تخلى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بصورة رسمية عن محاولة تشكيل حكومة جديدة بعد أسابيع من فشل مفاوضات لتشكيل ائتلاف، لتزيد احتمالات تشكيل حكومة انتقالية لقيادة البلاد نحو انتخابات جديدة. وقال مكتب داود أوغلو في بيان إنه أعاد رسميا تفويض تشكيل الحكومة إلى الرئيس طيب اردوغان، في اجتماع مساء أمس الثلاثاء في العاصمة أنقرة، وذلك بعدما أخفق في العثور على شريك لحزبه العدالة والتنمية في ائتلاف.
وقال بشير أتالاي، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، إن الحزب سيعقد مؤتمرا في 12 من سبتمبر. وقد يكون المؤتمر- الذي سيسبق انتخابات مبكرة متوقعة- حاسما بالنسبة لاستراتيجية الحزب بخصوص تلك الانتخابات.
ولم تشهد تركيا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي هذا المستوى من الغموض السياسي منذ حكومات الائتلافات الهشة في تسعينيات القرن الماضي، بينما تخوض قتالا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وتقاتل متشددين أكرادا في جنوبها.
والتقى داود أوغلو مع دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية اليميني المعارض يوم الاثنين في محاولة أخيرة للاتفاق على تشكيل حكومة إلا أن بهجلي رفض كل الخيارات التي طرحها داود أوغلو.
ومن الناحية النظرية قد يقوم أردوغان الآن بتسليم تفويض تشكيل الحكومة القادمة إلى حزب الشعب الجمهوري ثاني أكبر أحزاب تركيا، ولكن من المستبعد أيضا أن يتمكن من الاتفاق على ائتلاف فاعل قبل حلول الموعد النهائي 23 من غشت.
وبموجب بنود الدستور إذا لم تتشكل حكومة بحلول 23 من غشت فسيتعين على اردوغان حل حكومة تصريف الأعمال التي يقودها داود أوغلو، والدعوة إلى تشكيل حكومة مؤقتة تقوم على تقاسم السلطة وتقود البلاد إلى انتخابات جديدة في الخريف.
وسيؤدي هذا الترتيب المؤقت من الناحية النظرية إلى منح مناصب وزارية لأربعة أحزاب منقسمة فكريا، الأمر الذي قد يصيب اتخاذ القرار بالشلل ويزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد حيث هوت الليرة الى مستويات قياسية منخفضة.
لكن من المرجح أن يكون تشكيل هذه الحكومة المؤقتة وفقا لهذه الترتيبات صعبا.
وقال حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد إنه سيقترح ممثلين للمشاركة لكن حزب الحركة القومية قال بوضوح إنه لن يقبل بذلك.
ويراهن مسؤولون كبار بالعدالة والتنمية على أن القوميين الذين يعارضون بشدة منح أي نفوذ سياسي أكبر للأكراد سيفعلون أي شيء لتجنب سيناريو يحصل فيه حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد على حقائب وزارية، وإنهم قد يؤيدون حكومة أقلية بقيادة العدالة والتنمية تستمر لفترة قصيرة مقابل إجراء انتخابات جديدة.
لكن بهجلي زعيم حزب الحركة القومية استبعد ذلك ليبقى الخيار الوحيد تشكيل حكومة مؤقتة تتقاسم فيها الأطراف السلطة. ويبدو واضحا أن بهجلي يحسب أن احتمال مشاركة سياسيين أكراد في مناصب وزارية سيغضب اليمين السياسي في تركيا ليسارع بالتالي لدعم حزبه في الانتخابات التالية.
ومن المحتمل من الناحية النظرية ايضا أن يصوت البرلمان بالموافقة على السماح للحكومة الحالية بمواصلة العمل لحين إجراء الانتخابات الجديدة لكن حزب الحركة القومية قال بالفعل إنه سيصوت برفض هذا الاقتراح وتعهدت أحزاب معارضة أخرى بأن تحذو حذوه.