"البوز" الذي حققته اغنية "حتى لقيت لي تبغيني عاد جايا تسول فيا"، للشاب يونس بولماني، تعيد طرح سؤال التعدد الثقافي بالمغرب ومحاولات تنميط ذوق المغاربة وجعلهم تحت سيف أذواق الإذاعات والقنوات الرسمية التي دأبت على فرض نفس الوجوه الفنية وإدراج ألوان موسيقية بعينها، مع إقصاء التراث الفني والثقافي الذي تزخر به باقي مناطق المغرب.. البوز الذي حققه يونس بولماني، إبن مدينة ارفود بالجنوب الشرقي، كان له الفضل في اكتشاف الجمهور المغربي للون موسيقي يختلف عن ما عهد سماعه في إذاعاتنا وتلفزاتنا، وفي المهرجانات الكبرى التي تقام في مددننا الكبرى ويستدعى لها فنانون من الخارج ووجوه فنية مستهلكة في الداخل.
البوز الذي حققته اغنية يونس بولماني مرفوقا بصديقيه سويلم الجرفي وعبد الوهاب بطرشي، مكن المغاربة من اكتشاف فن "البلدي"، الذي تتميز به منطقة الجنوب الشرقي، تافيلالت، والطاقات الفنية الشابة التي لا تقل موهبة عن تلك التي تزخر بها المدن الكبرى، كما أن انتشار الاغنية السريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم محدودية الامكانيات المسخرة فيها، والتهافت عليها من طرف العديد من مشاهير الموسيقى والتمثيل والرياضة.. إلخ، يكشف كيف أن الفن الصادق والمرتبط بهموم الشعب وبقضاياه دون مساحيق ولا تصنع، والذي ينخرط فيه الفنان مع جمهوره بكل تلقائية وبكل أحاسيسه، هو ما يرغب فيه الجمهور المغربي وهو سر النجاح.
لقد استطاع يونس، ومعه عبد الوهاب وسويلم، من إنصاف الاغنية البلدية التي لا يلتفت إليها المسؤولون سواء في وزارة الثقافة او كل الذين يسهرون على القنوات التلفزية والإذاعات والمهرجانات الفنية الكبرى، حيث يصرون على فرض الوان موسيقية ووجوه مستهلة على الجمهور الذي يرغب في الاستماع إلى نبض المغرب العميق وليس فقط لأصوات تستنزف أموالا طائلة دون ان يكون لها ذلك الوقع كما كان لأغنية "حتى لقيت اللي تبغيني"..
هذا البوز غير المسبوق، الذي حققته هذه الاغنية البلدية، يجب ان تثير انتباه المسؤولين عن قنواتنا وإذاعاتنا وعن الشأن الثقافي في المغرب وتذكيرهم بان المغرب أو الأغنية المغربية ليست محصورة فقط في محور الرباطالدارالبيضاء وبعض المدن الكبرى، بل ان أغلب الألوان الموسيقية توجد في المغرب العميق الذي يعاني من التهميش كما هو الشأن بالنسبة لثقافته..
تحية ليونس وعبد الوهاب وسويلم، الذين أضحوا اليوم صوت الجمهور المغربي الذي يريد ان يتملك تراثه وثقافته بمختلف مناطق وجهات المملكة..وتحية للانترنيت ولشبكات التواصل الاجتماعي التي مكنت المغاربة أخيرا من الاطلاع على موسيقى المغرب العميق..