في الولاياتالمتحدة وفي دول أوروبية عديدة منها ألمانيا وفرنسا وبلجيكا … وغيرها كثير، يخوض السياسيون سواء من موقع الحكومات أو المعارضات نقاشا عموميا ينطلق من حقيقة لا جدال حولها وهي تحقيق شركات الطاقة لأرباح استثنائية وغير مسبوقة منذ مدة ليست بالقصيرة، وذلك بسبب تداعيات التحولات والاضطرابات الجيوسياسية وما ترتب عنها من آثار على أسواق وأثمنة الطاقة في العالم… السياسيون بهذه الدول يناقشون هذا الموضوع بدون عقد، وأغلب آرائهم تقر بضرورة تضريب هذه الشركات، ويبقى الخلاف بينهم في التفاصيل والحيثيات، هل يتم تضريب الشركات تضريبا يراعي كل مورد طاقة على حدة، بالنظر إلى مصدره وتكلفته؟ (مثال ذلك تضريب شركات إنتاج وتوزيع الكهرباء بحسب نوع طاقة الإنتاج، نووية أم غاز طبيعي..). أم ينبغي فرض ضريبة تضامنية إلى حين استقرار وتراجع أثمنة الطاقة؟ وفي كل هذا النقاش خيط واحد ناظم هو الانتباه إلى الوضعية الصعبة التي صارت إليها فئات اجتماعية واسعة سواء منها الطبقات الهشة أو الطبقة الوسطى الدنيا، بحيث أصبح إكمال الشهر وتدبير مصاريفه هو الهم اليومي والشغل الشاغل لكل هذه الفئات. أتابع هذه النقاشات العمومية في وسائل الإعلام الأجنبية، وكيف يحضر فيها السياسيون من الأغلبيات والمعارضات، وكيف يديرها صحافيون مهنيون يقومون بمهامهم على أكمل وجه، أتابع كل هذا وأقارنه بما نعيشه من فراغ سياسي رهيب وغياب كامل لأي نقاش عمومي حقيقي وجدي، وكأن البلاد لا مشاكل فيها ولا ساسة ولا إعلاميين. طبعا لم يخطر بذهني أن أتخيل، مجرد خيال، نقاشا عموميا يحضره رئيس الحكومة أو وزراؤه لمناقشة ملف "تضريب شركات الطاقة" فذلك طمع في محال، فكيف السبيل إلى تضريب شركات رئيس الحكومة بقرار حكومي؟ وبالمناسبة حتى هذه الموجات من الغلاء الفاحش وغير المبرر والمفسر، التي تهم كثيرا من المواد، منها الأدوات المدرسية التي تباع في كثير من الأحيان بأثمنة تتساوى أو تفوق الأثمنة الموجودة في الدول الأوروبية، قلت حتى هذا الغلاء الفاحش لا يستطيع رئيس الحكومة مواجهته لأن في فمه ماء، ذلك أنه إذا أراد القيام بذلك فسيقال له .. "قل لشركاتك تخفض أثمنة منتجاتها.. عاد آجي عاود لينا زابورك".. الحاصول #تستاهلوا_أحسن