تحتضن مدينة خريبكة الدورة الثانية عشرة لمهرجان السينما الإفريقية من 18 إلى 25 يوليوز 2009 تحت قيادة الناقد والمدير العام للمركز السينمائي المغربي باعتباره رئيس المهرجان السيد نور الدين الصايل وهو احد مؤسسي هذه التظاهرة الإفريقية سنة 1977. ووضعت الدورة لمتتبعيها اثني عشر فيلما من تسع دول تشارك فيه إثيوبيا لأول مرة بفيلم " تيزا" للمخرج المتألق هايل جيريما والذي حصل على جوائز مهمة في مهرجانات افريقية . إلى جانب كل من مصر بفيلم "ميكانو" لمحمود كامل و"بلطية العايمة" لعلي رجب و تونس بفيلم " رحلة يا محلاها " لخالد غربال وبوركينا فاصو ب " قلب الأسد " لبوباكار ديالو وفيلم " Le Fauteuil" لميسا هيبي ومالي بفيلم واحد " antan Fanga " لأداما برابو و لادجي كياكيتي أما السنغال فمثلها فيلم " Les Feux de Mansaré " لمنصور صورا واد و الكاميرون ب " Mah Saah-Sah " لدانييل كاموا وغينيا بفيلم " غياب " لماما كايطا بالإضافة إلى المغرب الذي سيشارك في المسابقة بفيلمين هما : "زمن الرفاق " للمخرج الشاب محمد شريف طريبق و فيلم " عقلتي على عادل" لمحمد زين الدين . للإشارة فان عددا كبيرا من هذه الأفلام قد حصل على جوائز في مهرجانات عربية وافريقية و دولية كمهرجان واغادوغو و قرطاج وبرلين وغيره مما يجعل مهمة لجنة التحكيم أكثر صعوبة و هي تتكون من عبد الرحمان سيساكو رئيسا من موريتانيا والذي تكون سينمائيا في روسيا وعاش في فرنسا واسقبل مهرجان كان إبداعاته السينمائية مرارا وعضو لجنة تحكيم دورته لسنة 2007 وصاحب فيلم " باماكو" ونادية الفاني من تونس و سالفادور ليوكاتا من بلجيكا و مانو ريوال من الهند و ليدي دياخاتي من فرنسا بالإضافة إلى الممثلة المغربية لطيفة احرار و الكاتب ياسين عدنان . و هي التي ستحسم في الفوز بالجوائز التي حددها المهرجان وهي كما يلي : الجائزة الكبرى (عصمان صمبين ) وقدرها 70000 درهم مغربي وجائزة لجنة التحكيم (50000 درهم) ثم جائزة أحسن إخراج والسيناريو وأحسن دور وأحسن دور نسائي و قدر كل واحدة 20000 درهم و جائزة ثاني دور نسائي و ثاني دور رجالي بقيمة 10000 درهم للواحدة . المنافسة ستكون شديدة . لكن المهم بالنسبة للنقاد و المشاهدين سكان مدينة خريكة هو تلك المتعة البصرية حيث تعيش خريبكة اجواءا وجمالية افريقية حيث يتأجج الخطاب السينمائي طيلة الأيام الثمانية من عمر المهرجان الذي أصبح سنويا . المتعة السينمائي تستمر مع برمجة أفلام مغربيه جديدة خارج المسابقة : "حجاب الحب "لعزيز السالمي " كازانيكرا" لنور الدين لخماري و الذي أثار نقاشا واسعا لذي المشاهدين المغاربة بين معجب ومنتقد . و "نامبر وان " لزكية الطاهري و"خربوشة " لحميد الزوغي و "لولا" لنبيل عيوش والذي أثار جدلا على المستوى الدولي متناولا حوار الحضارات والثقافات . كلها أفلام تستحق المشاهدة و النقاش الجاد كالذي اعتاد أن ينظمه المهرجان طيلة ليالي دوراته متسائلا عن تجربة سينمائية لبلد ما و نحن نتذكر النقاشات التي دامت أكثر من خمس ساعات مع السينما التونسية مما يعمق البعد الثقافي للمهرجان الذي لا يبخل بفتح الحوار مع كل تجربة سينمائية في اليوم الموالي لعرض الفيلم المبرمج في المسابقة الرسمية دون أن يغفل الإطلاع بعين نقدية على كل الإصدارات السينمائية و ستكون هذه السنة حافلة بتداول الكتب التالية : "اطروحات وتجارب حول السينما الغربية " للناقد محمد شويكة و "بنية اللغة السينمائية " لعز الدين الوافي و "صورة المهمش في السينما المغربية " للحسن اتمني نادي ايموزار و " المرجعيات الفكرية والجمالية لسينما محمد عبد الرحمان التازي" لعامر الشرقي نادي القبس السينمائي ثم " خربوشة " لخالد الحضري . كلها تسائل السينما المغربية في بعدها الجمال ومرجعياتها و تيماتها المتنوعة . ولمن يرغب تعميق الثقافة السينمائية خصصت الدورة الثانية عشرة كعادتها حصصا للتكون السينمائي و اختارت لهذه السنة "ورشة التصوير" للسينمائي عبد الكريم الدرقاوي و "ورشة السيناريو" للمخرج السينمائي المغربي كمال كمال صاحب" السمفونية المغربية " ثم "ورشة المونطاج " للطيفة نمير من المركز السينمائي المغربي وتعتبر هذه الحلقات التكوينية دفعة جديدة هذه السنة في التمهير السينمائي لخبر المكونين في إطار الاستمرارية للتجارب الإبداعية السينمائية المنبثقة من هذه الدورات . أما الندوة التي اعتاد المهرجان تنظيمها فسيكون محورها هذه السنة " القرصنة في السينما " يديرها السيد نور الدين الصايل و يشارك فيها كل من السيد خالد الناصري وزير الاتصال و الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية والسيد عبد الله ودغيري عن المكتب المغربي لحقوق المؤلفين السيد محمد كمال مغازلي عن المركز السينمائي و السيد خالد نقري عن الجمعية المغربية لمحاربة القرصنة و السيد LEMOINE Jean Pierre صاحب قاعات سينمائية للتداول في الموضوع ومن زوايا مختلفة خاصة وأننا نعاني عالميا من هذه الظاهرة التي تحتاج إلى حلول حاسمة دون أن تمنع عشاق الفن السابع من متعة المشاهدة الفردية للفيلم . أما ضيف المهرجان فهو عزت العلايلي الممثل المصري . سيتم افتتاح المهرجان بالفيلم الوثائقي "الأم بي" عن حياة عاشقة السينما الإفريقية Annette MBaye D'Erneville للمخرج عصمان وليام مباي وفيلم الاختتام " باب الحديد " للراحل يوسف شاهين و الذي غادرنا السنة الماضية بعد أن ترك بصماته على هذا المهرجان إلى جانب توفيق صالح ويسري نصر الله من مصر وصديق مهرجان خريبكة المنتج احمد بهاء الدين عطية التونسي . وغيرهم كثير . استطاع مهرجان خريبكة تطوير ذاته خلال مسيرة اثنان وثلاثين سنة بعد أول تجربة سنة 1977 و بإمكانيات جد متواضعة لكن بعزيمة قوية من النادي السينمائي و الجامعة الوطنية للأندية السينمائية و المكتب الشريف للفوسفاط وفعاليات سينمائية وثقافية وطنية وعربية وأجنبية كالناقد السينمائي الطاهر شريعة مؤسس مهرجان قرطاج (1966) وغي هانيبل الناقد السينمائي الفرنسي ومدير مجلة "سينما اكسيون" عصمان صمبين الذي سميت الجائزة الكبرى للمهرجان باسمه و نور الدين الصايل المؤسس الفعلي لهذه التظاهرة الثقافية السينمائية و غازي فخر عبد الرزاق الفاعل الصامت وإدريس شويكة وحبيبي بنسالم وايت عمر المختار وخليل الدامون وعبد السلام بوخزار وضمير اليقوتي وغزالدين غريرن والحسين اندوفي وغيرهم كثير نساء ورجالا . هؤلاء صنعوا المهرجان إلى جانب ساكنة مدينة خريبكة التي تؤدي عن طريق بلديتها جزءا من واجب تنشيط دورات المهرجان من اجل أن يستمر الذوق السينمائي تحديا لحرارة الصيف التي تتميز بها المدينة لان حرارة هذا الفن أجمل وعشقه أقوى يستلهم طاقته من التلاؤم بين الثقافات والحضارات الإفريقية والتي يعتبر المغرب احد أهم فضاءاتها . فليستمر العشق السينمائي ولتبقى خريبكة افريقية .