محمد بوداري تكتسي الوقائع والأحداث الدائرة في ليبيا وتونس، وكذا في مصر وسائر بلاد شمال إفريقيا، اهتماما بالغا وتعرف تتبعا مستمرا من طرف الحركة الامازيغية بالمغرب، وذلك بالنظر إلى ما تشكله شعوب المنطقة من امتداد جغرافي وثقافي وتاريخي بالنسبة للمغرب، وكذا الروابط والعلاقات التي نسجتها الحركة مع المناضلين والمدافعين عن الهوية الامازيغية بهذه البلدان.
وقد كان لوقع الثورة بكل من تونس ومصر، صدى قويا لدى مناضلي الحركة الامازيغية بالمغرب، نظرا لما يمكن أن تمنحه هذه الثورات من دفعة قوية للحقوق الثقافية واللغوية في كلا البلدين. إلا أن الأحداث الأخيرة في ليبيا استأثرت أكثر باهتمام امازيغيي المغرب، وحضيت بدعم قل نظيره من طرفهم، وذلك بالنظر إلى التواجد القوي للامازيغ في صفوف الثوار الليبيين، والدور المحوري الذي لعبه ويلعبه سكان المناطق الليبية الامازيغفونية في دعم الثورة، بهدف إسقاط الاستبداد وبناء ليبيا الديمقراطية الحرّة والموحّدة، من جهة، وكذا للموقف الواضح والحاسم للقوى الثورية بليبيا، من الثقافة والهوية الامازيغيتين، وهو الموقف الذي يتجلى في التواجد الوازن للامازيغ في المجلس الوطني الانتقالي وكذا الإقدام على إدخال الامازيغية لأول مرة، في الإعلام السمعي والبصري بليبيا، وفي المعاملات اليومية وبعض مجالات الحياة العامة.
ويمكن رصد هذه العلاقات، من خلال الروابط التي تجمع المناضلين الامازيغيين بالمغرب، بنظرائهم بليبيا على مستوى الشبكة العنكبوتية، إذ أن المنتديات الاجتماعية بالانترنيت، حافلة بكذا وقائع. كما أن بعض الأعضاء من المجلس الوطني الثوري، سبق لهم زيارة المغرب حيث التقوا بأعضاء من المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، كما راسل المجلس أعضاء المرصد بخصوص ترجمة بعض المصطلحات العربية إلى الامازيغية، بهدف كتابتها على الأزياء الرسمية وواجهات المباني الحكومية والرسمية.
كما أن الإقرار برسمية اللغة الامازيغية في الدستور المغربي الجديد، كان له وقع خاص على الحركات الامازيغية بباقي بلدان الشمال الأفريقي، وأجمعت جل المواقف، على أهمية هذه الخطوة واعتبارها سابقة تاريخية وجب تثمينها، وتفرض تساءل الأنظمة في شمال إفريقيا وتدعوها للاسترشاد بها.
من جهة أخرى يحضر إلى المغرب مناضلون أمازيغيون من مخلف دول شمال أفريقيا، وذلك للمشاركة في التظاهرات الفنية والندوات الفكرية، التي تهم الوضع والتطورات الأخيرة في المنطقة، وآثارها على اللغة والهوية الامازيغية. وفي هذا الإطار سيحضر كل من فتحي الخليفة من ليبيا، وهو عضو بالمجلس الوطني الانتقالي، ومناضل بارز في صفوف الحركة الامازيغية بليبيا،إلى جانب كل من، المناضلة خديجة بنسعيدان وهي أمازيغية من تونس، والمغني والمناضل الامازيغي فرحات مهني رئيس الحكومة المؤقتة للقبائل بالخارج، وكذا المحامية الامازيغية أماني الوشاحي من أمازيغ واحة سيوة بمصر، وذلك في إطار: لقاء طنجة لأمازيغ شمال أفريقيا، أي موقع للامازيغية ضمن السياق الحالي؟ والذي سينظم يوم الجمعة 22 يوليوز ضمن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان ثويزا المنظم تحت شعار" الامازيغية في قلب التغيير".
وفي نفس السياق واستمرارا لدعم وتضامن الحركة الامازيغية بالمغرب مع الثوار في ليبيا، أصدر المرصد الامازيغي للحقوق والحريات، بيانا بخصوص الوضع في ليبيا، جاء فيه أن الحركة الثقافية الامازيغية المغربية تبدي تضامنها المبدئي و اللامشروط مع " قوى التحرر الشعبية داخل ليبيا في معركتها الحاسمة من أجل الكرامة والمواطنة الحقّة، وبهدف إسقاط الاستبداد وبناء ليبيا الديمقراطية الحرّة والموحّدة".
كما أعرب البيان على تثمينه للجهود التي يقوم بها "التحالف الدولي لدعم الثورة الليبية، واعتبار حكم المحكمة الجنائية الدولية الصادر في حق معمر القذافي وابنه ورئيس جهاز مخابراته ضروريا وحيويا في الوقت الراهن لتسريع إنهاء مأساة الشعب الليبي، والإطاحة بنظام معمر القذافي الذي لم تعد له أية شرعية لا داخل ليبيا ولا خارجها".
وأدان المرصد من خلال هذا البيان التواطؤ المكشوف للنظام الجزائري مع النظام الدكتاتوري المنهار في ليبيا، ودعا السلطات المغربية إلى اتخاذ موقف واضح وصريح وعلني إلى جانب الثورة الليبية المظفرة، وعدم استقبال أي مبعوث أو ممثل عن نظام معمر القذافي، مع الإفراج عن الأموال الليبية المودعة والمجمّدة بالمغرب، لكي ينتفع بها المواطنون الليبيون الذين شردتهم كتائب النظام المنهار داخل ليبيا، وكذا اللاجئون إلى الدول المجاورة. ولم يفت البيان، التنديد "بجميع عملاء النظام الليبي السابق بالمغرب، من مثقفين و صحفيين وكتاب من الذين سبق أن كانت لهم علاقة بأجهزة نظام معمر القذافي، و تقاضوا الأموال لقاء خدماتهم الدعائية له، والذين ما زالوا يواصلون هذه الدعاية في الخفاء وفي العلانية دون احترام لتضحيات الشعب الليبي وشهدائه، وندعو جميع القوى الحية بالبلاد إلى مقاطعة هؤلاء وعزلهم وفضح مؤامراتهم." وفي الأخير دعا البيان كل القوى الديمقراطية بالمغرب، إلى تخصيص يوم تضامني لدعم الثورة الليبية، والتحسيس بمعاناة الشعب الليبي .