يلاحظ خلال السنوات الأخيرة تنامي تدخين السيجارة الالكترونية في صفوف التلاميذ والمراهقين والشباب، مما يدق ناقوس الخطر بشأن المخاطر التي يمثلها هذا النوع من السجائر ، التي يتم الترويج لها ك"بديل أقل ضررا" مقارنة بالسجائر العادية، على صحة هؤلاء "المدخنين الصغار" وتحصيلهم الدراسي. وفي هذا الصدد يسلط ا عبد السلام كرومبي، رئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات، في معرض جوابه عن ثلاثة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء، الضوء على انتشار هذه الظاهرة، والعوامل التي تزيد من تفشيها، فضلا عن المبادرات التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني للتصدي لها. 1 – باعتباركم فاعلين في المجتمع المدني ومطلعين على ما يحدث في الميدان، كيف تقيمون ظاهرة تفشي تدخين السجائر الالكترونية ؟ بالفعل، عملنا في أوراش الوقاية والتحسيس، خاصة بالفضاءات التعليمية، جعلنا نستقي ونقف على شهادات الأطر التربوية والإدارية التي تؤكد لنا أثناء الحملات التوعوية التي نقوم بها أن وتيرة تعاطي السيجارة الالكترونية بين التلاميذ بكل الأسلاك، بدأت في الآونة الأخيرة تأخذ منحى تصاعديا. وهذه الشهادة تجد ما يعززها في ارتفاع الحالات الواردة علينا بالقطب الاجتماعي لمركز طب الإدمان المتواجد بمدينة مكناس، والذي تتولى جمعيتنا تدبيره وتقديم خدماتها للساكنة في مجال التوجيه والإرشاد والإنصات والمواكبة، خاصة لفائدة الأسر التي تعاني جراء سقوط أطفالها في الإدمان. إذ تشير الأرقام والإحصائيات التي نتوفر عليها إلى وجود ارتفاع مضطرد في الحالات التي تخص تعاطي الأطفال للسيجارة الالكترونية وإدمانهم عليها. بالإضافة إلى هذين المؤشرين الدالين على تفشي الظاهرة، فإننا نتلقى مكالمات وتبليغات كثيرة عن حالات تعاطي أطفال في سن مبكرة لهذا النوع من السجائر الذي ينطوي بدوره على خطورة بالغة، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يتأثر نموهم البدني والعقلي والوجداني بشدة بفعل استهلاكهم لهذه المواد ذات السمية العالية. 2 – ما هي في نظركم العوامل التي تزيد من تفشي هذه الظاهرة ؟ عوامل تفشي هذه الظاهرة متشابكة ومعقدة، لكن يبقى أبرزها السياسة التسويقية التي عمل عليها لوبي التبغ، حيث كان الهدف منها توسيع قاعدة زبنائه من حيث السن والجنس بإغواء الأطفال صغار السن وشريحة الإناث عبر منتوج السيجارة الالكترونية التي توفر الجاذبية المطلوبة على مستوى الشكل والحجم والرائحة، وأيضا تجاوز العقبات الاجتماعية التي يفرضها المجتمع على استهلاك السيجارة بالنسبة للأطفال والنساء برفع الحرج عن هؤلاء فيما يتعلق بالتردد المتكرر على نقاط البيع وسهولة افتضاح أمر المدخن. ويساهم ترك القانون رقم 15.91 حبيس الرفوف لما يقرب من ثلاثين سنة دون أجرأة، في ترسيخ وتثبيت هذه السياسة التسويقية المدمرة التي قد تكون نتائجها كارثية في المدى المنظور إذا لم تتخذ الإجراءات المستعجلة والضرورية لإيقاف زحف هذه الآفة التي نعتبرها داخل الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات التهديد الأول لشباب بلدنا، وبالتالي للمشروع المجتمعي برمته. كما أن مسؤولية أولياء الأمور والمجتمع المدني تبقى قائمة في التصدي لهذه المعضلة المجتمعية من خلال انخراط أكبر في ورش رفع منسوب الوعي بخطورة الظاهرة ومحاربة التطبيع معها بالحزم المطلوب. 3 – ما هي المبادرات التي تقومون بها للحد من انتشار هذه الظاهرة ؟ وما هي بنظركم الحلول الناجعة للتصدي لها ؟ على قلة مواردنا بالنظر إلى ما يتمتع به لوبي صناعة وترويج وبيع هذه المواد السامة من إمكانات ضخمة ومناصرين وغطاءات، فإن قناعاتنا جعلتنا نسخر كل مجهوداتنا من أجل تقديم خدمات توعوية بمخاطر وقوع الأطفال في عوالم الإدمان وما يترتب عن ذلك من كلفة باهضة سواء على مستقبل الفرد أو الأسرة أو المجتمع. وهكذا قمنا بتعزيز حملاتنا الوقائية وتوسيع شراكاتنا وكذلك اعتماد طرق علمية جديدة وناجعة تتبنى الوقاية المبكرة وتعتمد بالأساس على اكتساب الأطفال المهارات الاجتماعية والنفسية اللازمة التي تمكنهم من تعزيز الثقة بأنفسهم والتعامل مع دعوات أخذ السيجارة الالكترونية بما يكفي من الحذر. كما أننا نقوم داخل فضاءات القطب الاجتماعي الذي نديره بمركز طب الإدمان بتجنيب الأطفال السلوكيات المنحرفة من قبيل التعاطي للسيجارة، وذلك عبر تشجيعهم على ممارسة الرياضة والفنون والقراءة.