خصص منظمو الدورة 31 من جامعة المعتمد بن عباد الصيفية خيمة الإبداع، طيلة أول اسم الثلاثاء بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية بأصيلة، للشاعر المغربي محمد بنيس تكريما لعطاءاته الثرية في الابداع الثقافي وخاصة في ميداني الشعر والترجمة ... وشارك في هذا اليوم التكريمي، الذي نُظم في إطار الدورة 38 لموسم أصيلة الثقافي الدولي، عدد كبير من الشعراء والنقاد والمترجمين المتخصصين في شعر بنيس والمتابعين لإنجازاته الشعرية والنثرية على مدى العقود الأخيرة، ساوء داخل المغرب أو خارجه (تونس ، لبنان، البحرين، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، تركيا، الولاياتالمتحدة، اليابان...).
وقال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، في كلمة افتتاحية لاحتفالية خيمة الإبداع إن "موسم أصيلة الثقافي اعتاد، منذ أن أرسى أوتاد خيمة الإبداع ضمن فعالياته، أن لا يكتفي بتكريم الشخص بتعداد شمائله، وإنما لفسح المجال أمام نخبة من الباحثين والنقاد، للتأمل بعمق في منجزه الإبداعي" ، مضيفا أن هؤلاء النقاد والباحثين يستحضرون مسار الشاعر محمد بنيس الحافل "بالوقوف عند محطاته المضيئة وعلاماته الفارقة، مستشرفين بذات الوقت الآفاق التي يسمو نحوها أي مبدع جدير بهذه الصفة".
وأشار بنعيسى إلى أن هذه المحطة تعد "لحظة لثناء صادق واعتراف من العارفين ومناسبة لمساءلة موضوعية من المواكبين المتخصصين".
وحيى محمد بن عيسى، في كلمته الافتتاحية، في الشاعر محمد بنيس "شمائله الإنسانية وروح الديموقراطية التي تسكنه"، حيث قال "لا أحسبني مبالغا إن اعتبرت إنتاجه المشهود له بالتميز والتجديد، إحدى أدوات التعريف بالثقافة المغربية الحديثة خارج حدود الوطن".
أما الشاعر المهدي أخريف، منسق احتفالية خيمة الإبداع، فقد اعتبر في كلمة بعنوان "بنيس ..جرأة وحرية" أن "محمد بنيس حالة ثقافية فريدة، بتعبير الشاعر الفلسطيني مراد السوداني، إنه حركية فرد بصيغة التعدد في الأدوار والأفعال، ممتدة على مدى عقود، تجسدها مساهماته القوية في تطوير التجربة الثقافية الحداثية في المغرب، منذ مطلع السبعينات إلى اليوم".
بدورها، ذكرت الناقدة والباحثة الأكاديمية حورية الخمليشي بنشر بنيس دراسة في فرنسا حول "ملارمي والثقافة العربية الإسلامية" موضحة أن هذا الجانب الخفي والمجهول من الدراسات الملارمية لم يتحدث عنه أحد في كل بقاع العالم، وهو ما تحدث عنه محمد بنيس من خلال ابراز مكانة الثقافة العربية الإسلامية في الحياة الثقافية لمالارمي، وملامح هذه الثقافة في ديوان "رمية نرد" وانفتاح عالم مالارمي في زمنه على الأدب العالمي والثقافة الإنسانية.
أما الباحث والشاعر المحجوب الشوني، في دراسة بعنوان "في معنى الصدمة الشعرية... الكتابة بين الجسد والمصير الشعري أو البحث عن معنى اللاطمأنينة"، فقد أكد في قوله "اننا أمام خبرة شعرية وثقافية يتفاعل فيها المقروء الشاسع بالمتحصل عن كتابة بحثت عبر حياة –حيوات ممتدة عن معنى جديد للشاعر في زمننا بتوسيع معاني أسئلة وقضايا قديمة، وأخرى مستحدثة نبعت من جسده الشخ مستحدثة نبعت من جسده الشخصي وعصره الذي يستنشق هواءه".
شهادة الروائي أحمد المديني في حق الشاعر بنيس جاءت تحت عنوان: "محمد بنيس .. الشاعر الأزرق"، حيث خاطبه من خلالها بالقول "أخلصت لنفسك، وصنعت مشروعك، وأنجزت بثقة ونجاح أعمالك إبداعا وبحثا، وسجلت الإبداع العربي المغربي في محافل الشعر الكبرى، وأقمت أبحاثك الجامعية على سنادات دامغة، في اليوم مرجع لا غنى عنها في بابها، وانتقلت بهذه الحصيلة الدسمة نحو آفاق أرحب، حيث تتزاوج وتتعدد الثقافات واللغات متضافرة أخيرا في العطاء الإنساني".
أما الروائي والإعلامي التونسي حسونة المصباحي، فقد خلص إلى أن محمد بنيس شاعر ومثقف من الطراز الرفيع، وعاشق كبير للغة العربية، نذر حياته للشعر منذ صباه، وتعرف على أدونيس فرأى أنه "الصوت الذي كان عليه أن ينصت إليه"، كما تعرف على محمود درويش وقرب بينهما "القلق الجوهري العميق الذي تتصف به الذوات العليا".
وقدم الشاعر الياباني بانيا ناتسويشي، شاعر الهايكو الحديث والمترجم، مداخلة حول "قصائد الهايكو التي كتبها محمد بنيس"، والتي نشر بعضها في مجلته الفصلية للهايكو "جينيو" من ترجمته، بعدما تعرف على الشاعر المغربي لأول مرة سنة 2001 في فيلانسيا بسلوفينيا، وسجل بهذا الخصوص ملمحي السوريالية والموسيقى في قصائد الهايكو التي كتبها محمد بنيس..
يشار إلى ان هذا اليوم التكريمي عرف حضور الشاعر والناقد الأدبي عز الدين الشنتوف، مؤلف كتاب "شعرية محمد بنيس ... الذات والكتابة" (2014)، وكذا الشاعر والروائي والمترجم والناقد الأدبي والفني الفرنسي برنار نويل، في مداخلة تليت بالنيابة عنه بعنوان (أنا الآخر)، ومن إسبانيا المستعرب والمترجم فدريكوو أربوس، المدير السابق للمركز الثقافي الإسباني للقاهرة، ومن لبنان الشاعر والكاتب الصحفي عبده وازن، ومنالولاياتالمتحدة الشاعر والمترجم بيير جوريس..
واختتم الحفل التكريمي بقراءات من شعر محمد بنيس مترجما إلى اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية واليابانية، تلتها معزوفات على آلة العود للفنان والباحث في موسيقى الآلة عمر المتيوي مدير أوركسترا "جمعية كونفليونس موزكيال" بطنجة مرفوقا بترانيم صوفية، قبل أن يتلو المحتفى به مقتطفات من قصائده الأخيرة.