتضن ودافع عن المتهمين الذين نفذوا الاغتيال، بل احتضن أحد العناصر الفاعلة في الجريمة، وهو عبد العزيز النعماني، الذي انتشرت بشأنه معلومات غير مؤكدة تقول إنه كان قائد الجناح المسلح في تنظيم الشبيبة الإسلامية. النعماني احتضنه الخطيب لمدة عام كامل في ضيعة له، قبل أن يتم تهريبه إلى الخارج حيث عاش في فرنسا بأسماء مستعارة، إلى أن وجد مقتولا في باريس سنة 1994. كما يتهم اليازغي الخطيب بأنه ساعد عبد الكريم مطيع، رئيس تنظيم السبيبة الإسلامية، في الهروب إلى الخارج عبر مدينة سبتةالمحتلة. محاولة إقحام الخطيب في عملية الاغتيال رد عليها هذا الأخير، قيد حياته، بالنفي التام. لقد نفى أن يكون على صلة أو علاقة شخصية بعبد الكريم مطيع. وحتى السنوات الأخيرة من حياته، أكد الخطيب أنه التقى مطيع مرتين فقط: الأولى عندما توسط له لدى وزارة التعليم لكي لا يتم تنقيله إلى مدينة بعيدة، والثانية، حينما جاء خائفا إلى ملتقى داخلي لحزب الخطيب (الحركة الشعبية الدستورية )، وأخبره باغتيال عمر بنجلون. ويؤكد الخطيب أنه وجه إلى مطيع سؤالا آنذاك مفاده: ((وما علاقتك أنت بمقتل بنجلون؟)). فكان جواب مطيع: ((لا علاقة لي بمقتله)) فقال له الخطيب:((ولم أنت خائف إذن)). وأضاف الخطيب أنه لما إنتهى من الملتقى الحزبي سمع أن مطيع غادر التراب المغربي نحو الخارج، خصوصا أن اسمه تم تداوله في المحكمة كمتهم رئيس. لكن الخطيب، في آخر حديث له حول هذا الحدث (برنامج المشاهد، على القناة الأولى) اعترف بأمر جيد لم يذكره في مذكراته ((مسار حياة))، وهو الحسن الثاني استدعاه إلى القصر، وقال له إن اسمه ورد في ملف اغتيال بن جلون، فنفى له مرة أخرى أية علاقة له بعملية الاغتيال. وأشار الخطيب إلى أن العلاقة الوحيدة التي تربطه بالملف تكمن في أنه عمل على استقدام محام من مصر للدفاع عن المتهمين حين رفض المحامون المغاربة الدفاع عنهم، وأكد أنه فعل ذلك بوازع ديني. الشبيبة الإسلامية التي تعرضت للتفكك على إثر تلك الجريمة، حيث هرب قادتها إلى الخارج بينما اعتقال آخرون، نفت، في وقت لاحق، أية علاقة لها بالاغتيال، واعتبرت أن عبد العزيز النعماني، الذي يروج أنه الرأس المدبر للجريمة، لم يكن من قادة الشبيبة، وأنه كان من أتباع عبد الكريم الخطيب. لكن هناك شهادات توالت مع الزمن ذهبت إلى اتهام أجهزة أمنية بالوقوف وراء الاغتيال. منها شهادة ضابط الاستخبارات أحمد البخاري(الكاب1)، الذي كانت وراء التخطيط للجريمة، وأنها نسجت علاقات مع شباب إسلامي متحمس لهذا الغرض. اتهام الأجهزة الأمنية ورد أيضا في تقرير كانت قد أعدته هيئة الإنصاف والمصالحة حول لغز اغتيال بنجلون، نشرته جريدة ((الحياة)) سنة 2008، ذهب إلى أن عملية الاغتيال خطط لها تنظيم أمني خاص، لكن لم يذهب التقرير إلى نهاية فك اللغز بخصوص ما إذا كان قرار الاغتيال أمنيا فقط أم سياسيا اتخذ على أعلى المستويات، خاصة أن نتائجته كانت كبيرة، حيث أدى إلى ضرب أي تقارب بين الإسلاميين واليساريين، بل حفر شكا عميقا بين الطرفين، وأدى إلى تفكك أول تنظيم إسلامي حركي مغربي. و يبقى الغموض سيد الموقف في ظل خوف من له تفاصيل الجريمة عن البوح بحقيقة الاغتيال و تعرية من يقف مباشرة من ورائها .