شعب بريس رأت دراسة إسرائيلية جديدة لمعهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أن ازدياد عدد المجاهدين الوافدين إلى سورية من مختلف الدول العربية وغير العربية، تؤكد بشكل غير قابل للتأويل بأن الحركات الإسلامية الأصولية المتشددة باتت لاعبا مركزيا في الأزمة السورية، كما تؤكد على أن هذه الحركات أصبحت تملك قواعد مركزية وخطيرة في الأراضي السورية، وتابعت الدراسة أن هذه الحركات لا تُشكًل خطرا على النظام الحاكم في دمشق فقط، إنما باتت تهديدًا حقيقيا لكل حكومة سورية قد تُشكل بعد رحيل النظام الحالي، كما أنها باتت تهديدًا خطيرًا للغاية على ما يُطلق عليه اسم الجيش الحر، على حد تعبيرها.
وقالت الدراسة أيضا إنه وفق المعلومات المتوفرة، فإن عشرة تنظيمات جهادية متطرفة على الأقل، التي تؤمن بعقائد مختلفة، باتت تقوم بأعمال جهادية عسكرية سرية في بلاد الشام، وعلى الرغم من الخلافات الأيديولوجية بين هذه التنظيمات.
أوضح معدو الدراسة، من الأهمية بمكان الإشارة إلى العوامل الثلاثة التالية: هناك تنظيمات مختصة في تزويد الدعم للتنظيمات الفاعلة في سورية، إن كان ذلك عبر تهريب الأفراد، وإن كان عبر تهريب الأسلحة والعتاد العسكري، تنظيمات حرب عصابات سرية التي تقوم بتنفيذ عمليات ضد النظام الحاكم في دمشق، وتحديدا ضد قادة أمنيين سوريين، أما العامل الثالث فهو قيام بعض التنظيمات الجهادية بتوجيه ضربات موجعة ومؤلمة للنظام خارج المناطق التي تدور على أرضها المعارك، هذه العوامل مجتمعة تؤكد بشكل قاطع على أن التنظيمات الجهادية قدمت المساهمة الأهم في المعركة ضد النظام، على حد قول الدراسة.
وتابعت قائلةً إن التنظيمات المذكورة قامت بتنفيذ 12 هجوما مهما منذ شهر يناير من العام 2012 بواسطة سيارات مفخخة، وعمليات انتحارية في العاصمة دمشق، وإدلب، وبالإضافة إلى قيام التنظيمات المذكورة بتأجيج النزاع في سورية، فإن العمليات التي نُفذت من قبلها أنزلت ضربة نفسية قاسية في صفوف القيادات الحاكمة في دمشق، إذ أن هذه العمليات أثبتت للقادة في دمشق على أن الأجهزة الأمنية السورية ضعيفة ومخترقة.
وبحسب الدراسة الإسرائيلية فإن العمليات نُفذت من قبل تنظيمين سلفيين سوريين: جبهة النصرة وكتائب أحرار الشام، الذي اتخذ من إدلب مقرا له، ولفتت الدراسة إلى أن التنظيمين المذكورين تلقوا الإلهام والإرشاد والمعونة من قبل تنظيم القاعدة في العراق، وتحولا اليوم إلى أشهر منظمتين سوريتين تعملان ضد النظام في الحرب الدائرة في سورية، ولاحظت الدراسة أن التنظيمات الإرهابية في سورية لا تتمتع بتأييد كبير.
ومن ناحية أخرى لم تقم هذه التنظيمات بتحسين علاقاتها مع الجيش السوري الحر، ولكن التنظيمات عينها حصلت على دعم كبير، بما في ذلك الحصول على عدد لا بأس به من المجاهدين من العراق، الأردن، مصر وفي الفترة الأخيرة من الكويت، كما أن هذا الدعم الخارجي من الدول المذكورة مُنح لتنظيمات تتخذ من حرب العصابات نمطًا لها، وبالتالي فإن هذا الدعم أدى إلى أنْ تكون المعارك في حمص شديدة، كما أنه سُجل ارتفاع بنسبة 134 بالمائة في نسبة الهجوم بواسطة المتفجرات ضد قوات الأمن السورية منذ شهر كانون الثاني (يناير) من العام الجاري.
وقالت الدراسة أيضًا إنه على الرغم من الخلاف العقائدي بين التنظيمات وبين الجيش الحر، إلا أن بعض التنظيمات الجهادية الفاعلة على الساحة السورية أقامت علاقات خفيفة مع الجيش الحر، ويقومون بتقديم المساعدة له في حربه ضد قوات الأمن التابعة للنظام، وذلك عبر استعمال التكتيك الخاص بحرب العصابات، وذلك لأن هذه التنظيمات تتمتع بالتجربة لخوضها معارك في بلدان أخرى، وشددت الدراسة على أن تنظيمات المساعدة الجهادية تعتبر الخلية الأهم والخلية المركزية في تهريب المقاتلين والأسلحة والعتاد، وتحديدًا من العراق ولبنان.
وساقت الدراسة الإسرائيلية قائلةً إنه بسبب الغط الذي يولده الصراع الداخلي في سورية، والذي بات يقض مضاجع صناع القرار في دمشق لتراجع تأثر الحكومة، فإن هذه التنظيمات الإسلامية الراديكالية تزيد من الضغط الهائل على الحكومة السورية، ولفتت الدراسة أيضًا إلى أن عدد أفراد التنظيمات القليل، وشراسة هجماتهم، وقدرتهم على تأجيج الصراع، يجعل مهمة القوات السورية النظامية صعبة للغاية في محاربتهم بهدف القضاء عليهم، كما تفعل في حربها مع الجيش الحر، وهذا الضغط المستمر من قبل التنظيمات الجهادية، أكدن الدراسة، يزيد كثيرا من ضعف الحكومة المركزية.
وأوضحت الدراسة الإسرائيلية أيضًا أنه بالنسبة للسواد الأعظم من المعارضة السورية فإن التنظيمات الجهادية الإسلامية تُشكًل اليوم حليفًا مهما، ولكن صاحب مشاكل، في حرب المعارضة ضد النظام، وبالتالي فإن المعارضة تسعى إلى عقد التحالفات مع قسم منهم، ولكن بالمقابل تبتعد عن القسم الثاني، وتحديدًا تنظيم القاعدة، لأن التحالفات مع التنظيمات الجهادية الراديكالية، تقول الدراسة، قد تُفقد المعارضة السورية مصداقيتها وتؤثر سلبًا على شعبيتها في صفوف أبناء الشعب السوري وأيضًا في الحلبة السوري.
ولكن، تُضيف الدراسة، فإنه على المدى البعيد، عندما ستتحول هذه التنظيمات إلى مراكز قوى مؤثرة على الأجندة السورية، فإن العلاقات بين التنظيمات وبين الجيش الحر ستنزلق إلى المعارك، وسترى المعارضة، وتحديدا الجيش الحر، أنه يقف أمام تحدٍ جديد عليه محاربته في طريقها إلى الاعتلاء إلى سدة الحكم. ولفتت الدراسة إلى أن قدرة كل حكومة سورية في المستقبل للقضاء على تأثير هذه التنظيمات ستتحول إلى قضية مفصلية، خوفًا من عودة السيناريو العراقي إلى سورية بعد الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين في العام 2003، إذ استغلت التنظيمات الإسلامية المتطرفة سقوط الأجهزة الأمنية العراقية وحلها، أي الفوضى الأمنية، وقامت بتوسيع قواعدها في العراق، وما زالت تعمل هناك حتى اليوم.
وبرأي الدراسة فإن التنظيمات الإسلامية المتطرفة في سورية من شأنها في المستقبل البعيد أن تؤثر على لاعبين إقليميين في المنطقة: حزب الله وإسرائيل، ذلك أن حزب الله يتمتع اليوم بالأفضلية في سورية من ناحية الحصول على الأسلحة المتطورة والحساسة، ولكن في حال وجود تنظيمات إسلامية سنية متطرفة، فإن ذلك سيمنع حزب الله الشيعي من الحصول على ما كان يحصل عليه في عهد الأسد، على حد تعبير الدراسة الإسرائيلية، أما في ما يتعلق بالدولة العبرية، شكل في المجمل العام صورة إيجابية، لأنه أفقد النظام السوري ثباته وسيطرته على زمام الأمور، وبشكل عام أضعف الحليفتين الرئيستين: إيران وحزب الله، وعلى الرغم من ذلك، خلصت الدراسة إلى القول إن تواجد التنظيمات الإسلامية الراديكالية في سورية، وهي تنظيمات معادية جدًا لإسرائيل، من الممكن أنْ يُحول الحدود الشمالية في المستقبل إلى هدف للهجمات من قبل التنظيمات المتشددة، خصوصا وأن قلب نظام الحكم في دمشق سيمنح هذه التنظيمات قوة وزخمًا كبيرين، على حد قول الدراسة. عن جريدة "أرض كنعان الإخبارية"