الصحافة تنبذ الجبناء.. ! دعاني عدد من أصحابي إلى تقديم مناولات متراتبة في الصحافة إلى زوار هذا الركن، لما لتجربتي حسب بعضهم من مواقف كانت في غالبيتها ضد من يريدون تركيع الصحافيين لمشيئتهم، وضد تسخير الصحافة للقفز على الحواجز والوصول إلى مكاسب حقيرة.. وتلبية لتلك الرغبة، سأعوّد الوافدين على الموقع على قراءة يومية لعمود يرصد شأنا من شؤون الصحافة والصحافيين في المغرب, أعلن في بداية هذه الرحلة الشاقة، عن هويتي ، حين أعيد إلى الأذهان ما قاله المناضل " توماس بيل " أحد كبار الصحافيين الأنجليز في القرن التاسع عشر : " إني اشكر الله ..لأنني لا أخشى شيئا، ولا أرى شيئا حقيقيا يشعرني بالخوف، لأنني أعرف حالنا جيدا، وأعرف أننا نستحق المجد بالصلابة والصبر. أما بالخنوع والجبن، فستكون عبوديتنا بلا أمل، وأحزاننا بلا طمأنينة، وستتحول بيوتنا إلى ثكنات للغاصبين" ومثل هذا الكلام إذا عرض لصحافي في المغرب، يشيح بوجهه عنه ، للأسف الكبير، ويعمل ما في وسعه ألا يعود إليه. وتوماس بيل بإعلانه ذاك يريد أن يعلق على صدر الصحافي وسامين غاليين هما: التحلي بفضيلة الدفاع عن الحقيقة ولا شيء سواها.. ثم التحلي بالشجاعة للجهر بتلك الحقيقة، لأنها قد تكون مرتبطة بأمبراطور أو سيافه، أو بملك وزبانيته، أو بحاكم وشانقي شعبه. إن بيل يعرف حق المعرفة أن مجال الصحافة زاخر بالمنافقين والمهرولين، الذين يخدمون الحاكم من حيث لا يطلب منهم ذلك.. وهذا نعيشه في المغرب، ويسير مع سير الملك خطوة خطوة، فما أن يقول شيئا أو يقوم بعمل، حتى تجد صحافتنا تتخاطف موضوعه منوهة مطرية مطربَة، وكأن كلام الملك قبس من التنزيل أو إلهام من الذكر الحكيم. أو أن كأن الملك منزه عن الخطإ البشري، ولا يأتي إلا يالخارقات. نحن لا ندعوها إلى رفض المنجز ومعارضته أو انتقاده بلذاعة .. لأن ذلك يودي بالصحيفة الناشرة والصحافي المعلق إلى المعتقل اليحموم في رمشة عين ، لأننا في دولة لا تحفل بالرأي المخالف، بله، تدفنه حيا.. ! ولكننا ندعوها إلى إثارة انتباه القراء إلى أن ما كل ما يقال أو يقدم بشأن الملك، هو الصح إذا لم يكن صحا، عن طريق المعالجة المعالجة الميدانية الموضوعية، التي يقصد بها البناء، وليس القصف بالذخيرة الحية من أجل القصف. إلى حلقة قادمة