المندوب العام لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة الحسين اندوفي : بلغنا مستوى الاحتراف في التنظيم و الدورة 14 كانت ناجحة بكل المقاييس.. حاوره / عبد الله الفادي يعتبر مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة واحدا من أعرق المهرجانات المختصة في الفن السابع بالقارة السمراء والعالم العربي، وأقدم مهرجان بالمغرب إذ يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1977، على يد النادي السينمائي بخريبكة والجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب. عاش هدا المهرجان مجموعة من المحطات التاريخية الحافلة بالانجازات المهمة وكذلك العثرات، هذه الأخيرة التي كادت، في كثير من الأحيان، أن تعصف به وتحكم عليه بالزوال، لولا عزم وصمود رجال بفضلهم استمر المهرجان قبل أن يدخل مرحلة المؤسسة التي ارتقت به إلى الاحترافية رغم أن مسيرة الألف ميل لازالت طويلة وغير مفروشة بالورود... بعد إسدال الستار عن الدورة الرابعة عشرة التي جرت فعالياتها خلال شهر يوليوز الماضي، ولغاية الوقوف عن حصيلتها وعن واقع وأفاق هذا المهرجان التقينا المندوب العام لمؤسسة المهرجان وخصنا بالحوار التالي:
**ما هو تقييمكم الإجمالي للدورة 14 من مهرجان السينما الإفريقية وهل يمكن إعطاء حصيلة مئوية عن نسبة تحقيق الأهداف التي كانت مسطرة ؟
*في البداية أشكركم على هذه الاستضافة.. وأتمنى بالمناسبة أن يكون هذا اللقاء مثمرا. فبالنسبة للحصيلة لا يمكنني أن أعطيها بالنسبة المئوية لأن هذا الأمر يتعلق بأهل الاختصاص ونحن لا نمثل ذلك .. عموما أؤكد أن النسخة 14 كانت ناجحة بكل مقاييس النجاح أولا كانت هناك جودة في الأفلام التي كانت في المستوى المطلوب حيث ناقشت مجموعة من الظواهر الاجتماعية التي تعيشها الدول الإفريقية بصفة عامة. ثانيا الحضور الإعلامي الذي واكب الدورة كان جد وازن ولعب دوره الكامل، لكن الغائب الوحيد الذي لاحظه المتتبع بالنسبة للتغطية الإعلامية هو القنوات التلفزية وهو المشكل الذي ليس نحن الوحيدين الذين نعاني منه، إعلامنا المرئي للأسف لا يعطي لكل ذي حق حقه مع العلم أن المهرجان يعد أول تظاهرة وطنية وثاني تظاهرة على المستوى الإفريقي بعد مهرجان واغادوغو ببوركينا فاصو.. تظاهرة من حجم مهرجان خريبكة يجب على الإعلام المرئي أن يعطيها ما تستحقه من عناية حدت هذا الإجحاف والتجاهل رغم أننا كاتبنا الجهات المسؤولة من خلال مجموعة من الرسائل حيث طالبنا منهم المواكبة الإعلامية لهذه التظاهرة القارية الفنية لكن بدون جدوى.. ومن غير هذا الجانب أعتقد أن الإعلام المكتوب كان في المستوى المرغوب، بما فيه الجرائد الإليكترونية التي كانت لها تغطية شاملة وهذا لا يعني أن جانب الإعلام كان ينحاز للمهرجان بل كان ينتقد بشكل بناء وذلك خدمة لتطوير هذه التظاهرة إلى الأحسن.. كما عرفت الدورة حضورا جماهيريا متميزا داخل قاعة العرض سواء على مستوى الكم أو النوع سواء خلال عرض الأفلام المغربية والعربية بصفة عامة أو حتى بالنسبة لأفلام جنوب الصحراء، وبدلنا الكثير من اجل إنجاح هدا الجانب، إذ كان هناك احترام للتوقيت حيث كانت العروض تنطلق في موعدها المحدد مع العمل على إغلاق أبواب القاعة تفاديا لكل ما قد يعكر صفوة المتابعة ودرءا لكل تشويش على لجنة التحكيم بوجه خاص، و التي كانت مكونة من مجموعة من الفاعلين السينمائيين الكبار الذين لهم مكانتهم على الصعيد الإفريقي و الدولي.. كما كانت الورشات في المستوى من جميع الجوانب بشهادة كل المتتبعين والمشاركين، وتميزت خلال هذه الدورة بعملها حتى خارج فضاءات المهرجان حيث تعاملنا مع الخزانة الوسائطية و جمعية المستقبل لذوي الاحتياجات الخاصة .. كذلك و بحضور مجموعة من الفنانين السينمائيين عملنا على تنظيم عرضين داخل السجن المحلي لمدينة خريبكة، وهي البادرة التي تركت انطباعا جيدا ومؤثرا لدى النزلاء إلى درجة أن بعض الفنانين اذرفوا الدموع بحرارة من شدة تأثرهم للأجواء الحميمة والالتحام العفوي مع المعتقلين .. كذلك قمنا ولأول مرة بتنظيم أول عرض بالسجن المحلي لمدينة وادي زم مما لقي استحسانا هناك.. لكن يبقى جانبا لم نشتغل عليه مكرهين نظرا للظروف الطارئة التي كانت عليها آنذاك مدينة خريبكة والمناطق المجاورة ويتعلق الأمر بالقافلة السينمائية بالقرى المنجمية أو داخل مدينة خريبكة، حيث أن البرنامج كان يتضمن عروضا بساحة عمومية.. بصفة عامة يمكن القول أن هذه الدورة عرفت عدة إضافات نوعية حتى على مستوى وسائل العمل والتي أهلتنا لبلوغ مستوى الاحترافية في التنظيم أو ما يسمى بالمهرجان المحترف.. مع العلم أيضا أن جانب الدعاية والترويج للدورة استعملت فيه وسائل متميزة جدا و التي أعطت قيمة مضافة للمهرجان. **هل عانت هذه الدورة من إكراهات؟ *الإكراهات كانت فقط ذات طابع مالي.. الدعم المادي المرصود للمهرجان يبقى دائما دون المستوى المطلوب مقارنة مع مهرجانات وطنية أخرى وبالتالي فلا يعقل أن يخصص لهذا المهرجان القاري هذا الدعم البسيط جدا مقارنة مع قيمته التاريخية ودوره الريادي مقارنة مع غيره من المهرجانات. كيف يعقل أن الجماعة الحضرية للمدينة لا تساهم ماديا، وأصنف هذا في خانة غياب بعد نظر..فواجب دعم الجانب الثقافي بالمدينة يحتم إعطاء المهرجان ما يستحقه من عناية مادية.. وأمام هذه الوضعية فإننا نعمل بالإمكانيات المتاحة لنا وبكل حكامة بداية من ترشيد النفقات درءا لأية مفاجئة غير محمودة دون أن نتبرم من العناية الواجبة للضيوف ولفعاليات المهرجان ولله الحمد نجحنا في دلك وتلقينا الشكر والتنويه من كل الفعاليات التي أتت الدورة التي أعود وأقول أنها كانت ناجحة وبامتياز.
** كيف تم انتقاء أعضاء اللجان الوظيفية وخاصة أن البعض يقول بأن المحسوبية وعامل العلاقات هو الذي يهيمن على ذلك؟ *كل هذه الاتهامات غير واردة فنحن كمؤسسة مفروض علينا أن نشتغل مع مؤسسات مسؤولة.. نشتغل مع النادي السينمائي لمدينة خريبكة بحكم أنه من المؤسسين للمهرجان والمواكب لكل الدورات منذ سنة 1977 وإلى اليوم ويمكن اعتباره طاقة مهمة للمهرجان، واشتغلنا مع جمعية الفيلم الوثائقي، مع جمعية الأعمال التربوية التي تتبنى مهرجانين تربويين، انفتحنا على جمعية الشعلة نظرا لرصيدها التاريخي.. وتعاملنا كذلك مع فعاليات مهمة.. إذن لم نعتمد على الانتقائية فيما يخص الأشخاص بل تحكمت في العملية معايير موضوعية التي من شأنها أن تدفع بالمهرجان إلى الأمام، ونظرا للإمكانيات المحدودة للمهرجان فلا يمكن جبر الخواطر لجميع الفعاليات الجمعوية الموجودة بالمدينة.. وبالمناسبة فإننا سنسعى إلى توسيع دائرة استقطاب فعاليات محلية أخرى إذا تبين أنها ستشكل إضافة للمهرجان وستساعد على تطويره. **عرفت الدور غياب مخرجي أغلبية الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية بما فيها الفلم المتوج بالجائزة الكبرى ليس هدا نوعا من التقصير من طرف المؤسسة ؟ * لا أبدا ليس هناك أي تقصير من طرف المؤسسة، فقد عملنا على توجه الدعوة لمخرج ومنتج وبطل كل فلم مشارك في المسابقة الرسمية ووفرن لهم كل ما يضمن حضورهم وإذ غاب بعضهم هدا رجع لاكراهاتهم الخاصة البعيدة عنا، وهدا يحدث حتى في كبريات المهرجانات العالمية مثل كان، وغيرها وحتى تأجيل المهرجان بسبب الاستفتاء عن الدستور ساهم في دلك فكما تعرفون فهؤلاء السينمائيين لهم التزامات وبرامج مضبوطة ليس من السهل تغيرها لأنها مكلفة بالنسبة لهم.. وعلى ذكر الضيوف استغل هده الفرصة لأشكر الخطوط الجوية الملكية ومديرها العام السيد إدريس بنهيمة الذي يعد واحدا من مؤسسي هذا المهرجان على دعمه الكبير لنا من خلال توفير تذاكر السفر للضيوف الأفارقة ونحن نكتفي بدفع ثمن تذاكر ضيوف شمال إفريقيا ولولا ذلك لأنهكت ميزانية المهرجان. **على هامش افتتاح واختتام الدورة نظمت وقفات احتجاجية الم يشكل ذلك إحراج للمهرجان ؟
*أعتقد أن المغرب دخل في ثقافة جديدة في سياق الحراك السياسي والاجتماعي الذي تعرفه العديد من الدول العربية فيما يعرف بالربيع العربي وهي ثقافة الاحتجاج السلمي التي يجب الإيمان بها والتي انخرطت معها الدولة بما تتطلبه من حكمة ورزانة و لم يكن لها أي انعكاس سلبي على المهرجان.. كانت احتجاجات عادية جسدت دولة الحريات والديمقراطية التي تتمتع بها بلادنا.
**بعض أفلام الدورة تخللتها بعض المشاهد المخلة بالآداب العامة.. ألم يكن بالإمكان عدم إدراجها خاصة وأن المهرجان يتابع من طرف اسر بما فيها الأبناء مع والديهم ؟
*كل الأفلام التي عرضت كانت بترخيص من طرف المركز السينمائي المغربي والمشاهد هي عادية جدا بالنسبة لمجال السينما.. وكل شخص لا يرقه ذلك له الحق في عدم المتابعة.. لكن يبقى التأكيد أن الأطفال الصغار أقل من 16 سنة كان يمنع عليهم ولوج قاعة العرض.. كما وجب القول بالمناسبة أن المشاهد التي تحدثتم عنها كانت قليلة جدا وفي أفلام تعالج ظواهر لها علاقة بالمشاهد المعروضة .
**ألا تعتقد أن المهرجان في حاجة ماسة إلى بنية تحتية داعمة له؟
*أعتقد أن البنية التحتية الموجودة الآن كافية وتساهم بشكل فعال في خدمة المهرجان ودليل ذلك أن المهرجان أصبح ينعقد كل سنة ابتداء من الدورة الثامنة، ومع ذلك لنا طموح تحقيق المزيد من المكاسب والانجازات ومع خلق مشروع المنجم الأخضر ستتوفر المدينة على بنيات تحتية كبيرة من قاعات سينمائية وفنادق وغيرها.
** هل من رهانات تنموية نجح المهرجان في تحقيقها ؟ *المهرجان حقق عددا كبيرا من الرهانات باعتباره يضم مجموعة من الشركاء الحقيقيين من أبرزهم المركز السينمائي المغربي، وبهذا الخصوص أرى أن تواصل المهرجان، كل سنة وبالموارد المالية الحالية، فيه جزء كبير من ترسيخ لقيم التنمية الثقافية على الصعيد المحلي والوطني والإفريقي، كما أنه ساهم بشكل كبير في بناء المركب الثقافي بالمدينة، وخلق دينامية حقيقية على مستوى السياحة الداخلية، والنقل والتجارة خلال فترة المهرجان. كما أن المهرجان نطمح من خلاله، إلى الحضور القوي في المشروع الكبير للمنجم الأخضر للمجمع الشريف للفوسفاط، ليلعب دورا كبيرا في تكريس قيم التنمية المحلية على شتى الواجهات، إلى جانب عدد من المؤسسات والقطاعات الأخرى، من أجل تحقيق مرامي التنمية المستدامة في الإقليم والجهة ككل .
**ألا يمكن تغيير توقيت انعقاد المهرجان الذي يتصادف مع الأجواء الحارة التي تعرفها مدينة خريبكة؟
*لا يمكن لأن ذلك له ارتباط بالموارد المالية التي ترصد له.. إذا غيرناه إلى الفترة التي كان عليها سابقا التي تتزامن بأبريل أو مارس فالمهرجان لا يمكنه أن يتوفر على الموارد المالية المطلوبة ..
** نور الديل الصايل رئيس مؤسسة المهرجان صرح بأن الدورة 15 ستشكل أكبر تجمع للسينمائيين الأفارقة هل هذا يعني أنكم تخططون منذ الآن لهذا المنحى الجديد؟
* هناك فعلا اتصالات مهمة جدا يقوم بها رئيس المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل، الذي له الفضل الكبير على هذا المهرجان وعلى استمراريته، ويخصه بدعم كبير وعناية خاصة وهو واحد من مؤسسيه وعاش معه جميع المراحل، ويمكن أن يشكل ذلك مفاجئة للنسخة القادمة من المهرجان.. ونترك هذا الجانب من الحديث إلى حينه..
**بعد نهاية الدورة الحالية كيف سيستمر العمل طيلة السنة لترسيخ ثقافة سينمائية وللإعداد الجيد للدورة القادمة إن شاء الله ؟
* عمل مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية يستمر طيلة السنة ومقرها مفتوح بشكل دائم وموظفوها متواجدون طيلة العام ويقومون بدورهم احسم قيام، واستغل هده الفرصة ومن خلال منبركم لأشكر الأخوات على كل ما يقمن به من جهد، فمباشرة بعد نهاية الدورة 14 بدأنا عمل جديد والمتجلي في إعادة الأفلام المشاركة لأصحابها وبعت الجوائز المالية للأفلام الفائزة وغيرها من الالتزامات الضرورية تم تقييم الدورة ووو.. وبعدها الدخول مباشرة في الإعداد للدورة الموالية، نحن نقسم عمل السنة على ثلاث مراحل فالمؤسسة مهنية ومحترفة وغير مسموح فيها بالأخطاء.. وقبل أن أختم هذه النقطة أوضح أن أعضاء مؤسسة مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة يشتغلون بشكل تطوعي وبدون أي راتب ولا يتلقون أي تعويض مادي، سواء طيلة السنة أو خلال فعاليات المهرجان، نعمل من أجل المدينة والسينما والثقافة وهذا توضيح للبعض ليس إلا..