ماذا يقول القارئ في أحدهم مجهول أم "مجنون" دفع أكثر من مليون دولار ثمناً لصورة من الورق عادية في عالم يعيش أزمة مالية تتجول فيه كغيوم الجراد وتأكل الأخضر واليابس. المزاد، الذي نظمته "دار كريستيز" جرى أمس السبت 20-11-2010 في قاعة بمتحف اللوفر بباريس، وهي واحدة من 106 قاعات خصصوها لمعرض "باري فوتو" الشهير، وفيه تراكض المتنافسون لشراء مجموعة صور التقطها أمريكي من أصل روسي يهودي، واسمه ريتشارد أفيدون، فاشتروها كلها، ومن بينها الصورة خاطفة الأضواء. العارضة \"دوفيما\" كانت الأغلى أجرا بين العارضات وكانت "مؤسسة ريتشادر أفيدون" الراعية تراث هذا المصور الأمريكي، كلفت "دار كريتسيز" بتنظيم المزاد الذي جرى فيه، ولأول مرة، بيع 65 من مئات الصور التي التقطها في حياته، ومعظمها صور في أوساط الموضة وبورتريهات لنجوم سينمائيين وموسيقيين وغيرهم، فتوقعت الدار بيعها بحوالي 6 ملايين دولار على الأكثر، لكن صورة عارضة الأزياء وحدها بيعت بمبلغ 841 ألف يورو، أي بمليون و150 ألف دولار، مع أن "كريستيز" حددت معدل قيمتها في موقعها على الإنترنت بأقل من 600 ألف يورو على الأكثر. وتبدو العارضة دوروثي فرجينيا مارغريت جوبا، المعروفة حين التقاط الصورة في 1955 بلقب "دوفيما" وهي في "سيرك الشتاء" بباريس، بين مجموعة من الفيلة مرتدية فستان سهرة من الساتان الأسود مع شال وسطي أبيض بلون العاج صممه ايف سان لوران الذي كان حينها مساعدا للشهير كريستيان ديور. وكان افيدون "يحب الصورة إلى حد كبير، لذلك احتفظ بها في الاستديو الخاص به حتى النهاية" بحسب ما قال ماثيو هاميري، المسؤول في "كريستيز" عن بيع الصور التي يعتبرونها ذات قيمة فنية لمن يدفع فيها أكثر بالمزادات. ملتقط الصورة ريتشارد أفيدون ونقرأ في الأرشيفات القديمة عن عارضة الأزياء التي أبصرت النور في نيويورك وتوفيت بسرطان الكبد في 1990 بعمر 63 سنة، أنها كانت الأغلى أجراً بخمسينات القرن الماضي "وفي طفولتها كانت لها صديقة خيالية تزورها، وفي إحدى المرات أخبرتها باسمها من أنه مستمد من الحرفين الأولين لاسم العارضة" لذلك ما أن احترفت عرض الأزياء حتى سمت نفسها "دوفيما" فاشتهرت بهذا الاسم الفني وظهرت على أغلفة جميع مجلات الأزياء الأمريكية. والصورة التي بيعت بالمزاد هي بالأبيض والأسود، وهي جميلة وذات قيمة للنقاد، لكنهم لا يشرحون أهميتها الفنية تماما، سوى أحدهم هولندي اعتبر أن البياض في وسطها سد ثغرة مهمة في اللقطة، هي غياب العاج الفيلي الأبيض، ولولا هذا البياض اللامع في الشال الذي ارتدته دوفيما، لما صدق أحد بأنها من تصوير محترف، كريتشارد أديفون كانت بينه وبين العارضة صداقة قوية، مع ذلك تزوجت سواه وانتهى الزواج بطلاق بلا أبناء، ثم تزوجت ثانية وأنجبت ابنة وحيدة سمتها أليسون، وعمرها الآن 52 سنة. أما أديفون، المولود في 1923 بنيويورك، فكان متزوجا طوال 5 سنوات من عارضة أزياء طلقها في ما بعد وتزوج بثانية في 1951 ورزق منها بابن وحيد، ثم توفيت الزوجة في أوائل 2004 وبعدها بأقل من 8 أشهر توفي هو بنزيف في الدماغ حين كان يتبضع في سوبر ماركت بتكساس. عن موقع العربية باريس - كمال قبيسي