الناس في السكينة سواء، فإن جاءت المحن تباينوا. ابن خلدون يعيش وطننا مأساة انسانية نتيجة مخلفات زلزال 8 شتنبر 2023 الذي ضرب منطقة الحوزجنوب غرب مراكش و خلف الالاف من الشهداء و المصابين و اجهز على العديد من الدواوير و القرى و الذي وصلت درجته الى 7,2 من سلم ريشتر، و هو مستوى قياسي لم يعرفه المغرب لما يزيد عن قرن من الزمن، تعبأت معه كل مؤسسات الدولة و بقيادة ملكية مباشرة عبر سلسلة من الاجراءات اللازمة لما يتطلبه هذا الوضع الاستثنائي، وفي نفس المنحى تعبأ المواطنون المغاربة بشكل عفوي كما عهد فيهم الى الانخراط كل من موقعه في المساهمة في رفع وزر هذه المأساة عبر الالتحاق بمراكز تحاقن الدم بشكل كثيف و في طوابير طويلة،كما تعبأ المجتمع المدني عبر نداءاته المواطنين بالتبرع بكل المستلزمات الضرورية لمساعدة اخوانهم المتضررين من جراء هذا الزلزال راسما بذلك ملحمة جديدة من ملاحم التضامن و التآزر الوطنيين كسابقاتها من الملاحم الانسانية في زمن كورونا و زمن زلزال الحسيمة. هذه اللحظة الحرجة ليست بالسهلة التجاوز و ليست بالامر السهل و الهين، لحظة تتطلب الصبر والتعقل ، لحظة تتطلب الحكمة و الرزانة وإبعاد الانفعال الحاصل و تحييد اي استغلال سياسوي ضيق شعبوي انتهازي تآمري. لحظة حرجة تتقادفها زاويتي نظر مختلفتين، الاولى زاوية نظر مؤسسات الإنقاد الرسمية و معها المساعدات الدولية وفرق الانقاد المتخصصة التي تقدمها الدول الصديقة ووالمنظمات الانسانية، والجهد المبدول أمام حجم الكارثة في صراع مع الزمن، و تحدي المعيقات الواقعية والميدانية و الصعوبات الجغرافية. وزاوية نظر سكان المناطق المتضررة الذين يصارعون الزمن للخروج من قلب الكارثة، ومن جحيم المفقودين و المتبقين تحت الأنقاض، والذين يتعلقون بأي قشة قد تساعدهم على تجاوز المحنة النفسية و المادية. زاويتين يتقابلان دائما في مثل هذه اللحظات التراجيدية، عايناهما في زلزال تركيا وايران وفي التسونامي الذي ضرب دول الشرق الاقصى، وضع مؤسسات هذه الدول و احزابها المتنافسة على الحكم في خبث استغلال انتخابي انتهازي لمآسي الناس المكلومة والمتضررة، كانت الانتخابات التركية مثالها البارز. لكن غير المقبول هو استغلال هذا الوضع لنشر فيديوهات انفعالية تشاؤمية ، او نشر تدوينات بخلفية تكفيرية دينية متخلفة، ترجع الكارثة الى مبررات واهية من مثل المعاصي و الفحشاء، او عبر فيديوهات بطابع استغلالي فاحش تسعى الى كسب المال السهل المتدفق من الوسائط الاجتماعية تنشر الرعب و الهلع في وسط الناس بشكل فج و فاحش، و كذلك فيديوهات بعض متطفلي موجة المعارضة الكاذبة التي تستهدف ضرب الثقة في المؤسسات و الاجراءات و التدابير، يلتقون بوعي او بدون وعي في خلفيتهم الخبيثة الرامية الى إحباط الهمم وإفشال العزائم بهدف تسييد اليأس والمظلومية وخلق شرارات الفتن والحنق و كسر و تحطيم الجبهة الوطنية المتمكزة على كسب رهان تجاوز هذه المحنة و مخلفات هذه الكارثة الطبيعية. الوطن اكبر الوطن لنا جميعا الوطن بنا وبه تم نسخ الرابط