شعب بريس - متابعة تعددت الأسباب التي تقف وراء النكسة الانتخابية التي تعرض لها "التحالف من أجل الديمقراطية"، ولو أن معالم الفشل كانت بادية قبل موعد الاستحقاق الانتخابي، إلا أن تطبيل الإعلام المستقل المساند لرموز التحالف، وأغلبه محسوب على الإعلام الفاسد، ساهمت في تضليل الرؤى وعدم تنبيه من يقف وراء تأسيس التحالف إلى هذه الحتمية، كما عاينت ذلك "أندلس برس".
من بين هذه الأسباب، طغيان الحسابات الشخصية والذاتية على مصالح التحالف، كما جرى عمليا وليس نظريا أثناء الحملة الانتخابية في العديد من الحالات، وإلا ما معنى عدم حصول إثنان من المنتمين إلى التحالف من أجل الديمقراطية، على أي مقعد نيابي وهما النهضة والفضيلة والحزب الإشتراكي، فيما حصل الحزب العمالي على أرٍبعة مقاعد واليسار الأخضر على مقعد واحد، نتيجة اعتبرها مراقبون طبيعية بالنظر إلى البنية السياسية المغربية، التي لا تؤمن كثيرا بالتكتلات السياسية، وتفضل المصالح السياسية الآنية، وهو الأمر الذي جعل بنعتيق يفشل في الحصول على مقعد برلماني، بعدما نزل مرشحون ينتمون إلى التحالف ضده في دائرة أزيلال.
من أسباب الفشل أيضا، انتقام الرأي العام من سيناريو الانقلاب الذي قاده صلاح الدين مزوار ضد مصطفى المنصوري على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو السيناريو الذي وصفته بعض الأقلام الإعلامية بنتائج "الحركة التصحيحية" في الحزب، مع أن بعض رموز هذه الحركة، يعتبرون رموزا في الفساد الانتخابي وبالتالي السياسي.
ومن المعلوم أن مزوار صعد إلى رئاسة الحزب بعد صراع كبير مع الرئيس السابق مصطفى المنصوري، وبمساعدة قيادات الحزب الأصالة والمعاصرة، بالدرجة الأولى، وقد اندلع هذا الصراع، بعد التصريحات النارية التي أطلقها المنصوري في لقاء داخلي مع قيادات الحزب، انتقد فيها مشروع حزب الأصالة والمعاصرة، ومعتبرا أن هذا المشروع يعيد البلاد إلى سنوات الرصاص، وهي التصريحات التي تم تسريبها إلى قيادات الأصالة والمعاصرة وإلى وسائل الإعلام من طرف أعضاء في الحزب، ينتمون رسميا إلى التجمع الوطني للأحرار، ولكنهم موالون للأصالة والمعاصرة، فاندلعت حروب سياسية بين المنصوري ومزوار، وانتهت بإسقاط المنصوري من كرسي التجمع الوطني للأحرار ومن رئاسة مجلس النواب، بتواطؤ من طرف أعضاء "اللجنة التصحيحية" داخل الحزب، والتي كانت تراهن على التقرب من مزوار من أجل الظفر بإحدى المقاعد الوزارية بعد الانتخابات الماضية، والتي أفرزت نكسة انتخابية بكل المقاييس.
هذه أمور أصبحت مكشوفة لدى ذكاء الرأي العام، وهو الرأي العام الذي، ساهم في رد الاعتبار لمصطفى المنصوري عبر تصويت عقابي ضد التجمع الوطني للأحرار، وبالتالي أحزاب التحالف من أجل الديمقراطية في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
من أسباب الفشل الذريع الذي مني به التحالف أيضا، انعكاسات الخلافات الإعلامية داخل نفس الحزب، باعتباره (إلى جانب الأصالة والمعاصرة)، أحد أهم أسس التحالف، وتجلت هذه الخلافات من خلال تتبع أداء صحيفتي "الخبر" التي يديرها عبد الهادي العلمي، قيادي في الحزب و"الشروق" التي كان يديرها محمد أوجار، ولكن يمولها عزيز أخنوش، أحد أهم قيادات الحزب اليوم، والمرشح، حسب آخر الأخبار، للانضمام إلى حكومة العدالة والتنمية.
فمنذ صدور جريدة "الخبر" (مطلع العام الحالي)، ومقالات الصفحة الأولى مخصصة ل"إطلاق النار" على الثنائي أخنوش ومزوار، وردا على هذه الحملات الإعلامية، قرر هذا الثنائي، شراء أسبوعية "الشروق"، وتحويلها إلى يومية، من أجل رد الصاع للمنافس الحزبي، وفي كلتا الحالتين، ساهمت هذه "الحروب" الإعلامية والصراعات في التأثير سلبا على صورة الحزب لدى قواعده أولا ولدى الرأي العام، وساهمت بشكل كبير في التأثير على الأصوات المحصل عليها في انتخابات 25 نونبر الماضي بالنسبة مجمل أحزاب التحالف من أجل الديمقراطية.
بطبيعة الحال، هناك أسباب أخرى، منها رغبة الناخبين في التصويت على العدالة والتنمية، ضدا في توجيه النقد والطعن من وراء أهداف التحالف من أجل الديمقراطية، وأيضا إصرار قيادات التحالف على تبرير ما لا يمكن تبريره، عبر تأسيس تحالف يضم أحزابا ليبرالية ويسارية وإسلامية، وغيرها من الأسباب، تقف وراء النكسة.