تفاعل الإعلام الفرنسي مع الحراك الشعبي الآخذ في التنامي بالجزائر، والرافض لتقلد الرئيس بوتفليقة عهدة رئاسية خامسة، على نحو باتت عيونه مصوبة نحو كل صغيرة وكبيرة، متسائلا عما إذا استعاد الجزائريون أنفسهم بالنظر للمظاهرات العارمة التي شهدتها غالبية المدن الجزائرية، متوقعا أن تتسع رقعتها مع موعد الثالث من شهر مارس المقبل، تاريخ نهاية المهلة المحددة لإيداع ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية. وعلقت صحيفة “لومانيتي”، يوم الثلاثاء، في مقال مطول، على المظاهرات التي شهدتها العاصمة وباقي المدن الجزائرية قائلة: “الجزائر تتنفس”، في وقت لم تفلح حجة الوزير الأول، أحمد أويحيى، الذي تحدث لأول مرة بشأن المظاهرات الشعبية المشتعلة إثر ترسيم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، قائلا للنواب إن كل شيء سيتواصل كما لو أن شيئا لم يكن، مؤكدا: “الانتخابات هي الفاصل.. “.
ويشير كاتب المقال إلى أن كلام أويحيى لم يكن له وقع، بدليل أن بداية الأسبوع الجاري افتتحت بمظاهرات عارمة، متوقعا أن تتسع رقعة هذا الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة يوم الأحد المقبل، المصادف للثالث من شهر مارس، تاريخ موعد انقضاء مهلة إيداع ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية.
وعلى نحو يبرز اهتمامها بكل صغيرة وكبيرة تخص هذه المظاهرات، أشارت الصحيفة إلى أنه بعد اعتصام المحامين في بهو محكمة عبان رمضان، الذي رفعوا فيه شعارات رافضة للعهدة الخامسة، التحق طلبة وأساتذة الجامعات بالركب عبر التراب الجزائري، بل إن الأجواء الآخذة في التشكل تنذر، تضيف، بأن الحزام سيضيق على جماعة بوتفليقة التي غرقت في مسألة الانتخابات.
هامش المناورة تقلص.. وخلصت الصحيفة إلى أنه عبر رفض العهدة الخامسة، فقد تم رفض كامل النظام السياسي من قبل المتظاهرين المطالبين بوضع جبهة التحرير في المتحف، قبل أن تقول، نقلا عن أحد المؤرخين الجزائريين، "إن الحياة السياسية في الجزائر باتت مرتبطة بمؤشر أسعار البترول، إذ تقلص هامش مناورة النظام السياسي بالكيفية التي تقلصت بها احتياطيات الصرف..".
والمتصفح للصحيفة الأسبوعية “لوبوان” أيضا يجد أن الجزائر، منذ اشتعال فتيل المظاهرات، أصبحت حاضرة في الإعلام الأجنبي، فقد حرصت هذه الصحيفة على تفكيك تصريح لوزير الخزينة في الحكومة الجزائرية (1991 1992)، علي بن نواري، المقيم بجنيف بسويسرا، مفاده "أن الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة قد تدهورت بشكل يمنعه من تقلده منصب العهدة الخامسة.."، قبل أن يضيف: "رئيس الدولة الذي وصل يوم الأحد إلى جنيف رفقة شقيقه السعيد للقيام بفحوصات طبية دورية بعيادة "جينوليي" لن يذهب إلى أبعد من ترشحه.. "، ولو أن السؤال يبقى مطروحا عن مصداقية معلومات بن نواري.
الشرعية التاريخية والعشرية السوداء لا تؤثران في الشباب.. تصريح علي بن نواري جاء في الحقيقة قبل ثلاثة أيام عن نشر الصحيفة الأسبوعية مقالا لكاتب اسمه نيكولا بافيراز، يوم الجمعة الماضي، بالتزامن مع المسيرة السلمية العارمة التي احتضنتها العاصمة وبعض الولايات، جاء فيه: "إن إعادة انتخاب بوتفليقة للعهدة الخامسة.. سيحول الجزائر إلى فنزويلا إفريقيا..".
بل احتضنت الصحيفة ذاتها، خلال الأسبوع الجاري، تصريحا للكاتب الجزائري كمال داود الذي يرى أن استثمار جماعة بوتفليقة في الشرعية التاريخية باستعمال الثورة في الخطابات مثله مثل تخويف الناس بالعشرية السوداء، لن يؤثر أبدا في شباب اليوم الذي يميل إلى الأنترنت و”الحرڤة”، لأن هذين الحدثين غير موجودين في ذاكرته.
ولم تشذ صحيفة “لوفيغارو” عن التفاعل مع المستجدات السياسية بالجزائر، وهي التي تساءلت في مقال لها نشر أول أمس “مظاهرات ضد إعادة انتخاب بوتفليقة، لماذا استعادت الجزائر نفسها؟”، قبل أن تشير إلى أن المظاهرات العارمة ضمت الفئات الشبانية، بينها طلبة الجامعات ممن رفعوا شعارات معارضة للعهدة الخامسة مثل “إكرام الميت دفنه وليس انتخابه”، بينما أشارت صحيفة “لوموند” الشهيرة إلى أنه من خلال الحراك الشعبي كسر الجزائريون جدار الخوف.