سلطت تظاهرة "أيام جبالة الأولى"، المنظمة مؤخرا بالجماعة الترابية القلة بإقليم العرائش، الضوء على التراث المادي والطبيعي للمنطقة. وتضمن برنامج الفعالية، المنظمة تحت شعار "جبالة، عمق التاريخ وهبة الطبيعة" من طرف مؤسسة ذاكرة جبالة بشراكة جماعتي القلة والقصر الكبير والمجلس الإقليمي للعرائش ومختبر التخطيط الجهوي والتنمية الترابية وجماعة نادي التراث والثقافة والتنمية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، ندوات فكرية ودورات تكوينية ومعارض للمنتجات المجالية. وانطلقت أيام جبالة الأولى، يوم الخميس الماضي، بدورة تكوينية لفائدة النسيج التعاوني والجمعوي بجماعة القلة، حول موضوع "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني : نموذج التعاونيات الفلاحية"، والتي شهدت مشاركة حوالي 40 مشاركا، والتي تمحورت عروضها حول المعطيات الطبيعية والاقتصادية للمنطقة، وآليات اشتغال التعاونيات الفلاحية، وإطارها القانوني. في كلمة خلال الافتتاح، أشار رئيس مؤسسة ذاكرة جبالة، سعيد الحاجي، إلى أهمية تقريب هذه الأنشطة من ساكنة المنطقة، معتبرا بأن شعار الدورة يعكس ما تتوفر عليه هذه المنطقة من تراث ثقافي وطبيعي غني يحتاج إلى مجهودات بحثية أكبر لتثمينه واستثماره في التنمية المحلية. وتميز الافتتاح بكلمات رئيس جماعة القلة والمديرة الإقليمية للاستشارة الفلاحية بالعرائش، واللذين تطرقا إلى مجموعة من المعطيات التاريخية والاقتصادية لمنطقة القلة، والجهود المبذولة من أجل مواكبة الفلاحين والتعاونيات الفلاحية على تطوير المنتجات وتسويقها. وتواصلت الفعاليات في ثاني أيام الملتقى بتنظيم ندوة فكرية حول تاريخ ومؤهلات منطقة جبالة، حيث أكد المؤرخ محمد أخريف، رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، أن المنطقة في أمس الحاجة لمثل هذه المبادرات من أجل التعريف بتاريخها وأهميتها، معتبرا أن للمنطقة تاريخ موغل في القدم، كما تكتنز عدة شواهد تاريخية ثمينة. ودعا الباحث دارسي التاريخ إلى العناية والتعريف بهذه المنطقة الثرية ، التي لم تنل حقها من الاهتمام، وتنتظر من ينفض عليها الغبار وهي مليئة بالكهوف والمآثر والوثائق، إلى جانب غنى موسيقى وفلكور جبالة ووجود عادات تميزها عن غيرها، مبرزا مقاومة سكان المنطقة للاستعمار الأجنبي منذ القدم، لاسيما خلال معركة وادي المخازن ومقاومة الاسبان منذ 1913 إلى 1927 ومساندة المقاومة الريفية. من جانبه، اعتبر عبد الوهاب إيد الحاج، منسق ماستر السياحة المسؤولة والتنمية المستدامة بكلية العلوم بتطوان، أن مثل هذه الملتقيات من شأنها تنمية المنطقة والتعريف بها والعناية بتراثها وتثمينه، مسجلا أن مفهوم السياحة تغير ولم يعد يقتصر على الفنادق الفخمة، بل أصبحت السياحة تعتمد على المنتوجات التقليدية والثقافات والفنون المحلية. ودعا إلى التفكير في كيفية استغلال الطبيعة والثقافة في النهوض بالاقتصاد وترويج المنتوج والأكل المحليين المميزين للمنطقة، متوقفا عند أهمية الوسائط الالكترونية في الترويج سياحيا للمنطقة التي تتوفر على تراث طبيعي غني، مع ضرورة إشراك الباحثين في هذه العملية، من أجل خلق رواج اقتصادي على جميع المستويات. وقد اختتمت أيام جبالة الأولى بعروض موسيقية من التراث المحلي، متمثلة في فرقة الطقوقة الجبلية لجمعية التراث والفنون بالقلة، وفرقة الغيطة الجبلية لجمعية التراث الأصيل بالقلة، فيما شاركت منطقة الهبط في الأمسية الفنية بفرقة الهياتة بجماعة سوق الطلبة. كما تم تكريم كل من عبد الوهاب إيد الحاج ومحمد أخريف والسيد الأمين الخمال نظير ما قدموه من إسهامات لخدمة تاريخ المنطقة وتراثها الثقافي والطبيعي.