لا يختلف اثنان على أن حزب التجمع الوطني للأحرار هو حزب إداري مارس السياسة تحت أجنحة الدولة منذ أن تأسس ، وتاريخيا معروف على الحزب انه حزب التوافقات والترضيات الداخلية وما بينه وبين الاستحقاق الداخلي غير الخير والإحسان و لم يتعود منتسبي الحزب (ولا اقول مناضليه) على رفع الأصوات أمام أعيان الحزب . غير أن الحزب يعرف عليه كذلك انه كان محج لكثير من الكفاءات والأطر والخبراء الذين يفضلون اختصار المسافات و النزول بالمضلات داخل الهياكل دون المرور عبر الآليات الديمقراطية، استفادت معظم هذه الأسماء من تأجيل الحزب للديمقراطية الداخلية لسنوات عديدة واستفادت كذلك بعض الأسماء من العملية ووصلوا الى البرلمان والدوواين الوزارية وكل المجالس المنتخب وظل الحزب وفيا لمنهجيته واسلوبه في التعامل مع منتسبيه رغم كل المتغيرات التي شهدها المشهد الحزبي والسياسي المغربي وهذا الاختيار تقريبا كان منهجية عمل الحزب وطنيا. وعلى قول الفقهاء المناسبة شرط فماسبة هذا المقال ما يشهده اليوم حزب الأحرار محليا (طنجة) من هجرة شبه جماعية لكثير من الوجوه المخضرمة التي تعودت الترشح باسمه إلى أحزاب أخرى واستقباله لوجوه أخرى داخله على بعد أشهر من الاستحقاقات المقبلة هذا العمل يؤكد بالملموس أن من يدير الحزب وحوارييه يعتقدون أن تدبير وتسيير مؤسسة حزبية شبيه بتدبير الشركات الخاصة وهذا معتقد غارق في الأنانية وبعيد كل البعد عن قيم الديمقراطية . قيادات حزبية غير مستعدة لتغيير نمط اشتغالها المحصور في استقطاب الأعيان وأصحاب المال وباورنات الانتخابات الذين يعول على علاقاتهم ونفودهم داخل محيطهم، هكذا عمل بالطبع يعود على الحزب بالنفع على مستوى المقاعد حتى أضحى وجودهم داخل المجالس المنتخب من المسلمات، إلا أن اكتساح العدالة و التنمية للانتخابات الأخيرة شتت شمل تحالف الاعيان وأخرجه من دائرة التسيير. نمط اشتغال حزب الأحرار يساهم اليوم بكثير من الجهد في تدمير العمل الحزبي وضربه في مقتل بسبب سيطرة الأعيان وأصحاب المال الذين يعتمدون على منطق البيع والشراء والربح والخسارة واعتبارهم الحزب ملكية محفظة باسمهم ولا يستطيع احد منازعتهم في ما يملكون ولا يؤمنون لا بالتشبيب ولا بضرورة إعداد الخلف او التنافس في تسلق المهام داخل الحزب . ما تسرب من معلومات من داخل الحزب حول الاستقالات منه والهروب إلى أحزاب أخرى آخرها التحاق عبد العزيز بن عزوز الرئيس السابق لمقاطعة مغوغة بحزب الاصالة والمعاصرة بسبب التوافقات والإرضاءات والكولسة البعيدة عن منطق الاستحقاق هو إشارة قوية على أن الحزب محليا عجز لحدود الساعة على التقاط الإشارات المتعدد لعاهل البلاد الذي أكد في معظم خطبه الموجهة للفاعلين السياسين على ضرورة تفعيل الديمقراطية وترسيخ مبادئها داخل الاحزاب التي تعتبر بمثابة مراكز التكوين و التاطير وتخريج أفواج المناضلين وليس مركز لاداء فروض الولاء و الطاعة.