يعيش أهل وزان على أمل أن تصبح مدينتهم وجهة سياحية تجمع بين إرث الماضي التليد ودينامية وتقنية عصر التجديد. فالعالم أصبح يتحدث اليوم عن الإرث المادي واللامادي للمدن العتيقة، وعن رموزه ومعالمه. ومن بين مظاهره بوزان ما تبقى من البناء المعماري ومن المعالم الطبيعية التاريخية. وإذا كان فعل الزمن من جهة، وظلم الإنسان من جهة ثانية يقفان وراء اندثار العديد من تلك المعالم بالمدينة، فإن إحيائها ممكن وقابل للتنفيذ، بشروط أساسية متعارف عليها عالميا، وهي: الخبرة العلمية، والحس الفني، واحترام تاريخ البشر والحجر والشجر. لكن ما يحدث اليوم في وزان يطرح أسئلة كثيرة في هذا الباب، مضمونها إثارة الانتباه إلى سلوكات تمس بجمالية المدينة وتجهز على رموز إرثها التاريخي! فكيف يفسر موقف عدم التجاوب مع مختلف التنبيهات التي تهم اجتثات العديد من أشجار المدينة، والتي كانت معروفة بجمالها وروائحها الزكية في فصلي الربيع والصيف (اللارنج/ الطرونج)، وتعويضها بأشجار " نمطية" وأقل جمالية ونفعا بيئيا عن سابقاتها؟ وكيف يمكن إقناع من عاشوا سنوات عديدة من عمرهم بوجود أشجار جميلة كانت تؤثت المكان، لتصبح بين عشية وضحاها في خبر كان؟! وإذا كان اجتثاتها قد تم بدعوى تأهيل الشارع الرئيسي، وتخليصه من شيخوخة تلك الأشجار، فما المانع من غرس أشجار من نفس النوع في ذات الأماكن، وهي أكثر جمالية ومنفعة بيئية من شجر النخيل!؟
وفي الوقت الذي يتم فيه ترميم العديد من الأقواس والأبواب في المدن المغربية العتيقة، وفق معطيات تاريخية مضبوطة وتقنيات فنية وجمالية متقنة، يلاحظ العديد من أبناء وزان، ومن مثقفيها ومتتبعي الشأن المحلي بها، أن المدينة تعيش مفارقة عجيبة بإهمال المعالم الأثرية الأصيلة كقوس"باب فاتحة" التاريخي، مقابل بناء وإقحام أقواس هجينة لا وجود لها في تاريخها، وهي لن تفضي لأية ساحة أو معالم حضارية فيها. بل إنها ستساهم في تشويه الواجهة الخلفية لمسجد حي عين بوفارس التاريخي وفي خنق حركيتها ! هذا في الوقت الذي يبقى من الأولى والأهم إحياء وصيانة المعلمة التاريخية: منبع "بير عين بوفارس" وتهيئة ساحتها بما يليق برمزيتها، لتصبح فضاء يسر الناظرين ! أما " الأقواس الجديدة "- في حالة استعمالها لتزيين المدينة- فيمكن بناؤها في مداخل الأحياء العتيقة، وما أكثرها بدار الضمانة ! هذه رسالة من الغيورين على مدينتهم، من أهل وزان، إلى يهمهم حاضر ومستقبل دار الأمان. الله المعين.