أكّدت الملكة إليزابيث الثانية الجمعة ضرورة أن يتوصل البريطانيون إلى “أرضية مشتركة للحوار”، في موقف يعتبر إشارة مباشرة إلى الجدل الذي يمزق المملكة المتحدة حول بريكست حاليا. وترجمت الحكومة على الفور تصريحاتها، النادرة في المجال السياسي، باعتبارها دعما كبيرا لبحثها الحثيث على توافق بشأن بريكست. وفي حين تواجه بريطانيا مأزقا كبيرا قبل نحو شهرين من انسحابها من الاتحاد الاوروبي المقرر في 29 آذار/مارس المقبل، دعا بعض النواب الملكة الى التدخل وطمأنة البريطانيين القلقين حيال مستقبلهم. ويبدو ان الملكة استجابت لتلك الدعوات في شكل غير مباشر في كلمة القتها أمام منظمة “مركز المرأة”، وهي المنظمة التي انضمت اليها حين كانت لا تزال أميرة عام 1943. وقالت الملكة البالغة من العمر 92 عاماً مساء الخميس “بالطبع كل جيل يواجه تحديات جديدة”. وتابعت “خلال بحثنا عن أجوبة جديدة في هذا الزمن الحديث، أفضل من جهتي اعتماد الوصفات المؤكدة، مثل التحاور باحترام واحترام وجهات النظر المختلفة، والتكتّل من أجل البحث عن أرضية مشتركة للحوار وأن لا ننسى أبداً أنه علينا تجنب الاندفاع”. وأضافت الملكة اليزابيث الثانية “بالنسبة لي، تلك المقاربات أبدية، وأوصي الجميع الاخذ بها”. وأشادت الملكة بقيم هذه المنظمة العاملة من أجل النساء، مثل “الصبر والصداقة والنهج المجتمعي القوي والأخذ بعين الاعتبار حاجات الآخرين”. بدوره، قال قال وزير المالية فيليب هاموند لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) “أعتقد ان هناك قدر مهم من الحكمة في هذه الكلمات”. وتابع “لقد كان مصدر قوتنا الكبيرة خلال قرون يكمن في قدرتنا على إيجاد توافقات تجمع أمتنا”. – “الملكة تؤيد بريكست؟” – واعتبرت تصريحات الملكة إليزابيث في المملكة المتحدة إشارة إلى التوتر المتعلق بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. وللملكة واجب في التحفظ عن ابداء رأي سياسي. لذا، فانها تبقى على الحياد بشأن القضايا السياسية في البلاد. أما خطابها في عيد الميلاد، الذي لم تستهدفه الحكومة خلافاً لتدخلاتها الأخرى، فانه احد المناسبات النادرة التي تعبّر فيها الملكة عن آرائها الشخصية. وفي خطابها بمناسبة عيد الميلاد، كانت الملكة قد دعت البريطانيين إلى أن يظهروا الاحترام لبعضهم البعض. وقالت “رغم أن خلافات عميقة تفصل بيننا، فإن معاملة الآخرين باحترام، ككائن بشري، هي دائماً خطوة أولى جيّدة”. وأشار بعض النواب المحافظين إلى أنّ الملكة يمكنها ايقاف أي قانون هدفه تعطيل أو عرقلة بريكست. نظريا، تتمتع الملكة بسلطات كبيرة لكنها نادرا أو أبدا لم تستخدمها في التاريخ الحديث. وخلال حملة الاستفتاء في العام 2016، اثارت صحيفة “ذا صن” غضبا واسعا بسبب عنوان على صدر صفحتها الأولى يعلن اّن “الملكة تؤيد بريكست”. وذكرت الصحيفة الأكثر انتشارا نقلا عن مصدر لم تذكره أن الملكة أبلغت نائب رئيس الوزراء حينها نيك كليغ المؤيد للبقاء في الاتحاد الاوروبي خلال حفل غداء في العام 2011 إنّ الاتحاد الأوروبي “يسير في الطريق الخاطئ”. وأضافت الصحيفة أنّ الملكة سبق وأبلغت نوابا أنها “لا تفهم أوروبا”. وأثار المقال شكوى نادرة من قصر باكنغهام وهيئة تنظيم الإعلام البريطاني التي أقرت أنّ العنوان كان “مخادعا على شكل كبير”. وذكر “ذا ديلي بيست” أيضا قبل الاستفتاء أن الملكة سألت ضيوفها في حفل عشاء أن يعطوها “ثلاثة أسباب جيدة” لماذا يجب أن تبقى بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. – “مشكلة معقدة جدا” – لكن حفيدها وليام، الثاني على ترتيب خلافة العرش، أثار تكهنات في اتجاه مختلف بتصريحات عن علاقة بلاده بالاتحاد الاوروبي. وفي خطاب أمام دبلوماسيين بريطانيين، قال وليام إنّ قدرة بريطانيا على العمل مع الشعوب الأخرى كانت دائما “حجر الأساس لأمننا وازدهارنا”. وأثارت هذه التصريحات تكهنات بأنه يدعم بقاء عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي. لكن شقيقه هاري ربما لا يوافقه الرأي تماما، على الأقل حسبما أفصح حماه. وقال توماس ماركل لتلفزيون “اي تي في” بعد حفل زواج ابنته الممثلة التلفزيونية السابقة ميغان ماركل إنّ الأمير هاري أبلغه أنه “منفتح على تجربة” بريكست. وأثارت الملكة تكهنات متناقضة حين حضرت مراسم افتتاح البرلمان في العام 2017 معتمرة قبعة زرقاء ربطها البعض بعلم الاتحاد الاوروبي. وبعد عام، اشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب النقاش مجددا حول أراء الملكة الخاصة، قائلا إنه ناقش أمر بريكست معها خلال لقاء بينهما. وقال ترامب لصحيفة “ذا ميل” الأحد “قالت (الملكة) إنّها مشكلة معقدة للغاية وهي على صواب”.