أخيرا أسدل الستار عن الانتخابات الجماعية والاقليمية بتطوان بما حملته من مفاجئات بصعود قوى سياسية جديدة وتراجع أخرى كانت بالأمس القريب تتسيد المشهد السياسي والانتخابي، وتعليق الناخبين لآمالهم وتطلعاتهم وانتظاراتهم على مستشارين بعضهم يدخل لأول مرة قاعة "محمد أزطوط" وآخرون استأنسوا بكراسيها لسنوات طوال، في حين عصفت الانتخابات الأخيرة بأسماء توقعت "شمال بوست" سقوطهم أو بالأحرى انتهاء صلاحيتهم السياسية في ظل رغبة بعض الأحزاب في تجديد دمائها وضخ لاعبين جدد في صفوفها، أو عدم قدرة الآخرين على نيل احترام الساكنة بترك مكانها لجيل جديد من الشباب القادر على بعث الحياة مجددا لسياسة أنهكتها قوى المصالح الشخصية وأوصلتها إلى الحضيض. شمال بوست كانت قد استقرأت المتغيرات التي ستحملها الانتخابات الاخيرة وتنبأت بانتهاء صلاحية بعض شيوخ السياسة بولاية تطوان وطنجة الذين وجدوا أنفسهم أمام رياح التغيير من جهة وتخلي المخزن عن خدماتهم الجليلة التي امتدت لعدة عقود من جهة أخرى، حيث نجحت بنسبة مائة في المائة في توقع نهاية كل الأسماء التي نشرت بورتريهات عنها في سلسلة "سياسيون انتهت صلاحيتهم".. ومن أبرزهم في تطوان: بوشتى اتباتو : شيخ المستشارين الجماعين بتطوان الذي لم يكن يتنبأ في يوم من الأيام أن ينتهي هذه النهاية المؤسفة في مشواره السياسي الذي ناهز 40 سنة بين النقابي والحزبي من داخل حزب القوات الشعبية، وهو الذي كان يوصف بالدهاء والمكر لمعرفته من أين تأكل الكتف حتى ولو أدى الأمر إلى خيانة مبادئه وحزبه مقابل شيء واحد وأوحد تحقيق مصالحه الشخصية بالتحالف مع أي كان في سبيل البقاء على الكرسي الذي استأنس به على مدى عقود طويلة حتى قالت بعض النكات السياسية أن اتباتو " غيعمل المُلكيًّّة لكرسي البلديّة ". ليس من باب العبث أن ينعت بلاغ صادر عن الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي بتطوان إبان الحملة الانتخابية الاخيرة اتباتو ب "الخرف".. فالرجل الذي لم يهنأ له بال بعد أن وجد نفسه خارج اللائحة الانتخابية لحزب بوعبيد فضل التنقل بين الأحزاب عله يجد منقذا لمآله التي عُصف به بعد أن طرد من حزب القوات الشعبية ولم يكتب لأمنيته التحقق عندما طالب الاتحاديين بتأبينه بعد وفاته، فكانت وفاته السياسية على عكس ما كان يرجوه. الأمين بوخبزة : أخيرا وبعد ست سنوات من السبات العميق سيستفيق الضمير الغائب للسيد "الفقيه" ويدرك خطأه الجسيم في تزكيته لصديقه القديم وخصمه الحالي "إدعمار" ليكون رئيسا لحضرية تطوان لست سنوات ماضية وأخرى لاحقة، ويصدر بلاغ "هذا بيان للناس" يعدد فيه مساوئ رفيقه في حركة التوحيد والإصلاح ويصفه بأقبح النعوت "الألعبان، المستبد، عبد الكرسي…" صاحبنا "الفقيه" المؤسس لحزب العدالة والتنمية بتطوان وربما المؤمن بكون المؤسس يجب أن يقبى دائما مخلدا إلى أبد الآبدين سيجد نفسه خارج سياق التاريخ السياسي بتطوان بعد أن أزاحه أخوه في الحزب "إدعمار" من الطريق سواء محليا أو مركزيا. عندما تنبأنا بأفول نجم "الفقيه السياسي" وانتهاء صلاحيته لم نقصد التقليل من شخصه، أو النيل منه، أو التشهير به، وإنما حاولنا وضع "بوخبزة" في صورته الحقيقية بالمشهد السياسي بتطوان بعد أن أصبح عبئا على حزب المصباح الذي تضرر من الصورة النمطية التي تعكسها على مستقبله كائنات من نموذج صاحبنا. عبد السلام أخوماش : السياسي الذي يتقن فن القفز بين الأحزاب وتغيير الرموز والألوان منذ بدايته بالحركة الشعبية ومن ثم التجمع الوطني للأحرار فالعدالة والتنمية والعودة مجددا لأحضان الحركة الشعبية، آثر الهروب بصمت من مدينته التي عرف من خلالها معنى السياسة والانتخابات بعد أن وجد رصيده في تراجع خطير في مقابل الديناصورات السياسية الضخمة التي هيمنت على الساحة الانتخابية بتطوان. صاحبنا فضل الترشح في مسقط رأسه بإحدى الجماعات القروية، والتي كانت غايته الأساسية ليس العودة للأصل بقدر ما أن يجعلها قنطرة للعودة مجددا للبرلمان بعد أن أصبحت مقاعد تطوان محسومة لفائدة أصحابها من الأحزاب القوية. صاحبنا وضع مصير حزب الحركة الشعبية بتطوان الذي يرأس كتابته الإقليمية في يد أشخاص جعلوا منه أضحوكة أمام باقي الخصوم السياسيين لعجزهم حتى عن وضع لائحته الانتخابية لدى السلطات المحلية فكانت السقطة المدوية التي ستكسر ولا شك ظهر اخوماش ولن يقوى على النهوض منها مجددا. ولكون المصائب لا تأتي فرادى فقد وجد "أخوماش" نفسه مسؤولا مباشرا عن فشل حزب الحركة الشعبية في وضع لائحته الانتخابية لدى السلطات المحلية التي رفضتها لعدم استيفائها الشروط القانونية، وتوجيه المسؤولة الاقليمية لقطاع المرأة بحزب الحركة الشعبية بتطوان، صفعة قوية باستقالتها أسابيع قليلة قبل الاستحقاقات الانتخابية وهي التي كان يعول عليها أخوماش لإنقاذ ماء وجه الحزب بتطوان. الحدس السياسي والدهاء الذي طالما عرف به صاحبنا والذي جعله من دهاقنة السياسة الرديئة بتطوان لم ينفعه هذه المرة في الاستمرار في الممارسة إلى أمد طويل لكون الساحة السياسية ببلادنا تعرف بعض المتغيرات وأصبح المواطن هو الفيصل في الإبقاء على هذا ودحر ذاك. هؤلاء السياسيون وأخرون أمثال عبد الواحد الشاعر ومحمد بوهريز وعبد السلام الاربعين ومحمد أشبون… وغيرهم لم يتسع المجال لذكرهم كان عليهم أن يستقرؤوا المتغيرات السياسية التي تشهدها المرحلة وأن يتفطنوا إلى كونهم سياسيون تعِبت منهم الدولة والمجتمع ومابقي من هياكل حزبية متلاشية، وأنهم أصبحوا حاجزا أمام الأمل في التغيير أو الاصلاح، وأصبحت وجوههم الكئيبة تُثير اشمئزاز أجيال هرِمت وهي تنتظر زوالهم..