بعد طردها في كل من ألمانيا وجنوب افريقيا جاء دوره امانديس (فيوليا) بالمغرب. الا ان وضعها هنا يضرب له ألف حساب فهي بعقدها المبرم آنذاك مع رعاياها رابحة في كل الاحوال، فسواءا رحلت و حملت في جعبتها مايزيد عن مليارين من الدراهم أم بقيت في بلاد تعتبر بقرة حلوب للفرنسيين خصوصاً في هذا القطاع بوصفه قطاعا مربحا بدون عناء لكون الزبون مجبرا وليس مخيرا. لكن قبل كل شيئ كان لابد من كلمة حق وشكر في حقها فما حققته امانديس لم يستطع ان يستبقها اليه احد. إذ هنا لابد لنامن وقفة تأمل في خيرات هذه الشركة على المغربي عموما والطنجي خصوصاً. 1_ أولى حسنات أمانديس أنها جعلت سكان طنجة على قلب رجل واحد؛ فلاول مرة في تاريخ المدينة المعاصر تشهد طنجة مثل هته الاحتجاجات بشكل حضاري سلمي وبمطلب مشروع يجمع حوله كل أطياف الساكنة الطنجاوية. فمنذ أول وقفة لسكان حي بئر الشفاء الصامدة للأسبوع الرابع إمتدت هذه المدة بدون تسجيل أي شغب أو خروج عن الخط المرسوم عفويا 2_ ثانياً استطاعت أن ترسم للطنجيين صورة حضارية راقية أخدت بعدا وطنيا ثم دولياً بتغطية كل وسائل الإعلام بكل أنواعها لهذه الإحتجاجات ووصفها بالسلمية والمشروعة، هذا بالإضافة لما أبانو عنه الطنجيين من إبداع كإطفاء الأضواء وإشعال الشموع كشكل إحتجاجي غير مسبوق. 3_ثم إن خروج سكان طنجة أعاد رسم المعادلة بشكلها الصحيح بحيث أصبحت الكلمة الأولى والأخيرة بيد الشعب وهو الماسك بمجريات الأمور بعد أن كان يخشى من عصى المخزن. 4_ النقطة الرابعة التي تحسب "لأمانديس" هي أنها أعادت حسابات الداخلية وأمنها، إذ أن الطريقة التي أضحت تتعامل بها المصالح الأمنية بدءاً من تظاهرة الطنجيين لم يسبق أن إستعملها الأمن المغربي وهي توفير الحماية للممتلكات الخاصة والأشخاص وترك المتظاهرين يعبرون عن ما بدواخلهم بحرية وبدون اللجوء لسياسة العصى. 5_ثم في الأخير بعدما حاولت الشركة الغول ورعاياها توريط مجلس منتخب ممثل لسكان المدينة بأغلبية غير مسبوقة إنقلب سحرها عليها؛ فبفضل إحتجاجات الطنجيين وضغط ممثليهم تنازلت الشركة المعلومة عن خدمات لم تكن قد أعدت لها ورعاياها أي عدة ولم يسبق لها أن وصلت للركوع للإرادة الشعبية كما وصلت اليه حالياً. بعد كل هذه الخدمات ما يمكن أن يدعو إليه الفرد هو الإنتباه من أي إنزلاق قد يؤدي لتحويل الحلم إلى كابوس. إذ على كل الطنجيين أن يحدرو كيد الكائدين وتربص المتربصين وأن يكتفو بما وصلو إليه، إلإ إذا كانو مستعدين للحفاظ على المنحى السلمي الراقي وهو شيئ لا أظن أنه سهل المنال.