لأني مجروح بجرح عميق ، جرح الظلم والحگرة، فقلبي على أهلنا في الحسيمة ونواحيها بل قلبي على كل مظلوم ومحگور في الجهات الأربع من هذا الوطن الغالي . وأقول أن ما يجري في الحسيمة من حراك يتطلب منا جميعا نحن المغاربة أن نهب باصرار وعزيمة مطالبين بفهمه ومعرفة أسبابه بكل تفاصيلها وتعقيداتها . والفهم والمعرفة يتطلبان القرب من ساكنة الحسيمة والجلوس مع تنسيقية هذا الحراك ومع كل الفعاليات السياسية وممثلي المجتمع المدني بهذه المدينة وإلقاء السمع ، بكل الجوارح ، لما يقوله أبناء الحسيمة ويطالبون به حتى يتسنى تشخيص المشكل تشخيصا حقيقيا ومعرفة المطالب بكل وضوح . فالتشخيص الصحيح نصف الحل أو العلاج كما يقال . الاستماع والحوار العمومي الشفاف أمام الرآي العام المغربي وبهدف إيجاد الحلول المناسبة والسهر على تفعيل هذه الحلول هو السبيل لجعل حد للاحتقان المتصاعد في هذه المدينة والمنطقة من المغرب ، حتى لا تحول الدماميل إلى تقرحات والتقرحات إلى تورمات وغنغرينة قاتلة . بالتأكيد نريد الاستماع إلى سكان الحسيمة بعيدا عن الأحكام القبلية الجاهزة والتمثلات المتحاملة والخاطئة والخلاصات السهلة . وبعيدا عن تعكير المياه التي يجب أن تتدفق نقية رقراقة بين أبناء الوطن الواحد ولقطع الطريق على كل من يريد الاصطياد في الماء العكر . وأقولها بكل صراحة وقوة ، شخصيا أعتبر ما يحصل في الحسيمة وما يحصل أو قد يحصل في جهات ومناطق أخرى من المغرب هو نتاج لمصالحة وطنية لم تكتمل أو تم إجهاضها وآن الأوان أن نفتح أوراش المصالحات الوطنية التاريخية من جديد لتصحيح الاختلالات وتقويم المسارات وبأسرع وقت ممكن . هذا لا يعني أن ليس هناك من يريد استغلال الأوضاع المعقدة والتوتر السائد لخدمة أجندات خارجية متربصة بوحدتنا واستقرارنا وأيضا لخدمة مصالح جهات داخلية تنتعش في أجواء التوتر والاحتراب الداخلي . لكن من واجب كل وطني غيور على هذا البلد أن يعمل على قطع الطريق على المتربصين والخونة والعملاء والمنتفعين من التوتر والبداية ستكون بازالة كل أسباب هذا التوتر والاحتقان . لا بد أن نتحاشى أخطاء الماضي التي ارتكبت في سنوات الرصاص وعكرت الأجواء وعقدت الكثير من المشاكل وعلى رأسها قضية الصحراء حيث كان اعتماد مقاربة أمنية وضعت جزرة الريع في يد وفي اليد الأخرى عصى القمع مما أوصل هذه القضية إلى مآلات نعرفها جميعا . وأكيد أن الكثير من التجارب العالمية تبين أن المقاربة الأمنية مهما كانت قيمتها تبقى محدودة المردودية في حل المشاكل ذات الطابع السياسي والاجتماعي والاقتصادي . نعم الأمن الأمني والاستقرار مطلوب وواجب على الدولة توفيره متى خرجت الاحتجاجات عن السلمية ولكن لا بد من اعطاء الأولوية لتوفير الأمن السياسي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.