تقرير أمريكي يكشف تمويل البيت الأبيض لإصلاح الحقل الديني في المغرب بقدر ما ينتقد هذا التقرير عدم احترام السلطات المغربية للحريات الدينية في المغرب، في كثير من المواقف والسياقات والقرارات، بقدر ما يشيد بالكثير من لاختيارات المغربية الأخرى في نفس المجال. مفارقة يفك لغزها تقرير الخارجية الأمريكية، الصادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان، عندما يكشف أن الإدارة الأمريكية تقف وراء دعم الكثير من برامج إصلاح وهيكلة الحقل الديني في المغرب، مثلما يكشف عن الكثير من الرسائل المباشرة والمشفرة بين الإدارة الأمريكية والجانب المغربي، بدءا بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وانتهاء بالملك محمد السادس. الأقليات الدينية والمذهبية في المغرب نقل التقرير عم ممثلي الجالية اليهودية في المغرب أن عدد اليهود المقيمين في المغرب يقدر ما بين 3000 و4000 يهودي، 2500 منهم يقيمون بمدينة الدارالبيضاء. وقال التقرير إن هذا هو "العدد الذي بقي من الجالية اليهودية الكبيرة التي هاجرت أغلبيتها". كما يشير التقرير إلى أن "آخر التقديرات تحدد حجم اليهود المقيمين في الرباطومراكش في العدد 100، فيما يتوزع باقي اليهود على أرجاء المملكة". إلى هنا، ينبه التقرير إلى أن "الساكنة اليهودية في المغرب هي ساكنة شائخة، مع تسجيل تراجع حاد في عدد اليهود الشباب". أما أغلبية الكاتوليك الرومان والبروتستانت الأجانب المقيمين في المغرب، والذين يمثلون الجالية المسيحية في المغرب، فيقدر عددهم بحوالي 5000 من الساكنة العامة. لكن التقرير، وفي مقابل هذه الأرقام، ينقل عن بعض البروتستانت قولهم إن عددهم في المغرب لا يتجاوز 25 ألفا. على أن معظم المسيحيين في المغرب يقيمون في المجال الحضري لمدينة الدارالبيضاء، وفي مدينتي طنجة والرباط. ويورد التقرير أن العديد من ممثلي الجالية المسيحية يقدرون بأن هناك 400 من المسيحيين المغاربة المحليين (أغلبهم من البربر)، من الذين يحضرون، بانتظام "كنائس المنزل"، ويستقر معظمهم في الجنوب. مقابل ذلك، يقدر بعض ممثلي الجالية المسيحية أن عدد المسيحيين المحليين في المغرب يتجاوز 8000 مسيحي، الذين اعتنقوا الديانة المسيحية، "غير أن أغلبيتهم لا تلتقي بانتظام، بسبب خوفهم من المراقبة الحكومية والمضايقات الاجتماعية". ويحدد هذا التقرير الشيعة المسلمين في المغرب ما بين 3000 إلى 8000 شيعي، معظمهم أجانب، ينحدرون من لبنان أو العراق، إضافة إلى المواطنين المغاربة الذين اعتنقوا المذهب الشيعي. أما البهائيون في المغرب، والذين يستقرون في بعض المراكز الحضرية بالمغرب، فيقدر التقرير عددهم ما بين 350 و400 بهائي مغربي. وعن التصوف والصوفية، فإن العديد من اتباع الطرق الصوفية "يحجون، سنويا، إلى المغرب". ولعل أبرز هذه الطرق الصوفية "الزاوية التيجانية التي تستقطب أكثر من 30 مريد، كل أسبوع، معظمهم من إفريقيا الغربية، يأتون إلى مدينة فاس للتعبد في ضريح الشيخ أحمد التيجاني". وتأتي في المرتبة الثانية، حسب التقرير، دائما، الطريقة القادرية البوتشيشية. طريقة قال عنها التقرير الأمريكي "إن لها صدى كبيرا داخل البلاد". وهي تحتفل بالمولد النبوي كل سنة، حيث يصلي الأتباع خلف سيخ الطريقة سيدي حمزة القادري البودشيشي في مدينة بركان". الحكومة المغربية لا تحترم الحرية الدينية يسجل تقرير الخارجية الأمريكية مفارقة صريحة في تعاطي الدولة مع ملف الحرية الدينية. فهو بقدر ما "يجيز للمالكيين السنيين المسلمين دعوة الآخر إلى اعتناق الدين الإسلامي، فإنه يجرم، في الوقت نفسه، تنصير المالكيين السنيين المسلمين". وإذا كانت الحكومة المغربية تتسامح مع العديد من الأقليات الدينية، وبدرجات متفاوتة، فإنها تمنع ترويج المواد الدينية غير الإسلامية. وهي (الحكومة) التي "تتحكم في أنشطة المساجد والطوائف الدينية غير المسلمة، وتتدخل عندما تقدر أن أنشطتهم قد تجاوزت حدود النشاط الديني السياسي المسموح به". فما بين شهري مارس وماي من السنة الجارية (2010)، قال التقرير إن الحكومة المغربية قد لجأت إلى الفصل 26 من قانون دخول وإقامة الأجانب والهجرة والهجرة غير الشرعية، لطرد ومنع دخول مسيحيين مقيمين في المغرب، بدعوى أنهم يشكلون تهديدا للأمن العام. ويمضي التقرير، بعد ذلك، في استعراض عدد من فصول القانون الجنائي بالمغربي، والقوانين المرتبطة بالأجانب والقوانين ذات الصلة، مسجلا في النهاية أن القانون الجنائي المغربي لا ينص على اعتبار اعتناق ديانة أخرى جريمة. مقابل ذلك، يسجل التقرير كون قانون الصحافة يشدد على أن أي مس بالإسلام أو الوحدة الترابية أو المؤسسة الملكية حالات يمكن أن تؤدي إلى العقوبة السجنية. وإذا كان أغلبية الأجانب "ينظمون أنشطتهم الدينية في أماكن العبادة التابعة لمؤسسات دينية معترف بها من قب السلطات المغربية"، وذلك بدون قيود تذكر، فإن عددا من الأقليات المحلية غير المسلمة وغير اليهودية "يتم إجبارها على عدم التعبد بشكل علني، وأغلب أفراد هذه المجموعات يتلقون في منازلهم". ويقدر ما نجد الإنجيل متوفرا في بعض المكتبات المغربية، باللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، فإن هناك عددا محدودا من الترجمات المتوفرة في المغرب، كما أن "السلطات المغربية كثيرا ما تلجأ إلى مصادرة الأناجيل التي تعتقد أن وراء توزيعها وبيعها أهدافا تنصيرية. وفي النهاية، فإن "الحكومة المغربية حريصة على عدم السماح بترويج المواد الدينية غير الإسلامية، وذلك بشكل علني وصريح"، يشدد التقرير. في مقابل ذلك، يوفر المغرب حماية خاصة لأعضاء الجالية اليهودية، مثلما هو الحال بالمسبة إلى أعضاء الجالية المسيحية. ويستضيف المغرب عددا من الحجاج اليهود الذين "يقومون بإحياء ذكراهم السنوية في المغرب، من خلال زيارة عدد من المواقع المقدسة، وبشكل منتظم". كما يذكر التقرير بأن عددا من أعضاء الجالية اليهودية بالمغرب لهم تمثيلية متقدمة على أعلى المستويات في المغرب. وقد استشهد التقرير في هذا الباب بحالة المستشار الملكي أندري أزولاي، وحالة السفير المتجول للمملكة سيرج بيرديغو، دون أن يذكرهما بالإسم. هذا، وقد نوه التقرير بمشروع الحكومة المغربية الخاص بتكوين المرشدات الدينيات، في إطار برنامج بدأ سنة 2006، والذي يهدف إلى تعزيز مبدأ التسامح والرفع من مساهمة النساء في المجال الروحي. ونقل التقرير عن مسؤولين في الحكومة قولهم "إن تكوين المرشدات الدينيات لا يختلف عن ذلك التكوين الذي يتلقاه الأئمة من الرجال". إلا أن المرشدة الدينية في المغرب "لا يسمح لها بإلقاء خطبة الجمعة في المساجد، وهي لا تؤم المصلين، أيضا، وتقتصر مهمتها، فقط، على تلبية مختلف الحاجيات التي تتعلق بالمرأة"، يقول التقرير. المساجد والخطباء والعدل والإحسان وعن خطب الجمعة والمساجد، يرى التقرير أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي التي توجه خطباء الجمعة داخل المساجد. وفي "بعض الأحيان، تلجأ السلطات إلى قمع أنشطة الجماعات السياسية ذات الأهداف الدينية، وإن كانت تتسامح مع الأنشطة التي تدعو إلى الإسلام والتربية الروحية والأعمال الخيرية". كذلك، يسجل التقرير أن الحكومة تفرض إغلاق المساجد بعد تأدية الصلوات الخمس، وذلك حتى تمنع استغلال هذه الفضاءات في أنشطة سياسية غير مشروعة. فللحكومة، وحدها، الحق في الترخيص لبناء المساجد، "رغم أن معظم المساجد الجديدة التي تم تشييدها في المغرب كانت بتمويل خاص. وهذا ما دفع السلطات إلى إغلاق الكثير من المساجد، بدعوى أنها غير مرخص لها وغير رسمية، بعدما تبين أنها أصبحت موضع اتهام، وأنها قد تحولت إلى فضاءات لتشجيع الممارسات والأنشطة الدينية المتطرفة، ولا تمتثل للقواعد المسطرة من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. بعد ذلك، ينبه التقرير إلى أن الحكومة المغربية لا تعترف بجماعة العدل والإحسان، وهي "الجماعة التي ترفض السلطة الروحية للملك"، يعلق التقرير، معتبرا أن الجماعة تناصر فكرة الدولة الإسلامية، وهي "تستمر في تنظيم التظاهرات السياسية والمشاركة فيها، وتدير مواقع إلكترونية، رغم أن الحكومة لا تسمح بتوزيع مرادها بشكل علني". "إن مخبري الحكومة يراقبون مختلف الجماعات والأنشطة التي تقام داخل المساجد والجامعات والأنشطة الدينية، خاصة تلك التي ينظمها الإسلاميون. كما أن السلطات كثيرا ما تراقب الخدمات التي تقدمها الكنيسة المسيحية للمقيمين الأجانب، وكذا اجتماعات ممثلي الجالية المسيحية، وإن كانت لا تتدخل في أنشطتهم". وهنا، ينقل التقرير عن بعض ممثلي الجالية المسيحية بالمغرب قولهم إنه، و"منذ مارس 2010، فقد ارتفعت درجة المراقبة التي يخضعون لها". السياسة في الدين والدين في السياسة يسجل التقرير أن قانون الأحزاب السياسية يمنع تأسيس الحزب في المغرب على أساس ديني أو عرقي أو لغوي، "فهذه الأحزاب ممنوعة بقوة القانون". ورغم ذلك، فإن الحكومة "تسمح لبعض الأحزاب، ذات التوجه الإسلامي، بالعمل. وقد تلقت بعض هذه الأحزاب تأييدا شعبيا كبيرا، كما هو الحال مع حزب العدالة والتنمية، ثالث حزب في البرلمان المغربي". وتفرض الحكومة على الجماعات الدينية أن تكون مسجلة في المحاكم، قبل أن تنخرط في معاملات مالية، أو في أعمال تجارية. وباستثناء الكنائس التي كانت موجودة في المغرب منذ ما قبل الاستقلال، وهي إما كنائس كاثوليكيين، وتوجد في عدد من المدن المغربية، أو كنائس البروتستانيين، وتوجد في طنجة والبيضاء فقط، والكنيسة الأرثودكسية الروسية بالرباط، فإن السلطات المغربية "لم ترخص أو تصادق على أية مجموعة دينية جديدة". حميش واخشيشن يدعمان اليهودية في المغرب ضمن الغلاف المالي المرصود لوزارة التربية والتعليم، تقوم هذه الأخيرة ب"تمويل التربية على الإسلام في جميع المدارس العمومية، كما تمول التربية على اليهودية في بعض المدارس العمومية". كما أشار التقرير إلى وزارة أخرى، هي وزارة الثقافة، والتي تشارك في "التكفل بإعادة ترميم ثلاثة من أقدم المعابد اليهودية بمدينة فاس". وأضاف التقرير أن الحكومة تمول، أيضا، "دراسة الثقافة والفنون والآداب العبرية، والتراث اليهودي في بعض الجامعات". وأورد التقرير أن ثمة 13 أستاذا يدرسون العبرية في الجامعات المغربية. وفي نفس السياق، تستمر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في "دعم الدراسات العليا الخاصة بالتيولوجيا"، على أن جزءا من هذه الدراسات "مخصص لدراسة اليهودية والمسيحية، بينما تنكب باقي الدراسات على تكوين القيمين الدينيين". عدا ذلك، فإن الحكومة المغربية " لا تستلزم تحديد دين الأشخاص على جوازات السفر أو على البطاقة الوطنية، بشكل واضح أو مشفر". كما تسمح للأشخاص بأن "يجسدوا هويتهم الدينية من خلال اللباس، شريطة مراعاة القيم الثقافية للبلاد". ومن القضايا التي توقف عندها تقرير الخارجية الأمريكية رفض تسجيل أسماء عدد من المواليد، من أبناء الأمازيغيين، أو المسيحيين، بدعوى أن تلك الأسماء غير إسلامية. القيود المفروضة على الحرية الدينية في هذا الباب، توقف التقرير عند البيان الذي وقعه 7000 من علماء المغرب، في أبريل الماضي والذي يساند قرار السلطات المغربية طرد المسيحيين المتهمين بالتنصير. فضلا عن ذلك، نبه التقرير إلى "استمرار السلطات المغربية في مصادرة كتب الإنجيل وكتب الشيعة، والكتب الأخرى التي لا تناصر الشعائر الملكية، في جميع المكتبات، وفي مختلف أنحاء المملكة". كما يتوقف التقرير في هذا الباب، عن عدد من القرارات التي اتخذتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في حق عدد من أئمة المساجد، مذكرا (التقرير) بأن الوزارات قد أقالت 765 إماما في نونبر 2009 بسبب عدم كفاءاتهم، مثلما "أوقفت 34 آخرين، لعدم احترامهم القوانين التي تمنع على الأئمة المشاركة في الأنشطة السياسية، بما فيها الانتخابات الجماعية لسنة 2009". وأضاف التقرير أن الوزارة باتت تعتمد معايير جديدة وأكثر صرامة فيما يخص اختيار وتعيين أئمة المساجد المغربية. كما أشار إلى أن الوزارة قد عمدت، في شتنبر 2009، إلى إيقاف 6 أئمة مساجد جنوب مدينة تارودانت بسبب مخالفة القوانين المعتمدة. كما توقف التقرير عند حالة إيقاف إمام مسجد بمدينة مراكش، لأنه دعا إلى جواز تزويج الفتاة ذات 9 سنوات، في إشارة إلى الشيخ المغراوي. كما تعرض عدد من الأئمة لعقوبات شتى، بسبب استغلال موقعهم الديني، من أجل دعم مرشحين للانتخابات، ذلك أن القوانين المغربية تنص على أن "يظل الأئمة محايدين في ما يخص القضايا السياسية". كما يستحضر التقرير ما أقدمت عليه السلطات المغربية، في 13 شتنبر 2009 من "إيقاف ومتابعة مجموعة من المسلمين الذين احتجوا على القانون الذي يمنع المسلمين علانية في شهر رمضان". ويستعيد التقرير قصة أحد المعتقلين الذي قضى ليلة كاملة في ضيافة الشرطة. وفي الأخير، سيتم إطلاق سراح المعتقلين الستة دون أن توجه إليهم أية تهمة. يدرج التقرير هذه الحالة في الباب المتعلق ب "انتهاكات الحرية الدينية". مثلما يدرج التقرير في هذا الباب ما أقدمت عليه السلطات من طرد ما لا يقل عن 33 من المسيحيين الأجانب المقيمين في المغرب، بدعوى أنهم أشخاص غير مرغوب فيهم، وبأن البعض منهم ضالع في عملية تنصير المغاربة. حدث ذلك في مارس 2010. وفي شهر ماي، سوف تعود السلطات إلى طرد 19 مسيحيا، بالتهمة نفسها وكان أغلبهم من الأمريكيين. وقد لاحظ التقرير أن الشرطة تقوم بإخبار هؤلاء الأشخاص، بشكل شفهي، بكونهم قد انتهكوا قوانين البلاد، وهو ما أدى ببعض الأمريكيين إلى اللجوء إلى القضاء. لكن المحكمة الإدارية بالرباط سوف تتعلل بأنه لا يوجد أي قرار رسمي بطرد هؤلاء. بعد ذلك، سوف يتلقى هؤلاء الأمريكيون تطمينات بالبقاء في المغرب، يضيف التقرير. وبعد إيراد حالات أخرى مماثلة، علق التقرير بالقول إن السلطات المغربية تطرد، وبصورة مطردة كل من يتورط في تنصير المسلمين، دون أن يستفيد من المحاكمة، ودون اللجوء إلى مسطرة أخرى كما هو منصوص عليه في الفصل 22 من قانون الهجرة من سنة 2003. الخارجية الأمريكية تشيد بالحريات الدينية بالمغرب بعد كل ما تقدم، و"رغم طرد المقيمين الأجانب المسيحيين، فإن الحكومة المغربية قد عملت على مواجهة التطرف الإيديولوجي، تحت غطاء الدين، واستمرت في تشجيع التسامح والحوار بين الجماعات الدينية "، يخلص تقرير وزارة الخارجية الأمريكية. ويستدل التقرير، في هذا الصدد، بما أقدمت عليه وزارة الأوقاف في 25 ماي 2010، عندما لجأت إلى طرد رئيس أحد المجالس العلمية بمدينة الدارالبيضاء، كان قد دعا إلى مقاطعة سهرة الفنان البريطاني "إلطون جون"، ضمن فعاليات مهرجان موازين بالرباط. كما يستدل التقرير، في هذا الباب، بمشاركة المغرب الفعالة في "التحالف المدني من أجل المواطنة"، الذي تأسس سنة 2009، كما يعتبر تقرير الخارجية الأمريكية أن الدروس الحسنية هي واحدة من علامات التسامح في المغرب، حيث "يستضيف الملك سلسلة من الدروس الرمضانية، بمشاركة أبرز الأكاديميين المسلمين، من رجاء ونساء، لاستشراف التحديات الفكرية والروحية، ولمساءلة قضايا تتعلق بقيم الحداثة، في محيط من التسامح والانفتاح والشمولية". ومن علامات ذلك، أيضا، "إطلاق قناة (السادسة)، في محاولة جادة من أجل نشر إسلام متسامح، يتبنى التعايش ما بين الناس والأديان". كما نوه تقرير الخارجية الأمريكية بالدعم الحكومي المغربي لمهرجان فاس للموسيقى الروحية، الذي استضاف العديد من الموسيقيين ذوي الأصول اليهودية والهندوسية والبوذية، وغيرها. فضلا عن استضافة المدينة نفسها للمهرجان السنوي الرابع للثقافة الصوفية. الاحترام الجماعي للحرية الدينية يسجل التقرير وجود عدد من حالات الإساءة إلى الحرية الدينية، والتي تطال الأشخاص الذين يعتنقون ديانات أخرى، وكذا الأشخاص الذين تخلوا عن الإسلام، لصالح ديانات أخرى أيضا. ونقل التقرير عن بعض المسحيين المغاربة قولهم إن هذه الإساءات والمضايقات المجتمعية باتت تسجل ارتفاعا ملحوظا، منذ مارس 2010. ومع ذلك، يقول التقرير، فإنه "لم يتم تسجيل أية حالة اعتقال في حق المعتدين". كما ينقل التقرير عن المسيحيين المغاربة قولهم إن "حملة الطرد التي قامت بها السلطات المغربية في حق المسيحيين قد زادت من تقليص هامش حرية التعبير في القضايا ذات الصلة بالدين". وفي هذا السياق، يقول التقرير "إن الأغلبية الساحقة من المغاربة تتقبل أغلبية المواطنين اليهود، كما أن الجالية اليهودية تمتدح هذا الاحترام والقبول الذي تحس به في البلاد". وينقل التقرير عن مسؤولين حكوميين قولهم إن "ما يزيد عن 2500 سائح يهودي يزورون المغرب سنويا، والكثير منهم يقوم بزيارة المواقع الدينية اليهودية، وهم مرحب بهم في غالب الأحيان". بهائيون مسؤولون في الحكومة المغربية يورد التقرير أن أغلبية المجتمع المغربي تعتبر البهائيين خارجين عن العقيدة، وهم غير مرحب بهم. ولذلك، يتخوف هؤلاء البهائيون من الكشف عن هويتهم الدينية. ومع ذلك، فإنهم لا يترددون في ممارسة أنشطتهم داخل المجتمع، و"بعضهم يتحمل مسؤوليات ووظائف حكومية". السياسة الدينية للمغرب على الطريقة الأمريكية أعلن تقرير الخارجية الأمريكية أن موظفي حكومة أوباما يلتقون، وباستمرار، مع مسؤولين دينيين من المغرب، بمن فيهم موظفو وزارة الأوقاف الشؤون الإسلامية، وعلماء الدين، وكذا قادة الجالية اليهودية، والمقيمون الأجانب من المسيحيين، وقادة الجالية المسيحية المسجلة وغير المسجلة، وجماعات دينية محلية أخرى، من بينها الأقليات المسلمة. ومنذ سنة 2007، وفي إطار الحوار السنوي لحقوق الإنسان، "يلتقي موظفو الإدارة الأمريكية مع مسؤولين عن ثلاث وزارت مغربية، في نقاشات مفتوحة وبناءة حول مجمل قضايا حقوق الإنسان، ومن ضمنها الحرية الدينية". كما يشدد التقرير على أن الحكومة الأمريكية تمول مختلف البرامج التي تدعم قيم التسامح الديني، وقيم الحرية الفردية، اعتمادا على النموذج الأمريكي. وضمن هذه البرامج، نظمت سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالرباط، خلال سنة 2009، سلسلة من الأنشطة التي تعزز قيم التسامح الديني وحوار الحضارات. الملك يطمئن السفير الأمريكي وفي علاقات بحملات طرد المبشرين من المغرب، كشف التقرير أن مسؤولي الإدارة الأمريكية قد أثاروا مع المسؤولين المغاربة هذه المسألة، وطالبوهم، مستقبلا، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية الكاملة لفائدة المواطنين الأمريكيين. ونبه المسؤولون الأمريكيون نظراءهم المغاربة إلى ما أسماه التقرير "التأثير الذي أحدثته قرارات طرد المسيحيين على سمعة المغرب، كبلد للتنوع والتسامح". وعن قصة الأحد عشر طفلا اليتامى، الذين عرفوا ب"أطفال قرية الأمل" بمنطقة عين اللوح، والذين كانوا يعيشون تحت رعاية محتضنين مسيحيين، قررت السلطات طردهم في مارس الماضي، كشف التقرير أن السفير الأمريكي قد راسل مختلف المسِؤولين الحكوميين في المغرب، من أجل ضمان وحماية سلامة الأطفال اليتامى. وحينها، "تلقى السفير الأمريكي تطمينات من الملك محمد السادس على أن الأطفال سوف يتلقون الحماية والعناية اللازمتين". يختم التقرير.