اختتمت فعاليات "أيام جبالة الأولى"، المنظمة تحت شعار: "جبالة، عمق التاريخ وهبة الطبيعة". هذه الأيام نظمتها مؤسسة ذاكرة جبالة، والمجلس الجماعي القلة، والمجلس الإقليمي بالعرائش، والمجلس الجماعي بالقصر الكبير، ومختبر التخطيط الجهوي والتنمية الترابية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، وجمعية نادي التراث والثقافة والتنمية بكلية العلوم بتطوان. انطلقت أيام جبالة الأولى يوم الخميس 31 مارس 2022، وذلك بتنظيم دورة تكوينية لفائدة النسيج التعاوني والجمعوي بجماعة القلة حول موضوع: "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.. نموذج التعاونيات الفلاحية". وقد حضر الدورة حوالي 40 مشاركة ومشاركا، يمثلون مختلف تعاونيات جماعة القلة. وافتتحت أشغال الدورة التكوينية بكلمة الدكتور سعيد الحاجي، رئيس مؤسسة ذاكرة جبالة، الذي أكد أهمية تقريب هذه الأنشطة من ساكنة المنطقة، معتبرا أن شعار "جبالة، عمق التاريخ وهبة الطبيعة" يعكس ما تتوفر عليه هذه المنطقة من تراث ثقافي وطبيعي غني يحتاج إلى مجهودات بحثية أكبر لتثمينه واستثماره في التنمية المحلية، منوها بانفتاح الجماعة الترابية القلة والمجلس الإقليمي للعرائش وجماعة القصر الكبير على مثل هذه المبادرات وتقديم الدعم لها، كما توجه بالشكر إلى مختبر التخطيط الجهوي والتنمية الترابية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، وجمعية ونادي التراث والتنمية والمواطنة بكلية العلوم بتطوان، على المساهمة في إنجاح هذه الأيام. توفيق الأحمدي، رئيس جماعة القلة، أكد بدوره في كلمته استعداد الجماعة لدعم مثل هذه المبادرات، واستعرض مجموعة من المعطيات التاريخية والاقتصادية لمنطقة القلة، معتبرا أنها تعكس غنى المنطقة وعمقها التاريخي. من جهتها، تطرقت غيثة نادر، المديرة الإقليمية للاستشارة الفلاحية بالعرائش، في كلمتها، للأدوار المهمة التي يضطلع بها مكتب الاستشارة الفلاحية على مستوى تأطير ومواكبة الفلاحين والتعاونيات الفلاحية، معربة عن استعداد المكتب لمواكبة أنشطة المؤسسة المرتبطة بالتأطير الفلاحي الموجه إلى ساكنة المنطقة. وعلى مستوى برنامج الدورة التكوينية، استفاد المشاركون من ثلاثة عروض؛ قدم في أولها الأستاذ الكريني، الباحث في الجغرافيا الطبيعية، معطيات طبيعية واقتصادية حول منطقة القلة، معززا عرضه بخرائط حديثة ومعطيات إحصائية متنوعة. العرض الثاني قدمه الأستاذ منير الطاهري، الباحث في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتطرق فيه لآليات اشتغال التعاونيات الفلاحية، فيما تمحور العرض الثالث للأستاذ يحيى الصوفي، عن مكتب الاستشارة الفلاحية بالعرائش، حول الإطار القانوني لاشتغال التعاونيات الفلاحية. أشرف على تسيير عروض هذه الدورة التكوينية الأستاذ وليد موحن، وعرفت تفاعلا مهما من طرف المشاركات والمشاركين، واختتمت بتقديم التوصيات وتوزيع شهادات المشاركة، وتلا ذاك حفل غذاء على شرف المشاركات والمشاركين بمقر جماعة القلة. اليوم الثاني والأخير من "أيام جبالة الأولى"، الجمعة فاتح أبريل 2022 بمقر جماعة القلة، عرف تنظيم ندوة فكرية أطرها كل من المؤرخ محمد أخريف، رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، والدكتور عبد الوهاب إيد الحاج، منسق ماستر السياحة المسؤولة والتنمية المستدامة بكلية العلوم بتطوان. انطلقت أنشطة اليوم الثاني بكلمات كل من توفيق الأحمدي، رئيس الجماعة الترابية القلة، وعبد الحكيم الأحمد، رئيس المجلس الإقليمي بالعرائش، ومحمد السيمو، نائب برلماني رئيس المجلس الجماعي القصر الكبير، والدكتور سعيد الحاجي، رئيس مؤسسة ذاكرة جبالة، الذين أجمعوا على أهمية هذه المبادرة. استهلت الندوة بكلمة المسير الدكتور يوسف نويوار الذي شكر المساهمين في تنظيمها، وقدم نبذة تعريفية عن الأستاذ محمد أخريف وأعطاه الكلمة. استهل الأستاذ أخريف كلمته بشكر المنظمين ومؤسسة ذاكرة جبالة على الاهتمام بهذه المنطقة، كما أقر بأن المنطقة في أمس الحاجة إلى مثل هذه المبادرات من أجل التعريف بتاريخها واهميتها، واعتبر أن منطقة جبالة لها تاريخ موغل في القدم وتكتنز عدة شواهد تاريخية ثمينة. ودعا أخريف دارسي التاريخ إلى العناية والتعريف بهذه المنطقة الثرية الذي لم تنل حقها من الاهتمام وتنتظر من ينفض عنها الغبار وهي مليئة بالكهوف والمآثر والوثائق، مبرزا أن لجبالة موسيقى وفلكلور وعادات تميزها عن غيرها، موردا أن موسيقى جبالة وصلت إلى هوليود واليابان. وأضاف أن هذه المنطقة كانت تضاهي فاس في كثرة العلماء والشرفاء، وأنها قاومت بشراسة الاستعمار الأجنبي منذ القدم، وأن سكان جبالة كان لهم دور مهم في معركة وادي المخازن ومقاومة الإسبان منذ 1913 إلى 1927 ومساندة المقاومة الريفية. كما أكد المؤرخ أخريف أن للمرأة الجبلية حضورا موثقا في المقاومة، وسرد عدة أزجال تاريخية متعلقة بالمقاومة في منطقة جبالة، وختم كلمته بدعوة المنتخبين ورجال السلطة والمجتمع المدني إلى العناية بهذه المنطقة. بدأ الدكتور إيد الحاج كلمته بشكر المنظمين، وعبر عن سعادته بالمشاركة في "أيام جبالة الأولى"، واعتبر أن مؤسسة جبالة ستلعب دور محوريا في تنمية المنطقة والتعريف بها، ودعا الساكنة إلى الاهتمام بهذه المبادرات التي يمكن من خلالها تنمية المنطقة وإثراؤها، والاهتمام بما هو محلي وتثمينه، لأن مفهوم السياحة تغير ولم يعد يقتصر على الفنادق الفخمة، بل أصبحت السياحة تعتمد على المنتوجات التقليدية والثقافات والفنون المحلية، ويجب التفكير في كيفية استغلال الطبيعة والثقافة في النهوض بالاقتصاد وترويج المنتوج المحلي والأكل المحلي المميز للمنطقة. وتطرق الدكتور إيد الحاج لدور الإعلام الإلكتروني في الترويج سياحيا للمنطقة التي تتوفر على تراث طبيعي غني، مشددا على إشراك الباحثين في هذه العملية بالشكل الذي سيؤدي إلى خلق رواج اقتصادي على جميع المستويات. وقد اختتمت "أيام جبالة الأولى" بعروض موسيقية من التراث المحلي، قدمتها فرقة الطقطوقة الجبلية لجمعية التراث والفنون بالقلة، وفرقة الغيطة الجبلية لجمعية التراث الأصيل بالقلة، فيما شاركت منطقة الهبط في الأمسية الفنية بفرقة الهياتة بجماعة سوق الطلبة. وقد عرفت الأمسية الختامية تكريم الدكتور عبد الوهاب إيد الحاج والأستاذ محمد أخريف والأمين الخمال نظير ما قدموه من إسهامات لخدمة تاريخ المنطقة وتراثها الثقافي والطبيعي.