من عادات المغاربة أن ينادوا الأشياء بغير مسمياتها، كأن يُلقب الأصلع ب"المشعكك"، والشخص صعب المراس ب"الضريف"، والرخيص ب"الغالي". ولنا، والحمد لله، غاليان: الأول إبراهيم غالي، الذي لا يخفى على كل مغربي وطني حر ما يمثله من تحدٍ لنا، والثاني عزيز غالي، الذي أصبح غاليًا على كل من يتنكر لوحدة تراب هذا الوطن. ما يثيرني حقًا، كيف لجمعية تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان أن تتحدث في قضية سياسية كقضية الصحراء المغربية؟ هذه القضية التي تناقش في إطار الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة، الذي يدعو إلى حل النزاعات بالطرق السلمية. ولعل المفارقة أن هذه الجمعية، التي يُفترض بها الحياد الحقوقي، ما هي في الواقع إلا تجمع لبقايا تنظيم "إلى الأمام" الماركسي، الذي كان يُجاهر بدعوات الانفصال، بل وشارك بعض أعضائه في حمل السلاح إلى جانب جبهة البوليساريو ضد الجيش المغربي. نعم، كانوا يقاتلون ضدنا، ضد الوطن. لذلك، فإن تصريحات مثل تلك التي صدرت عن الجمعية ليست بالجديدة ولا بالمفاجئة. ولو حللنا ما قيل، لوجدنا أنها أقوال خاوية من أي مضمون أو توضيح لكيفية انتقال الجمعية من تبني مصطلح "تقرير المصير" إلى الحديث عن "حل سلمي". هذا التناقض يُظهر زيف الشعارات التي يرددونها. إن مثل هذه التصريحات، برغم تفاهتها، يجب أن تؤخذ في سياق حرية التعبير، فمن حق كل شخص أن يقول ما يشاء، والحكم النهائي يبقى للشعب. المغرب اليوم في وضع قوي ومريح، يستطيع تقبّل جميع الآراء، حتى تلك التي لا تروق لنا أو تخالف الإجماع الوطني. لكن، رغم ذلك، أرى أن هذه التصريحات تكشف حقيقة أصحابها؛ أولئك المنافقين الذين يتاجرون بشعارات حقوق الإنسان، بينما هم في الواقع لا يؤمنون حتى بحق الوطن في وحدته الترابية. كيف يمكن الحديث عن حقوق الإنسان وأنت تتنكر لحق الشعب المغربي في صحرائه، التي هي جزء لا يتجزأ من تاريخه وجغرافيته وعقيدته؟ الميزان الحقيقي هو الانتخابات. فلا أحد صوت لعزيز غالي، ولا أحد أعطى الشرعية للنهج الديمقراطي. الشعب المغربي يدرك حقيقتهم، ودعهم يقولون ما يشاؤون، فالوطن لا يخشى من الانفصاليين المعلنين بقدر ما يخشى الانفصاليين الصامتين الذين يتخفون تحت عباءة الحياد. أما ما يزعجني شخصيًا فهو إصرار عزيز غالي على استفزاز مشاعرنا الوطنية، سواء بتصريحاته أو حتى بارتداء شارة تحمل شعار حزب الله، في تحدٍ صارخ لكل قيم المغاربة ومبادئهم. هذا السلوك، بدلًا من أن يشفع له عند المغاربة، يزيد من عزلته ويكشف عن قناعاته المتطرفة التي تفتقر لأي عمق ثقافي أو تاريخي. في دول أخرى، مثل بريطانيا أو الصين، تُعدّ مثل هذه التصريحات خيانة عظمى تستحق أشد العقوبات. كيف يمكن تصور أن يعيش بيننا أشخاص لا يؤمنون بحق المغرب في صحرائه، التي استرجعها بالسلم من خلال المسيرة الخضراء، وبالسلاح دفاعًا عن كل حبة رمل؟ الصحراء مغربية بحق البيعة التي تربطها بالعرش العلوي المجيد، وبحق التاريخ الذي لا يستطيع فهمه أولئك الذين ما زالوا يحملون أفكارًا متخلفة عفا عنها الزمن. ختامًا، أقول لعزيز غالي ومن على شاكلته: ما تدّعون الدفاع عنه من حقوق الإنسان ليس سوى انعكاس لفشل ثقافي ومجتمعي. إن ترديد الشعارات الجوفاء لا يُخفي حقيقة مواقفكم العدائية. وإذا أصررتم على إلحاحكم في استفزاز المغاربة، فإن الإجابة ستكون دائمًا من الشعب، الذي يملك قناعة راسخة بوطنه ووحدته.