سيزيف أو سيسيفوس كان أحد أكثر الشخصيات مكراً بحسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس مما أغضب كبير الآلهة زيوس، فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا حتى الأبد، فأصبح رمز العذاب الأبدي. قصة صراع كاطالونيا من أجل الإستقلال والإنفصال عن إسبانيا تحاكي قصة سيزيف في الميتولوجيا الإغريقية، رغم حصولها المبكر على نظام حكم ذاتي مع خايمي الأول ملك أراغون (إمارة برشلونة) وبعد محاولات لاحقة للتأسيس لدولة مستقلة انتهت باجتياحها سنة 1714 من طرف الملك البوربوني فيليب الخامس وهو اليوم الذي لازال الكطلان يخلدونه يوم 11 شتنبر من كل سنة، واستمرت محاولات الكطلانيين للحصول على الاستقلال كانت آخرها سنة 1934 حين أعلنت الجهة بقيادة رئيسها لويس كومباني الاستقلال اضطرت على إثرها حكومة الجمهوية إلى حل برلمان الجهة وإقالة الحكومة الجهوية واعتقالها ومحاكمة رئيسها الذي صدر في حقه حكما ب30 سنة سجنا حصل بعده بسنة ونصف على عفو رئاسي، وأثناء الحرب الأهلية أعلن المواجهة مع قوات فرانكو منفصلا عن قوات الجمهورية في محاولة لاستغلال الحرب وإعلان الجمهورية الكطلانية، والتي انتهت بهزيمة قوات الجمهورية والميليشيات الكطلانية أمام قوات فرانكو واعتقال لويس كومباني بعد أن هرب لاجئا إلى فرنسا وتسليمه من طرف النازيين للنظام الفرانكوي وإعدامه بعد محاكمة صورية يوم 15 أكتوبر 1940. الدولة الإسبانية تواجه من جديد هذه الأزمة مسلحة بالشرعية القانونية والدستورية مقابل التحدي الذي يرفعه تحالف الإنفصال مسلحا بشرعية الشارع وبالسند الشعبي الذي تزايد بعد التدخل العنيف لقوات الشرطة والحرس المدني الإسباني يوم الاستفتاء الذي ألغته المحكمة الدستورية. يبدو اليوم أننا أمام مشهد لايختلف عن المشاهد التي سبقته في تاريخ علاقة هذه الجهة مع إسبانيا، يبدو وكأن سيزيف الكطلاني يحمل من جديد صخرته الانفصالية محاولا وضعها في أعلى الجبل وإعلان ميلاد جمهورية كطلانية تؤكد كل المؤشرات أنها مستحيلة مآلها أن تتدحرج إلى وادي الارتباط الأبدي بإسبانيا. في غضون ساعات سيمثل رئيس الجهة أمام البرلمان الكطلاني للإعلان عن الانفصال الموعود، وسنعرف هذا المساء مآل هذه المواجهة التي ومهما كانت نتائجها تنذر بعودة عقرب الانفصال إلى نقطة انطلاقه وانغماس إسبانيا في أزمة سياسية لن تنتهي إلا بتوافقات جديدة تؤسس لنظام ديموقراطي جديد.