استلم المغرب، ظهر أمس الجمعة، أول شحنة من لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد أسابيع من الجدل الذي رافق تأخر حملة التطعيم. وحطت بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، طائرة شحن للخطوط الملكية المغربية، قادمة من مومباي الهندية، وعلى متنها شحنة مكونة من مليوني جرعة من لقاح "أسترازينيكا أوكسفورد"، الذي يتم إنتاجه في معهد سيروم الهندي، أكبر معهد لإنتاج اللقاحات في الهند والعالم.
ويعد المغرب من الدول التي استلمت أولى الشحنات من الهند، بعد أن أجازت الحكومة الهندية تصدير اللقاحات إلى الخارج .
وأعلنت وزارة الصحة المغربية، في السادس من يناير الجاري، منح ترخيص مؤقت للاستعمال الاستعجالي، للقاح الذي طورته شركة "أسترازنيكا" البريطانية بتعاون مع جامعة أوكسفورد. كما رخصت، أمس الجمعة، بشكل استعجالي للقاح "سينوفارم" ضد فيروس كورونا المستجد، الذي ستصل شحنة منه يوم الاربعاء 27 يناير الجاري...
وأعلنت وزارة الصحة، أمس الجمعة، أنها رخصت بشكل استعجالي للقاح" سينوفارم" ضد فيروس كورونا المستجد، لمطابقته بامتياز المواصفات والمعايير المعتمدة دوليا ولتوصيات منظمة الصحة العالمية ذات الصلة.
ووقع المغرب عقودا مع الشركة البريطانية ومختبر الأدوية الصيني سينوفارم، من أجل اقتناء 65 مليون جرعة من اللقاحات، بهدف تطعيم حوالي 25 مليون مغربي، من مجموع عدد الساكنة الذي يناهز 40 مليونا.
هل تأخر وصول اللقاح
ويأتي استلام الشحنة الأولى من اللقاح، في وقت تتزايد المخاوف بشأن الوضعية الوبائية في المغرب، بعد تسجيل أول إصابة بالسلالة المتحورة لفيروس كورونا.
وفي هذا السياق، أكد معاذ لمرابط، منسق مركز عمليات الطوارئ بوزارة الصحة، أن المعطيات المتوفرة حاليا تشير إلى أن السلالة الجديدة التي ظهرت في بريطانيا، لا تؤثر على فعالية لقاح استرازينيكا- اوكسفورد.
وأضاف المسؤول الصحي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "المصاب الوحيد في المغرب بالسلالة الجديدة يوجد في وضع جيد جدا"، مبرزا أن كل مخالطيه الذي يخضعون للمراقبة، لم تظهر لديهم أية أعراض تشير إلى إمكانية الإصابة أو انتقال العدوى.
ومن المتوقع أن تعلن وزارة الصحة، في أي لحظة، عن تاريخ إطلاق الحملة الوطنية للتطعيم، بعدما توصلت بالشحنات الأولى للقاح البريطاني المضاد لكوفيد-19.
وكان من المنتظر أن تنطلق حملة التطعيم قبل بداية السنة الجديدة، لكن المشاكل المرتبطة بتسلم شحنات اللقاح، حالت دون ذلك.
ويرى مولاي سعيد عفيف، وهو عضو في اللجنة العلمية للتلقيح، أن اللقاح لم يتأخر في الوصول إلى المغرب، ويفسر ذلك بمجموعة من المعطيات، من بينها التفاوت الكبير بين العرض والطلب، وتهافت البلدان الغنية على اقتناء الشحنات التي تم إنتاجها، إضافة إلى مسألة الترخيص التي تحتاج إلى بعض الوقت للتأكد من سلامة وفعالية اللقاحات.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" عبر العضو بهذه اللجنة، التي تقدم توصياتها لوزارة الصحة بشأن اعتماد اللقاحات المناسبة، عن الأمل في أن تعبد هذه الشحنة المكونة من مليوني جرعة الطريق إلى التوصل بباقي الجرعات في المواعيد المناسبة.
وأكد أن كل الوسائل اللوجيستية باتت جاهزة من أجل إطلاق حملة التطعيم، التي سشتمل في مرحلة أولى موظفي الصحة والسلطات وقوات الأمن إضافة إلى الأطر التعليمية.
بين ترحيب وتشكيك
وحينما سئل عن اللقاح المنتظر من شركة سينوفارم الصينية، أكد مولاي سعيد عفيف وهو أيضا رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، أن اللجنة العلمية للتلقيح قدمت وثائق تكميلية لوزارة الصحة من أجل الدراسة والترخيص لاستعمال هذا اللقاح. مبرزا أن التجارب السريرية التي أجريت في المغرب، باستخدام لقاح سينوفارم، أظهرت أعراضا خفيفة على المتطوعين، وهو ما يثبت "فعالية اللقاح".
ورغم أن الجدل بشأن تأخر وصول اللقاح طغى على الأحاديث اليومية للمغاربة، في الآونة الأخيرة، لكن ذلك لا يخفي حجم التخوف لدى فئة عريضة من المواطنين الذي يشككون في سلامة وأمان اللقاح.
وفي تفسيره لهذه المخاوف يؤكد محسن بنزاكور المختص في علم النفس الاجتماعي، أن التطعيم يشتغل على "أعز ما يملكه الإنسان، وهو جسمه" وبالتالي "فالمغاربة الآن يسألون عن الضمانات".
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية، يؤكد الخبير أن الحكومة لم تتواصل "بشكل كاف ومقنع" للإجابة على التساؤلات والهواجس المطروحة مجتمعيا بشأن اللقاح.
ويشير المتحدث إلى الدور السلبي الذي لعبته وسائل التواصل الإجتماعي في تأجيج منسوب التخوف من اللقاحات، عبر معلومات يقدمها في الغالب "أشخاص لا يملكون الخبرة العلمية الكافية".
ويتوقع محسن بنزاكور أن تتلاشى هذه المخاوف بمجرد إنطلاق عملية التطعيم، مشيرا إلى أن نظرية ما يصطلح عليها في علم الاجتماع "بنفسية القطيع" ستتغلب في النهاية خاصة إذا لعبت الحكومة ووسائل الإعلام دورا قويا في إقناع المواطنين على أخذ التطعيم.
ويبلغ عدد المصابين بفيروس كورونا في المغرب 463 ألفا و706 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس الماضي، فيما يصل عدد الوفيات إلى 8076 وفاة. وحسب آخر معطيات لوزارة الصحة فإن نسبة التعافي 94,7 في المائة، بمجموع 439 ألفا و301 حالة شفاء.