الحوار الذي أجراه أحمد منصور، الإعلامي بقناة الجزيرة وصاحب برنامج بلا حدود، مع أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة بسوريا التي هي فرع تنظيم القاعدة، هل يعتبر خبطة إعلامية أم مجرد وظيفة حقيرة أداها أحمد منصور الشغال لدى منظومة قطر الإعلامية؟ لم يتمكن الصحفيون الغربيون المغامرون من الوصول إلى الجولاني بعد أربع سنوات من الصراع في سوريا. وكانت هناك محاولات كثيرة لصحفيين غربيين منهم من أدى حياته ثمنا لمغامرته لأن النصرة لا ترحم. لكن أحمد منصور وطاقمه الكبير والشاحنة التي تحمل "الريجي" تمكنوا من الوصول إلى الجولاني.
تصوير البرنامج يوحي بوجود عمل احترافي متكامل وباستعمال كاميرات متعددة، حتى لا يظن أحد أن منصور حمل كاميرا في حقيبة وأوقفها لتسجيل الحوار المذكور، بمعنى أن منصور وصل إلى مقر الجولاني تحت الأعين المكلفة بذلك، إن لم يكن الجولاني هو الذي أتى إليه. وبالتالي فإن العملية ليست خبطة صحفية ولكن وظيفة حقيرة أداها منصور غير أنه لم يؤديها على أحسن وجه. فقد كان منصور في طرحه للأسئلة منحازا ومدافعا عن جبهة النصرة وتنظيم القاعدة، بل أظهر النصرة كتنظيم ثوري يحترم حقوق الآخرين وخصوصا الدروز والمسيحيين، ولأنه لا يمتلك مزعة من الحياء لم ينتبه إلى أن الجولاني يصف الدروز بالكفار، وقال منصور "تفاجأت وأنا أمشي في بعض المناطق المحررة عن وجود قرى درزية ومسيحية أنتم من يحميها" مضيفا "لم تفرضوا شيئاً على النصارى، ولم تأخذوا النساء سبايا كما يروّج الإعلام الغربي".
هذا هو الإعلامي الموضوعي جدا الذي يسمى أحمد منصور، غير أن مشغليه يبدو أنهم غير راضين عنه لأنه أظهر الجزيرة متواطئة مع النصرة، وذلك من خلال سلسلة مقالات تهاجمه مكتوبة كلها في جريدة العربي الجديد، التي يديرها عزمي بشارة عراب الربيع العربي وخادم الشيخة موزة المكلف باستقطاب المثقفين والصحفيين، وعزمي بشارة هو من يشرف على الجزيرة، بما يعني أن قطر ربما ستقدم أحمد منصور للمحكمة مثلما قدمت غيره مثل تيسير علوني، المعروف بعلاقاته مع تنظيم القاعدة، والذي تم الحكم عليه في إسبانيا، ومثلما قدمت الإعلامي الفلسطيني طارق أحمد لطائرة أمريكية كانت تقصف بغداد باتفاق مع إدارة القناة حتى تستغل مقتله في تلميع صورتها.