تعيش مدينة مرتيل حالة خاصة، مما بات يعرف ب " البلوكاج " المفروض عليها بخصوص البناء والتعمير نتيجة تداخل الاختصاصات أحيانا، والحسابات الضيقة أحيانا أخرى، بين السلطة المحلية ورئاسة الجماعة الترابية لمرتيل، ما تسبب في ركود إقتصادي، وارتفاع نسبة العطالة في صفوف عمال البناء، وحرمان المقاولين وعامة المواطنين من رخص البناء، حسب رأي نقابة محترمة. ليس دفاعا عن جهة معينة، أو تحاملا على طرف آخر، بقدر ما هي محاولة لفهم وبسط ما يدور بمدينة مرتيل عامة وبالمجلس البلدي خاصة، نحاول تفكيك عناصر " البلوكاج " ودواعيه وأسبابه، انطلاقا من المجلس البلدي الذي ساهم في العديد من المرات بقراراته الانفرادية في إشاعة فوضى البناء العشوائي لأغراض ظلت دائما تحت غطاء " المصلحة الانتخابية " وفي كثير من الأحيان ضدا على القوانين الجاري بها العمل، ومرورا بالسلطة المحلية الممثلة في الباشا والقياد إلى أعلى الهرم بالإقليم "عامل المضيق – الفنيدق"، التي تتدخل أحيانا لهدم البناءات العشوائية في الوقت الذي تكون فيه هي المتهمة أيضا بالتغاضي عنه. صحيح أن الرخص الإنفرادية التي كان ينعم بها المجلس البلدي لمرتيل، والتي كان يتصرف فيها حسب هواه، قد أقبرت إلى غير رجعة، بفعل القوانين التي خرجت إلى حيز الوجود، وأنه ما كان حقا في السابق لم يعد له كذلك بفعل القوانين التنظيمية المعمول بها حاليا. فقد أجمعت كل التعريفات الفقهية على أن رخصة البناء تصرف إداري صادر عن جهات إدارية مختصة غايته الأصلية أن تثبت الإدارة وتتيقن من أن مشروع أو أشغال البناء والتشييد موضوع طلب الرخصة لا تخالف الأحكام القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتهيئة والتعمير وباستعمال الأرض وما تقتضيه من صرامة و حزم في ذلك . لهذا فإن رخص البناء أصبحت منظمة بالإضافة إلى القانون 12–90 المتعلق بالتعمير، هناك القانون 62-12 المتعلق بجزر مخالفات البناء، والمادتين 101 و237 من القانون التنظيمي 113-14 المتعلق بالجماعات، الذي قيد منح رخص البناء والتجزيء والتقسيم وإحداث مجموعات سكنية من طرف رئيس الجماعة، وجعلها باطلة ما لم تتقيد برأي الوكالة الحضرية، حيث أصبح رأي الوكالة ملزم في منح الرخص، ولم يعد بإمكان الرئيس التأشير على الرخص المنفردة وأصبحت مهددة بالبطلان وفقدان الشرعية القانونية. النقاش حول قانون التعمير ومن يملك صلاحيات منح الرخص، والجهة التي يخول لها دور الرقيب والتتبع، حوله إلى صراع بين المجلس البلدي والسلطة المحلية، فلكل وجهة نظره الخاصة في الموضوع، انطلاقا مما يخوله له القانون، خاصة وأن المسألة لم تعد مرتبطة بتنزيل مضامينه، بقدر ما هو مرتبط أيضا بمصلحة لوبيات العقار والمستفيدين من ريع البناء من جهة أخرى والتي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام حالة " البلوكاج " التي أصبحت كلمة تستعمل للدلالة فقط على وقف عمليات البناء. هناك جهات تحاول تحوير النقاش، أو تلك التي تتحدث عن البلوكاج في مجال البناء بالمدينة، هدفها رمي الكرة في معترك عمالة المضيق – الفنيدق، والدخول في صراع مع العامل بصفة شخصية، الذي من المفروض عليه تطبيق القانون، كما يطالب ذلك جل المتتبعين في تحميل السلطة المحلية مسؤولية أي فوضى أو انفلات في مجال البناء، وليس الانصياع لنزوات ورغبات اللوبيات المستفيدة من الوضع السابق. المجلس البلدي لمرتيل، يقف حاليا بين نار القوانين التي تلزمه بإصدار رخص قانونية لتنظيم عملية البناء والتعمير في المدينة، خاصة وأنه المجال أصبح تحت أعين والي الجهة التي لا تنام ولا تغفل في هذا الموضوع، ومن جهة أخرى فإن المجلس البلدي يقع أيضا تحت نار ضغط لوبيات العقار التي تحاول أن تحصل قدر المستطاع على ما يكيفها من الرخص لتعيد دورة الإنتاج لطبيعته الأولى، وهو ما وضع المجلس البلدي بين نارين، نار القانون ونار اللوبي العقاري.