عاش المسلمون في جميع بقاع العالم تجربة قاسية خلال شهر رمضان في السنة الماضية .حيث التزم الجميع بإجراءات الحجر الصحي ولزموا منازلهم لواجهة انتشار جائحة كورونا . وحرمت الأسر من صلة الأرحام ودفء اللمة العائلية والإفطارات الجماعية وصلاة التراويح في ظل إغلاق تام للمساجد . وفي هذه السنة ونحن على بعد ساعات معدودة من استقبال شهر رمضان الفضيل ، وبعدما استبشر الجميع خيرا بانطلاق عملية التلقيح ضد الفايروس قبل شهور ،و عادت الحياة الطبيعية تدريجيا لبعض المرافق والمؤسسات كالأسواق والمدارس والنقل العمومي وغيرها .وتناسلت علينا إشهارات المسلسلات والافلام التي تم تسجيلها في فترة الوباء استعدادا لرمضان دون استعمال الكمامات وفي إشارة واضحة بالسيطرة على الوضع …يتفاجأ الجميع بقرار الحكومة الصادم القاضي بتشديد حضر التجول ابتداء من الساعة الثامنة ليلا إلى السادسة صباحا، مما يعني ضمنيا حرمان رواد المساجد من صلاة فريضتي العشاء والصبح وصلاة التراويح بالمسجد . في الوقت الذي كنا ننتظر فيه بشوق فتح باقي المساجد التي لا زالت مغلقة بدون مبررات معقولة . ولقد خلف هذا القرار الحكومي استنكارا واسعا لما سيخلفه من آثار سلبية نفسية واجتماعية واقتصادية على العديد من الأسر ، مما دفع بعض أصحاب المقاهي والمطاعم للاحتجاج في بعض المدن على قساوة هذا القرار الذي سيضطرهم للإغلاق الكلي طيلة شهر رمضان . وقد اعتادت هذه المرافق على إغلاق محلاتها نهارا بحكم صوم زبائنها وفتحها أمامهم ليلا . بالإضافة الى هذه الاحتجاجات فقد ذهب الكثير من المدونين بمواقع التواصل الاجتماعي إلى فرضية استهداف صلاتي الصبح والعشاء .وأشاروا إلى مس هذا القرار الحكومي بالأمن الروحي للمواطنين مما بضع الحرية الدينية كحق دستوري على المحك ..واستدل البعض بقول الله تعالى ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها …) وبطريقة مستملحة أبدع بعض الكاريكاتوريين وتساءل بعضهم حول ماإذا كانت كورونا تنام نهارا وتستيقظ مع الثامنة ليلا محاولين لفت الانتباه إلى مجانبة قرار الحظر الليلي للمنطق والحكمة. وتجدر الإشارة إلى ان مجموعة من الدول العربية والاسلامية كفلسطين والسعودية والامارات والكويت والعراق ومصر والجارة الجزائر ..قد سمحت بإقامة الصلوات الخمس و صلاة التراويح بالمساجد مع اتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية . بل وحتى بعض الدول الاوروبية قد سمحت بذلك للجاليات المسلمة .مثلا في الجارة اسبانيا رغم ان عدد حالات الاصابات بالفايروس هو ضعف العدد بالمسجل بالمغرب إلا انها سمحت للمسلمين باقامة الصلوات الخمس وصلاة التراويح بالمساجد وكيفت لأجل ذلك ساعة بداية حظر التجول الليلي . وفي بلدنا المغرب وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية المتأزمة لمعظم أفراد المجتمع نأمل أن ينصت مسؤولونا لصوت الشعب ويراجعوا قراراتهم قبل فوات هذه الايام المعدودة ،وأن يتحلوا بالمنطق والحكمة كما حدث في تونس الشقيقة ، حيث أعلنت السلطات بطلب من رئيس الدولة عن تراجعها عن قرار التمديد في ساعات حظر التجول الليلي بعد ضغوط من قطاعات واسعة من المهنيين وعمال المقاهي والمطاعم . وختاما أسأل الله تعالى أن يدخل علينا هذا الشهر العظيم بالتقوى والايمان والعافية والأمان وأن يرفع عنا هذا الفيروس وفيروسات أخرى أشد فتكا كالجهل والفقر والقهر والظلم و التضييق على الحريات العامة . اللهم امين والحمد لله رب العالمين.