بالرغم من إحالة المتورطين في مقتل الطالب حمزة الشايب عن طريق الخطأ، في عملية كانت تستهدف مالك مقهى لاكريم بمراكش، على القضاء الذي سيقول كلمته الأخيرة في القضية، إلا أن التطورات والتفاصيل التي وردت فيما بعد تفرض علينا العودة إلى الموضوع، لأن الطريقة التي نفذت بها الجريمة والخطأ الفادح في التنفيذ كشف خطوط شبكة مافيا تقف وراء الحادث. العملية التي جرت مساء الخميس الماضي، بحي جليز بمراكش، كان المستهدف فيها هو صاحب مقهى "لا كريم"، وهو أخ صاحب مقهى "كابوتشينو" المحاذي لها، وفق ما أكدته مصادر مطلعة.
إذ انطلقت العملية بتكليف عنصرين يحملان الجنسية الهولندية، من أجل تنفيذ الجريمة، باعتبارهما محترفين، وبالتالي لن يسقطا في أخطاء تقود لسقوطهما، حيث رافقهما شخص على متن سيارته إلى مقهى "لا كريم" وعرفهما على الهدف المقصود بالتصفية.
حين حضر المنفذان رفقة دليلهما، تم إخبارهما بالهدف، وهو صاحب المقهى الذي كان لحظتها يرتدي سروالا قصيرا وقميصا أبيض، وكان مرفوقا بأخته، حيث غادر الثلاثة المقهى، قبل أن يعودا على متن دراجة نارية من نوع "تيماكس" والعودة لنفس المقهى.
توقفت الدراجة أمام المقهى، وترجل أحدهما إلى المقعد الذي كان يجلس فيه صاحب المقهى وأخته، وأطلق الرصاص، لكن الخطأ الذي وقع فيه القاتل، هو كون الهدف كان قد ترك الطاولة، ولحظتها جلس الضحية حمزة الشايب وزميلته في الكلية، في نفس المكان، ليصبحا هدفا للقاتلين اللذان لاذا بالفرار بعد تنفيذ المهمة.
ومباشرة تنفيذ العملية، التحق المنفذان بمكان كانت فيه سيارة دليلهما تنتظرهما، حيث حملت سيارة المجرمين ودراجتهما، إلى غاية طريق المطار، وهناك قاما بإحراقها، قبل أن ينتقلا إلى فندقهما بشارع محمد السادس.
مباشرة بعد ارتكاب الجريمة، سافر صاحب المقهى رفقة أفراد عائلته، إلى الدارالبيضاء، وهو ما أثار شكوك الأمن فتم استدعاؤه إلى ولاية الأمن واستفساره عن أسباب سفره المفاجئ، فتقدم إلى الولاية مرفوقا بأربعة محامين، وأنكر علمه بدوافع الجريمة، وعندما تم تنقيطه وثبت عدم وجود اسمه وأفراد عائلته ضمن المبحوث عنهم وطنيا ودوليا، أطلق سراحه.
وخلال لحظات، تم تشديد الخناق على كل منافذ المدينة، والقيام بحملات تمشيطية، والاستعانة بطائرات الهيلوكبتر، في عمليات مراقبة كل مداخل المدينة، كما تكلفت فرق أمنية خاصة بمراقبة كل فنادق المدينة، وهو ما ساعد في الوصول إلى المجرمين الذين حاولا تمويه الأمن بعد تغيير فندقهما وحلولهما بفندق "555" الشهير.
كما أن تحركات منفذي الجريمة المريبة واتصالاتهما المتكررة التي لم تتوقف، بعد علمهما بارتكابهما لخطأ قاتل في عملية التصفية، جعلتهما يخططان لمغادرة الفندق، حيث أشعرا الموظفين بالمغادرة رغم أنهما لم يمضيا بالفندق سوى خمس ساعات، وهو ما أثار الشكوك أكثر حولهما.
وعلى الفور، تم إشعار عناصر الامن بالموضوع، وفِي الساعة الثانية فجرا، سارع ضابط شرطة كان مارا بالصدفة قرب الفندق، عندما سمع إشعارا عبر اللاسلكي، ليقوم بالانقضاض على المتهمين، قبل أن يتمكن أحدهما من الإفلات.
العملية كادت أن تودي بحياة الضابط، لكون المطلوبين كانا مسلحين، غير أن حراس الأمن الخاص ساعدوه في الإمساك بأحدهما، بينما فر الثاني على متن سيارة سريعة، فلحقت به دورية للأمن طاردته بشوارع مراكش إلى أن انقلبت سيارته قرب المركب السياحي "بريستيجيا"، ويتم اعتقاله.
وخلال التحقيق مع عنصري المافيا، اعترفا بكونهما كانا مكلفين بتصفية صاحب المقهى، من قبل أحد أباطرة المخدرات، كلفهما عن طريق وسطاء هولنديين للقيام بهذه المهمة مقابل 50 ألف دولار (حوالي 50 مليون سنتيم) لكل واحد منهما، كما كشفا هوية صاحب السيارة الذي أرشدهما للمقهى والذي جرى اعتقاله كذلك.
واستنادا لذات المصادر، فإن دوافع الجريمة، هي خلاف حول صفقة مخدرات قيمتها حوالي 30 مليار سنتيم، ذكرت أن بارون المخدرات المحرض، أراد استرداد مبلغ شحنة الكوكايين التي يتهم صاحب مقهى "لا كريم" بسرقتها منه، عن طريق تصفية أفراد عائلته الواحد تلو الآخر، إلى حين استرجاع المبلغ منه أو من شقيقه.