تم عرض جهود المغرب وخبرته في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، أمس الثلاثاء بمدريد، فى ندوة حول "الإرهاب الشامل" نظمت بمبادرة من مركز التفكير الإسباني الشهير معهد إلكانو الملكي. وأوضح مدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، خلال حلقة نقاش حول تجارب من خارج الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، أن تدبير ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف بالمغرب تتم وفق مقاربة متعدد الأبعاد تقوم على إعادة هيكلة الحقل الديني الذي يروم التصدي لظاهرة ما يسمى بالأصولية الاسلامية ومكافحة الأفكار المتطرفة.
وأضاف بنحمو أن هيكلة الحقل الديني ورش يحظى بالأولوية في المغرب تحت قيادة مؤسسة إمارة المؤمنين التي تسهر على ترسيخ الإسلام المعتدل تبعا للمذهب المالكي الذي تمسك المغاربة به على الدوام.
وتابع أن إعادة الهيكلة أخذت، أيضا، بعدا مؤسسيا، من خلال إعادة النظر في النصوص المنظمة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مذكرا، في هذا السياق، بأن المجلس العلمي الأعلى يبقى المؤسسة الوحيدة المخول لها إصدار الفتاوى، والحسم في المسائل الدينية، وتقرير مدى تلاؤمها مع المبادئ الفقهية والأحكام الشرعية.
وأبرز بنحمو، من جهة أخرى، الجهود المبذولة في مجال تدبير المساجد وتكوين الأئمة والوعاظ والمرشدين والمرشدات.
وأشار إلى أن المقاربة المغربية لمكافحة التطرف تستند، أيضا، على التنمية البشرية، مذكرا في هذا السياق بالدور الذي تلعبه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، والتي مكنت من تلبية الاحتياجات الخاصة، لاسيما ما يتعلق بالبنية التحتية والمشاريع المدرة للدخل ومساعدة الساكنة المعوزة التي غالبا ما تكون هدفا للجماعات المتطرفة.
وذكر، في هذا السياق، بالعمل الهام الذي تقوم به مؤسسة محمد الخامس للتضامن والسلطات العمومية، مضيفا أن المحور الثالث يهم الحكامة الأمنية، التي تشكل ركنا هاما في مكافحة الإرهاب الذي أبان المغرب فيها عن خبرة ومعرفة كبيرتين.
وبحسب بنحمو، فإن هذه الحكامة تتركز حول التعاون بين المصالح، وإعادة النظر في الهيكل الأمني، وعمل منسق وملموس بين جميع الفاعلين المعنيين بالمجال الأمني، مشيرا إلى أن هذه المقاربة، التي مكنت من فهم أفضل لظاهرة الإرهاب واكتساب خبرة أكثر في إدارتها، أضحت ممكنة بفضل معرفة تاريخية وثقافية جيدة بهذه الظاهرة وسلوكيات المجتمعات التي تظهر بها.
وأشار إلى أن النتائج التي حققها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب هي أيضا ثمرة تكوين مجموع الأجهزة الأمنية، واستخدام التكنولوجيات الجديدة، والتكيف مع طبيعة التهديد، ومعرفة أفضل بالشبكات، خاصة العمل الضخم الذي قام به في مجال الاستخبارات، الذي أضحى الآن السلاح السحري ضد هذه الظاهرة.
وأكد من جهة أخرى على انفتاح المغرب على التعاون الإقليمي والدولي، وأن المملكة تدرك تماما حقيقة أن الإرهاب ظاهرة عالمية وأن الرد عليها يجب أن يكون عالميا، مقدما لمحة عامة عن السياق الإقليمي لهذه الظاهرة.
وشارك في هذه الندوة، التي نظمت بتعاون مع السفارة الأمريكية في إسبانيا والمعهد الأمريكي الدولي بمدريد، وحضرها سفير المغرب بإسبانيا، محمد فاضل بنيعيش، ثلة من الخبراء والباحثين في هذا المجال من إسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية وسنغافورة والسويد وفرنسا.