نجح تيار صلاح الدين مزوار وأنصاره في حزب التجمع الوطني للأحرار في الإطاحة بمصطفى المنصوري من رئاسة الحزب. وهكذا تسلم مزوار مساء أول أمس من المنصوري مفاتيح الحزب بعد مفاوضات عسيرة، شهدت مشادات كلامية، دامت ثلاث ساعات، الليلة قبل الماضية، خلال ندوة صحفية بالرباط، وكادت تؤدي إلى انشقاق الحزب إلى صفين، واحد تابع للمنصوري، والآخر لمزوار. والتمس مزوار من وسائل الاعلام سحب تصريحاته النارية التي تلاها عقب فشل المفاوضات بينه وبين المنصوري، حيث وصف هذا الأخير بنعوت قدحية شتى، بينها أنه أخل بالتزاماته حينما رفض التوقيع على وثيقة اتفق بشأنها مع قيادة الحزب، قبل يوم واحد على موعد الاجتماع، حيث قال: «إن المنصوري شتم ذكاءنا، ولم يكن في مستوى التطلعات، وهو المسؤول عن الوضع المزري الذي آل إليه الحزب، وليس جديرا بتحمل مسؤولياته، وستواصل الحركة التصحيحية ضغطها في اتجاه عقد مؤتمر استثنائي». ولم تثر، داخل هذه الندوة الصحفية، قضيتان: الأولى تتعلق بالإعلام الحزبي ومصير جريدة الحزب، فيما تتعلق القضية الثانية بمالية الحزب التي لازال المنصوري هو الآمر بالصرف فيها رغم الإطاحة به من قبل تيار مزوار ، فيما تقول بعض المصادر إن تيار مزوار حقق ما هو أهم، وهو نزول المنصوري من قيادة الحزب، أما إعلام الحزب وماليته فمجرد تفاصيل سيحسم فيها فيما بعد. وقال المنصوري إنه وقع على وثيقة سياسية تسمح له بمنح مزوار صلاحيات للإشراف على هياكل الحزب بمعية المكتب التنفيذي، وتنفيذ مقررات الحزب بما فيها التحضير للدورة المقبلة للمجلس الوطني، وهو ما يعد لبنة إضافية في مسيرة الحزب لوضع الآليات الناجعة، في إطار الحركة التصحيحية التي نادى بها أعضاء المكتب التنفيذي، مشيرا إلى أنه بصفته رئيسا للحزب لن يكون حجرة عثرة أمام الإصلاحات التي ستنجز. وأوضح المنصوري أن قرار توقيعه على الوثيقة السياسية جاء «بعد لقاءات مثمرة بين بعض قياديي الحزب الساعين إلى إيجاد حل متفاوض بشأنه، وكذا نزولا عند رغبة بعض القياديين التجمعيين في توسيع إشراكهم في تسيير دواليب الحزب، ومنحهم صلاحيات إضافية تمكنهم من ممارسة اختصاصات أكثر». من جهته، قال مزوار إنه، في إطار الاتفاق المبرم بينه وبين المنصوري، احترم المؤسسات الحزبية، والمشروعية، وهي منهجية تبين أن الاختلاف لا يؤدي إلى الإقصاء، موضحا أن هدف الحركة التصحيحية، التي قادها في صفوف الحزب هو طرح نقاش واسع أظهر بالملموس أن حزب التجمع الوطني للأحرار حزب عريق وناضج، وقدم درسا في الديمقراطية من خلال التفاعل مع الأفكار الجديدة، مؤكدا أن وحدة الحزب تعد خطا أحمر لا يمكن تجاوزه. وكشف مزوار عن خطته الرامية إلى هيكلة الحزب تحضيرا للانتخابات التشريعية المقبلة لسنة 2012، وقال بهذا الخصوص: «إن حزبنا يجب أن تكون له مواقف واضحة في العديد من القضايا، ويوضح تحالفاته مع الأغلبية الحكومية، لكن في نفس الوقت عليه أن يضع تصورا جديدا لتحقيق الأهداف، في كل منطقة وفي كل جماعة، وكل جهة، على أساس التهييء للانتخابات المقبلة، التي يجب أن تقطع مع مرحلة «الانتقال الديمقراطي« والدخول في مرحلة «التطبيع الديمقراطي»، وخلق تحالفات واضحة الاهداف، ومنسجمة التصورات، ووضع برنامج عملي للجهوية المتقدمة، وبلورة تصور لما يجب أن يكون عليه مجلس المستشارين». ونفى مزوار في تصريح ل«المساء»، قبل توقيع الاتفاق، أن يكون هدفه الإطاحة بالمنصوري، مؤكدا أن الصراع السائد في صفوف حزبه هو بين أفكار وطرق الاشتغال، وليس بين أشخاص، مؤكدا أن حركية الحزب لم تتم بإيعاز من حزب آخر، كما ينشر في الصحف، ولكن نتيجة اعتقاد أغلب المناضلين بأهمية التغيير. وشهد الاجتماع، الذي دام مدة ثلاث ساعات، مشادات بين المنصوري ومزوار، حيث نفى الأول أن يكون قد اطلع على وثيقة مكتوبة، تسمح لمزوار بتسيير الحزب، فيما أصر الثاني أن هذا كلام غير مسؤول، معربا عن أسفه لطريقة تسيير المنصوري للحزب، ومحملا إياه فشله الانتخابي، وعقد تحالفات هجينة في عدد من الجماعات، والغرف المهنية، والجهات. ورد المنصوري بحدة أن الذي يتوفر على خبرة سياسية، يجب أن يفهم أن التحالف الحزبي في الانتخابات الجماعية، والجهوية، لا يخضع لتصورات القيادة المركزية، بل القيادة المحلية، مؤكدا أنه ليس وحده من يتحمل مسؤولية إخفاق الحزب في بعض المحطات الانتخابية ببعض المناطق، بل الجميع يتحمل نفس المسؤولية، وقال المنصوري: «إنها أصعب مرحلة أعيشها في حياتي منذ أن توليت مسؤولية الحزب، حيث يطعن في عملي، فكلكم مسؤولون لأن الجميع دبر مرحلة الانتخابات». > لم يسمح لعدد من القيادات الحزبية بولوج مقر القاعة التي احتضنت اللقاء، وبالأخص الدكتور الحسيني العراقي، الذي أزبد وأرعد، أمام حضور حدو الشيكر، ومؤسسي الحزب، ولولا تدخل المعطي بن قدور لكان الأمر سيتحول إلى تشابك بالأيدي. > خرج من القاعة صلاح الدين مزوار ومحمد بوسعيد، والتحق بهما رشيد الطالبي العلمي، بعد دخول المنصوري. وبعد هنيهة، دخل الجميع إلى القاعة، وكانت النرفزة بادية على المنصوري. > غاب محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، ولم يقدم أحد سبب غيابه، وكان عبو جمد عضويته في المكتب التنفيذي، بعد أن تم الضغط عليه لسحب ترشيحه لرئاسة جهة تازةالحسيمة تاونات > حينما أثير اسم منصف بلخياط، وزير الشبيبة والرياضة، تعالت أصوات داخل قاعة الاجتماع، تطالبه بالنهوض حتى يتعرف عليه الحضور كما حدث مع آخرين. > التمس جميع قادة الحزب دعم المعطي بن قدور للترشح لمنصب رئيس مجلس المستشارين، وبعد التوقيع على الاتفاق بين المنصوري ومزوار، تنفس بن قدور الصعداء، وطلب من مستشاري الحزب التوقيع على لائحة الفريق التي تصل إلى نحو 42 مستشارا، حيث كان بعضهم قد حضر لاجتماع عقده فريق الأصالة والمعاصرة، الذي قيل إنه سيضم 72 مستشارا، بعدما كان العدد محصورا في 53 مستشارا.