تداولت بعض المنابر الاسبانية خبر زيارة الملك فيليبي السادس الاسباني للمدينتين المغربيتين المحتلتين، ما دفع بالحكومة الاسبانية إلى تكذيب الخبر، وما تلى ذلك من جدل في الإعلام الاسباني عن ضغوطات مغربية فرضت إلغاء الزيارة الملكية، وعن غضب الملك الاسباني من ذلك، وعزمه على إصدار بيان يُعبِّر فيه عن غضبه من قرار الحكومة الاسبانية بإلغاء الزيارة دون استشارته، وترويج بعض المنابر الإعلامية القريبة من اليمين المتطرف عن مواجهة منتظرة بين القصر ورئيس الحكومة الاسبانية الاشتراكي بيدرو صانشيص. عن هذه المواجهة أجرت جريدة أخبار اليوم، عدد 14 يوليوز 2020 حوارا مع الكاتب والباحث في الشأن الاسباني المغربي عبدالحميد البجوقي. وفيما يلي نص الحوار: الأستاذ عبد الحميد البجوقي 1 بعد إلغاء زيارة الملك الاسباني فيليبي السادس لسبتة ومليلية، هل تعتقد أن الحكومة الاسبانية قادرة على التدخل في الزيارات الملكية؟ لا يتعلق الأمر بالاعتقاد أو الاحتمال، بل هو من صلب النظام الإسباني أن تُشرف الحكومة على كل نشاطات الملك وتحركاته الرسمية، ودستور 1978 ينص صراحة في الفصل 64.1 أن رئيس الحكومة والوزراء المعنيين بأي نشاط ملكي يصادقون على كل التحركات والنشاطات الملكية بإشراف مباشر للحكومة، كما ينص الفصل 64.2 على مسؤولية رئيس الحكومة والوزراء المعنيين والمتدخلين في هذه النشاطات والتحركات الملكية، في إطار ربط المحاسبة بالمسؤولية، باستثناء التحركات الخاصة للعائلة الملكية. وتميزت علاقة القصر الملكي بالحكومة دائما بالتنسيق والتفاهم واحترام نص الدستور وتقاليد العلاقة بين المؤسستين خلال ما يزيد من 40 سنة من الديموقراطية. وبالتالي لسنا أمام أي تدخل للحكومة في نشاطات الملك، بقدر ما هو تنزيل لمقتضيات دستور 1978. والجريدة التي نشرت الخبر تشير إلى مصادر لم تسمها حتى ب"الموثوقة"، ودون ذكر إسمها أو موقعها، ما ينزع عنها أي مصداقية. 2 ماهي حقيقة المواجهة بين القصر الملكي الاسباني والحكومة الاشتراكية؟ بكل صراحة، لا أعتقد أن هناك أي مواجة أو توتر بين القصر الاسباني وحكومة بيدرو صانشيص، وأن الخبر الذي نقلته جريدة بيريوديستا ديخيتال Periodista Digital القريبة من اليمين الاسباني يدخل في إطار الترويج لإشاعات تهدف تأزيم حكومة التحالف التي يقودها الاشتراكيين بمشاركة تحالف بوديموس، واتهامها بالتفريط في السيادة الوطنية والخضوع للضغوطات المغربية. ومعروف أن ألفونصو الروخو Alfonso Rojo مؤسس هذه الجريدة الالكترونية من صقور الإعلام اليميني المتطرف ويملك إلى جانب هذه الجريدة الالكترونية موقعا يحمل اسم سمنال ديخيتال Semanal Digital(الأسبوع الرقمي) ومن المشاركين في أحد البرامج الاذاعية المثيرة للجدل الذي يديره الصحافي اليميني المتطرف فيديريكو خيمينيث لوصانطوص. كما أن الخبر لم تنقله أغلب الصحف والمواقع بما فيها اليمينية المعتدلة. ربما المستجد الأخير والخطير في افتعال مثل هذه الأخبار، والذي تفاقم مع بروز حزب فوكس اليميني المتطرف على الساحة السياسية الاسبانية ،هو عودة اليمين إلى استعمال المؤسسة الملكية في الصراع السياسي وإقحامها في الجدل السياسي القائم، ومحاولة اليمين لعب دور المُدافع عن الملكية، والتشكيك في ولاء اليسار لها بعد انفجار ملفات تتهم الملك الأب خوان كارلوس الأول بالفساد، ودعم بوديموس حليف الاشتراكيين في الحكومة لمقترح تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في ملف عمولة من المملكة العربية السعودية في تفويت مشروع بناء قطار مكةالمدينة للملك الأب قبل تنحيه عن الملك. 3 هل يمكن القول أن المغرب يؤثر في إسبانيا أكثر مما تؤثر هذه الأخيرة في المغرب؟ لا شك ان المغرب يؤثر بشكل أو بآخر في السياسة الاسبانية لما تربطه بالجار الاسباني من مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية، بقدر ما تؤثر إسبانيا في المغرب، ومهما كان مستوى التفاوت في التأثير بين البلدين لن يرقى إلى مستوى فرض القرارات أو توجيه السياسات الداخلية للبلدين. والمعروف كذلك أن المدينتين كانتا دائما موضوع مواجهات وحسابات سياسية داخلية في إسبانيا، وغالبا ما كان اليمين يستعملها ضد الحكومات الاشتراكية التي استطاعت أن تبني علاقة متوازنة مع المغرب.