بعد مقترح القانون الذي تقدمت به الفرق البرلمانية بمجلس النواب قصد الحفاظ على معاشات البرلمانيين المثيرة للجدل، وضع النائبان البرلمانيان عمر بلافريج ومصطفى الشناوي، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، مقترح قانون ينص على الإلغاء الكامل لتقاعد البرلمانيين. وقالت فيدرالية اليسار الديمقراطي إن مقترح القانون هذا “يأتي انسجاماً مع كل مواقف وتصريحات قادة الحزب، وثائقنا وبيناتنا، وأيضا مقترحات ومواقف البرلمانيين الرفيق بلافريج والدكتور الشناوي”. وأكد التنظيم السياسي المكون من ثلاثة أحزاب يسارية (الاشتراكي الموحد، والطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي) أن “تقاعد البرلمانيين امتياز غير مستحق يدخل ضمن إطار الريع السياسي الذي ينخر بلادنا”. وجاء في مقترح “رفاق منيب” أن “العضوية في مجلسي البرلمان مهمة وطنية تتمثل في تمثيل الأمة، وبالتالي فهي ليست مهنة كباقي المهن أو علاقة تعاقدية أو نظامية تستوجب تقاضي راتب والاستفادة من معاش. بل علاقة تمثيلية سياسية، يقوم على إثرها النائب بتمثيل الأمة خلال فترة محددة في الزمن مقابل تعويض يضمن استقلاليته ويمكنه من القيام بمهمته بجدية”. وأثار المقترح الجديد الذي وضعته فرق الأغلبية، بالإضافة الفريق الاستقلالي المعارض، غضباً عارماً وسط الرأي العام المغربي ولدى بعض النواب البرلمانين الذين أكدوا أن “الصيغة الجديدة تكرس الريع السياسي وتُسيء إلى مهمة العمل البرلماني النبيل”. وينص مقترح الأغلبية على أن “لا يتم صرف المعاش إلا عند بلوغ 65 سنة، عوض صرفه مباشرة بعد فقدان الصفة النيابية سابقا، مع تخفيض المعاش الشهري لأعضاء مجلس النواب إلى 700 درهم عن كل سنة تشريعية، عوض 1000 درهم سابقا”. كما تتضمن الصيغة الجديدة الاحتفاظ بواجبات الاشتراك في مستواها الحالي، لكي لا تترتب أية تكاليف جديدة على الميزانية العمومية، وعلى أنه “يتنافى هذا المعاش مع أي تعويض أو راتب برسم منصب وزاري أو برسم إحدى الوظائف السامية”. وقال النائب البرلماني، مصطفى الشناوي، إنه “لا يصح تسمية معاش البرلمانيين معاشاً لأنه ليس كذلك، لأن المعاش يتقاضاه مواطن ما بعد انتهاء مساره المهني بعد سنوات عدة من العمل، سواء كان موظفا بالقطاع العام أو أجيراً بالقطاع الخاص أو ممارسا لعمل مستقل (مهنة حرة، تاجرا، حرفيا،…)”. وتابع البرلماني اليساري، في تصريح للموقع الرقمي هسبريس، أن “لكل هؤلاء المواطنين النشيطين (موظفين، أجراء قطاع خاص، مستقلين) نظاما للمعاش خاصا بهم، وهنا يجب عمليا توفير كل الآليات القانونية والتنظيمية لضمان استمرار مساهمتهم في صناديق تقاعدهم لكي لا تضيع مدة الانتداب البرلماني بعدم احتسابها ضمن عدد السنوات التي يتم اعتمادها لتحديد قيمة المعاش بعد انتهاء المسار المهني”. “أما في حالتنا، فنحن في مهمة نيابية، وهي مهمة عمومية نتلقى عنها تعويضا للقيام بها على أحسن الأحوال، وليست عملا مأجورا يجب أن يترتب عنه معاش بعد 5 سنوات من ممارسة المهمة البرلمانية”، يُورد النائب البرلماني وهو يُوضح أسباب مطالبة الفيدرالية بالإلغاء الكلي لمعاشات البرلمانيين. ويرى مراقبون أن هذا الإصلاح الذي تقدمت به الفرق البرلمانية سيؤدي بدوره إلى إفلاس المعاشات بشكل نهائي بحلول سنة 2027، أي إن القانون المرتقب سيؤجل فقط الصدمة في حدود حوالي سبع سنوات. ومع خفوت حدة الانتقادات الموجهة لتقاعد البرلمانيين والوزراء، تراجعت بعض الأحزاب السياسية عن مواقفها التي كانت بالأمس القريب ضد تكريس “الريع السياسي”؛ إذ سارع كل من فريق حزب العدالة والتنمية والفريق الاستقلالي والفريق الاشتراكي إلى التوقيع على مقترح القانون البرلماني. وذكرت مصادر برلمانية أن أعضاء في حزب الاستقلال عبروا عن غضبهم من توقيع رئيس الفريق الاستقلالي، نور الدين مضيان، على مقترح الأغلبية، مطالبين إياه بتقديم توضيحات لقيادة الحزب التي لم تتم استشارتها في ذلك.