يخطئ كثيرا من يعتقد أن انتصارات المغرب التطواني ستكون دائما سهلة، وأنها لن تنبثق في كثير من النزالات عن فصول من المعاناة، فالكرة ريح قد تعاكس ما تشتهيه الجماهير الرياضية العاشقة للماط دائما. ناهيك على أن مباريات الكأس تكون صعبة ومعقدة، ويزيد من حدة تنافسياتها هذه السنة كونها تلعب في مباراة واحدة مفتوحة على المفاجأة. لقد واجه الماط يومه الأربعاء فريقا منظما. متحرّرا من عقدة اللعب أمام فريق من الدرجة الأولى، وتشكّل كأس العرش حرقة بحثه المستمر. رغم فوزه بثلاث مبارياته الرسمية الماضية. ضغط الراك عاليا على دفاع الماط، وكان مصرا على إيجاد الثغرات في قلب دفاعه في الممر بين الترابي وحاجي، الذي غادر مصابا مباشرة بعد ربحه ثاني النزالات الهوائية ضد المهاجم بلمولى. هيمن الراك بوضوح على وسط الميدان، واستغل تراجع الحسناوي الذي لعب طيلة المباراة قريبا من خط الدفاع يحاول مساعدته على إخراج الكرة، تاركا المكعازي وحيدا يصارع على افتكاك الكرات إزاء ليونة مارطين الإسباني. ولعب الراك ببلوك متوازن الخطوط ، وبرهن بالملموس أنه يجيد كل مبادئ الكرة: من انزلاقات في اتجاه اليمين واليسار، واسترجاع الكرة بضغط المنطقة المفروض في مكان تواجد الكرة. كما أبان أن لاعبيه أيقوناته تكوين مدرسته العتيقة يجيدون الاحتفاظ بالكرة، ويتقنون دون ارتباك التمريرات القصيرة وتغيير الاتجاهات، والانتقالات السريعة في حالة الهجمات المضادة. وخلق الراك التفوق العددي في حالتي النشاط الهجومي أو الدفاعي معا. وقام بالعديد من المحاولات التي انتهت بتدخل الحارس بطل اللقاء بوناكة، أو تلك التي أحدث مرورها محادية للمرمى رعبا في المدرجات. فعلا تفوق فريق الدرجة الثانية على الماط على مستوى التنظيم واللعب بتركيز وحضور ذهني، وإن افتقر شبانه لتجربة خوض هذا النوع من اللقاءات. واستطاع الراك أن يعادل النتيجة في الدقيقة 83 من اللقاء ليفرض على الماط معاناة خوض الشوطين الإضافيين، وفوبيا ضربات الجزاء التي تعتبر من لعنات إقصاء الماط في سابق النسخات. ومن جهته، اكتشف الماط كما جماهيره العريضة، أن النهايات السعيدة قد تكون بطعم المعاناة والقلق أيضا. ووقف المدرب بياديرو نفسه على مستوى تنافسية فريقه الحقيقي أمام خصم محترم والقادم لن يخرج عن هذا السياق. ظهرت بعض من الثغرات في دفاع الماط، واختل التوازن في وسط الميدان لصالح الضيوف، وأصبح السبيل للوصول إلى مرمى الراك يمر فقط عبر الحملات المضادة السريعة التي انتهت غالبا بعرضيات للنيجيري طوني، أو بمراواغات للمالي سيسوكو. أو عبر قذفات عدنان الوردي المصوبة بدقة، والذي أثبت في هذا اللقاء وإن لم يسعفه الحظ أنه قناص من طرازخاص. وبالغ الماط في إرسال الكرات الطويلة من الدفاع إلى الهجوم باتجاه المهاجمين أو بدون اتجاه. كما اكتشف الجمهور أن الماط خلافا للقاءات الثلاث السابقة لم يسجل في الشوط الأول وعليه لن يلعب مرتاح البال. وأن الحظ المعاكس والعاثر جزء من اللعبة عندما تضيع كثير من الفرص، أو عندما يضيّع أفضل لاعب في اللقاء طوني ضربة جزاء في الأشواط الإضافية. ولم تكن في نظرنا المتواضع تغييرات المدرب بياديرو موفّقة لا من حيث توقيتها ولا نوعيتها ولا على صعيد انعكاساتها التكتيكية: إذا تأخر تغيير اللاعب الإسباني مارطين الغائب عن كثير من أطوار هذا اللقاء، وتم إضعاف الخط الهجومي بخروج عبد الله سيسوكو، ولم يسترجع خط الوسط توازنه بتراجع الحسناوي كليا إلى الوراء لمساندة دفاع يعاني وسيعاني، وبوضع أيوب لكحل مائلا أكثر إلى الجهة اليمنى. وافتقد الفريق في الحقيقة إلى التوغلات المتكررة لحمزة الموساوي الذي كان حاسما في صعوده مرّتين وتمريره عرضيتين، وإنهاء إحدى الهجمات بقذفة خلف الشباك. كما تقلص هامش مشاركة اللاعب بوشتى – المتألق في هذا اللقاء- في الهجوم، خاصة في الشوط الثاني. وكان الماط يحتاج إلى الاستعانة بتسرباته لخلق التفوق العددي ولتكرار القذفة التي صوبها في الدقيقة 16 من الشوط الأول. عموما من الوضعيات المعقدة يتعلم اللاعبون والمدربون على حد سواء. وفوز الماط على الراك بضربات الجزاء كان بطعم المعاناة والتشويق غير المرغوب فيه، لتستمر رحلة البحث عن لقب العرش المشرع على كل الدلالات.