مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في معاني ودلالات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية
نشر في شعب بريس يوم 12 - 01 - 2015

مع حلول السنة الامازيغية الجديدة، وكما هو الشأن كل عام، يكثر الحديث عن التقويم الفلاحي وعلاقته بالامازيغية وكذا علاقة الطقوس والاحتفالات التي تنتشر بشمال افريقا بهذا الحدث..
وإذا كان الاحتفال بهذا الحدث يجد فيه البعض نوعا من المغالاة والتعصب من طرف الامازيغ، حيث هناك من يذهب حد القول بان هذا الاحتفال مُختلق وتم ابتداعه من طرف الامازيغ، بل ان بعض الغلاة سذهبون حدّ اعتباره بدعة وضلالة كما هو الشأن بالنسبة لبعض شيوخ السلفية، إلا ان بعض المناضلين من الحركة الثقافية، يجترّون بعض المعلومات، يختلط فيها الثقافي الانتروبولوجي بالتاريخي والاسطوري لنسج تأريخ للحدث، اضحت بالنسبة إليهم حقائق لا يمكن التخلي عنها، وذلك عن جهل بحقائق الموضوع وفي عملية تقليدية ببغاوية لبعض من كتبوا حول التقويم الامازيغي بدايات العمل به سواء من طرف الامازيغ او من طرف الحركة الثقافية الامازيغية..
وفي هذا الصدد يخلط الكثير منهم بين التقويم الفلاحي وبين تاريخ اتخاذ سنة 950 ق.م كنقطة مفصلية لبداية التأريخ، فيما يصر البعض على الخلط بين الاحداث التاريخية والاساطير كالقول بان شيشونق 1 انتصر على رمسيس الثالث قرب تلمسان بالجزائر، والحال ان هذا الفرعون ينتمي للاسرة 20 فيما شيشونق ينتمي إلى الاسرة 22، فضلا عن ان تلمسان توجد بالغرب الجزائري وهي بعيدة كل البعد عن حدود مصر مع ليبيا القديمة..
ولتبديد بعض الغموض نورد فيما يلي مقالين كنا قد كتبناهما من قبل حول ذات المناسبة:
دلالات الاحتفال بحلول السنة الامازيغية الجديدة
يحتفل الامازيغ المغاربة، كباقي إخوانهم في شمال افريقيا(تامازغا) كما الدياسبورا الامازيغية، بحلول السنة الامازيغية الجديدة التي تصادف هذه السنة 2965 وفقا للتقويم الأمازيغي، حيث يصادف الفاتح من ينّاير الامازيغي 13 يناير من التقويم اليولياني..
وتختلف مسميات ليلة الاحتفال برأس السنة الامازيغية حسب المناطق حيث يطلق عليها البعض "إيض سكاس"(ليلة السنة) او "تابّورت ن اسكاس"(باب السنة) فيما البعض الآخر يسميها حاكوزة او ينّاير ..
كما تختلف مظاهر الاحتفال بهذا الحدث سواء في ما يخص الطقوس والمعتقدات المرتبطة به او ألوان وأشكال الأكلات المحضرة بالمناسبة، وذلك باختلاف المناطق وبأنواع المحصولات المنتجة بها من حبوب وخضر وغيرها، والتي يجمعها في الاغلب الاعم ارتباط الامازيغ بالأرض كنبع للحياة واسمراريتها عبر صنوف الخيرات والغلال التي تهبها للانسان...
وبموازاة مظاهر الاحتفال والبهجة التي تطبع هذه المناسبة يتفنن سكان شمال افريقيا في تحضير مختلف الاطباق التي تستمد مكوناتها من المنتوجات الفلاحية التي تتميز بها كل منطقة، مع غلبة حضور الحبوب والقطاني في جلها كدلالة رمزية على غنى محاصيل السنة المنفرطة والأمل في موسم فلاحي حافل بالعطاء والثمار، ومن بين صنوف الاكلات المحضرة بهذه المناسبة نجد أكلة "اروكيمن" او "حبوب شرشم" او "الشرشمة" او "سبع خضار"، ثم "تاكلة" او العصيدة، والكسكس بالدجاج..
كما ان "امنسي ن ينّاير" يتميز باختيار سعيدة او سعيد الحظ (انبارك، تانباركت)، وهو او هي من يعثر أثناء الأكل على "أغورمي" او نواة حبة تمر يتم إخفاءها في الطبق المعد بهذه المناسبة..
الاحتفال بهذا الحدث يجد فيه البعض نوعا من المغالاة والتعصب من طرف الامازيغ، وهناك من يذهب حد القول بان هذا الاحتفال مُختلق وتم ابتداعه من طرف الامازيغ حيث يذهب البعض من الغلاة حدّ اعتباره بدعة وضلالة كما هو الشأن بالنسبة لبعض شيوخ السلفية..
والحال ان هذا الاحتفال يعتبر احد تمظهرات الثقافة والحضارة الامازيغية الموغلة في القدم والتي ترجع إلى أكثر من 3000 سنة حسب الوثائق التاريخية والآثار الاركيولويجية والدلائل الانتربولوجية المتوفرة..
ولتفنيد هذه الادعاءات، التي تدخل في إطار محاربة كل ما له علاقة بالثقافة والحضارة الامازيغيتين، وجب تذكير هؤلاء ان هذا الاحتفال هو ما يصطلح عليه في كل مناطق شمال افريقا بالسنة الفلاحية، التي يتم الاحتفال بها من طرف الجميع سواء كانوا يتكلمون الامازيغية ام لا، وهي مقرونة بالامازيغية لأن سكان هذه الارض امازيغ وحضارتها امازيغية، وإن تم التعتيم على ذلك ومحاولة تجفيف منابع هذه الحضارة وتذويبها قسرا في ثقافات وحضارات وافدة، والدليل على ذلك هو اقتصار هذا الاحتفال حصرا على منطقة الشمال الافريقي، مع بعض المظاهر في الضفة الاخرى للبحر الابيض المتوسط بالنظر إلى تشابه المناخ وتقارب الفصول المواسم الفلاحية وكذا علاقة التأثير والتأثر بين شعوب منطقة البحر الابيض المتوسط..
اما بخصوص حساب هذا التقويم وبداياته فإن الامر يعود بالأساس إلى سنوات الستينيات مع مناضلي الاكاديمية الامازيغية "اكراو امازيغ" التي كان يشرف عليها بسعود محند اعراب، والذين بحثوا في تاريخ الامازيغ حيث وقع الاختيار على سنة مفصلية وهي 950 قبل الميلاد وهي السنة التي عرفت تكوين الاسرة الفرعونية الثانية والعشرين بعد ان تمكن شيشونغ الاول من اعتلاء العرش الفرعوني، وتكوين ذات الاسرة..
وبخصوص هذه الاسرة وجب التنبيه إلى ان شيشونق الاول لم ينتصر على رمسيس الثالث، كما يٌتداول خطأ وسط بعض الاوساط الامازيغية، لأن رمسيس الثالث ينتمي للأسرة 20، وكانت فترة حكمه ما بين 1186و 1154 قبل الميلاد وهي فترة سابقة بكثير عن حكم شيشونق الاول، الذي امتد مابين 945و924 حسب بعض المتخصصين، وهو ما يطرح السؤال حول سنة 950 التي اعتمدها مناضلو اكراو امازيغ كبداية للتقويم الامازيغي..
ما هو موثوق به هو ان عهد رمسيس الثالث عرف عدة احداث مهمة كانت لها آثار كبيرة على مصر وستقبلها، كان اهمها الهجومات التي تعرضت لها من الجهة الغربية من طرف تحالف القبائل الامازيغة المكونة من اليبو والمشواش، وإلى هذه الاخيرة يعود اصل شيشونق الاول، الذي استطاع قبل اعتلائه العرش الحصول على شرف تنظيم احتفال جنائزي لوالده "نامارت" في عهد الفرعون سيامون، الذي كانت جيوشه تتكون في غالبيتها من الامازيغ، وهو ما رأى فيه المؤرخون عنوانا لهيمنة الامازيغ وبداية التحول الكبير في ميزان القوى الذي سيؤدي فيما بعد إلى اعتلاء الامازيغ عرش الفراعنة وتكوينهم للأسرة 22 التي امتد حكمها من حوالي 945 إلى 915 قبل الميلاد..
وهنا وجب التنبيه إلى ان هذا الحدث التاريخي ليس بداية للاحتفال بالسنة الامازيغية او الفلاحية التي لا تعرف بالضبط بداياته الاولى، وإن كانت الدراسات الانتروبولوجية والتاريخية تشير إلى امتداده بعيدا في التاريخ القديم لشمال افريقيا..
ان اعتماد هذا التأريخ من طرف الحركة الثقافية الامازيغية يدخل في إطار استراتيجية إحياء وتمثل الثقافة والحضارة الامازيغية، كما انه شكل من أشكال التحدي والممانعة في وجه السياسات الثقافية الاقصائية والتي اعتمدتها الانظمة في دول شمال افريقيا، بعد جلاء الاستعمار، تجاه كل ما هو امازيغي..
ومن بين المطالب التي رفعتها الحركة الامازيغية بالمغرب منذ مدة اعتبار يوم 13 يناير، الذي يصادف فاتح ينّار حسب التقويم الامازيغي، يوم عطلة شأنه في ذلك شأن باقي الاعياد الوطنية والدولية والدينية. وقد تم تنظيم مجموعة من الوقفات والتظاهرات الاحتجاجة والثقافية بمجموعة من المناطق بالمغرب، وذلك للتذكير باهمية الحدث ومدى ارتباطه بالثقافة والحضارة المغربية حيث ان كل الاسر المغربية سواء كانت تتكلم الامازيغية او لا، تحتفل بهذه المناسبة تحت مسميات مختلفة..
الاحتفال برأس السنة الأمازيغية: الرموز والدلالات
إن تاريخ الشعوب لا يمن اختزاله في مجرد الأحداث التاريخية والوقائع المادية. إن كل حضارة أو ثقافة تحتوي على مكونات ذات أبعاد أسطورية ودينية وكونية مرتبطة اشد الارتباط فيما بينها، مما يسمح بخلق رؤية أصيلة للعالم والإنسان.
وباستثناء ابن خلدون(ذو الأصول الأمازيغية) الذي كتب في مقدمته أن لدى الامازيغ مجموعة من الأشياء والمسائل التي تميزهم والتي تكد أن الإله قد حباهم بعطف وعناية كبيرتين.. فإن الامازيغ من بين الشعوب التي لم تكتب تاريخها بنفسها وانطلاقا من وجهة نظر شعوبها، بل أن مجمل ما كتب حول الامازيغ وحول تاريخهم وحضارتهم وثقافتهم تم تأليفه من طرف الأقوام الأخرى سواء كانت غازية أو مستعمرة أو متعاملة معهم في إطار مبادلات تجارية..
إن الثراء الذي يميز الثقافة والحضارة الأمازيغية أصبح يتهدده النسيان والانقراض على اعتبار أن كل ما وصلنا عن هذا التراث كان شفهيا عن طريق الشعر والأمثال والحكايات.. وفي عصر العولمة وقبله عصر العوربة( تعريب المحيط والمجال والإنسان وإرجاع كل شيء إلى العرب، حتى الحصان..)أصبح الامازيغ مطالبين بكتابة تاريخهم بأنفسهم وإعادة الاعتبار لما يميزهم ثقافيا وحضاريا..
ومن بين الأشياء التي اختلف فيها الباحثون والمهتمون بالتاريخ الأمازيغي هناك طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية أو ما يسمى في المغرب بالسنة الفلاحية.
يذكرنا معظم المؤرخين بأن شمال أفريقيا دخلت التاريخ بوصول الفينيقيين إلى شواطئها، وذلك في نهاية القرن الثاني عشر قبل الميلاد، إلا أن البعض الآخر، شأن فيكتور بيكيه الذي يقول في كتابه "حضارات شمال أفريقيا"، " إن الليبيين(الامازيغ) كانت لهم حضارة وصناعة منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت الملكية الوراثية تقليدا لديهم، وعقدوا تحالفات مربحة للغاية مع شعوب الجزر، ومع التيرانيين بالخصوص".
إن علاقات الليبيين أو الأمازيغ مع الفراعنة تعود إلى أول سلالة فرعونية أو "التينيسية"، حوالي 3300 ق. م.
و في عهد السلالة 19، وخصوصا خلال عهد Ménoptah، حوالي 1232-1224 قبل الميلاد. صدّ الفراعنة هجوما قام به الليبيون / الامازيغ الذين تحالفت معهم "شعوب البحر". إلا أن صمود وإرادة الامازيغ تغلبت في النهاية وأتت على المقاومة المصرية وذلك عام 950 قبل الميلاد، عندما استولى شيشونق الأول Chéchang 1er،( وهو ليبي/ أمازيغي)، على دلتا النيل وأسس الأسرة الأمازيغية 22، والتي حكمت مصر قرابة قرنين من الزمن.
وهناك تأويل آخر يؤكد على أنه كانت هناك صراعات ومعارك بين أمازيغ الشرق(ليبيا الحالية) والفراعنة على الحدود الشرقية من ليبيا، وكانت القبائل الليبية/الأمازيغية تتمكن كل مرة من هزيمة جيش مصر الفرعونية واحتلال أقاليمها. وبعد معارك دامية بين الجيشين، قرر الشعبين وضع حد لهذه الصراعات.
و يُرجح معظم الباحثين، أن شيشنق تمكن من الوصول إلى الكرسي الفرعوني بشكل سلمي في ظروف مضطربة في مصر القديمة، حيث سعى الفراعنة القدماء إلى الاستعانة به ضد الاضطرابات بعد الفوضى التي عمت مصر القديمة جراء تنامي سلطة العرافين الطيبيين.
و تقول بعض المصادر أن الليبيين عندما دخلوا مصر وأسسوا بها الأسرة 22، خلدوا فيما خلدوه من تقاليد خاصة بهم، الاحتفال بالسنة الأمازيغية أو الفلاحية كما نسميها في شمال أفريقيا.
ويذكر أن سكان شمال أفريقيا يحتفلون بهذه السنة الجديدة تحت مسميات كثيرة: ينّاير، حاكوزة، إيض سكّاس، تابّورن ننّاير...وتقام فيها بعض الطقوس المرتبطة بالفلاحة والزراعة كتعبير عن ارتباط الإنسان الأمازيغي بالأرض كرمز للأمومة والعطاء، ويتم الاحتفال بهذا الحدث في ليلة الثاني عشر من يناير حسب التقويم الغريغوري، إذ أن فاتح يناير من السنة الأمازيغية يوافق اليوم الثالث عشر من هذا التقويم.
وهناك بعض الجمعيات التي تحتفل به في يوم 12 يناير، وخاصة في الجزائر، إلا أن بعض الدراسات التاريخية المرتبطة بالتقويم تؤكد ان فاتح يناير الامازيغي يوافق 14 من يناير حسب التقويم الكريكوري.
وإذا كان الامازيغ في شمال افريقا قد دابو على الاحتفال بهذا الحدث وتخليده عبر القيام بمجموعة من الطقوس والمظاهر التي تختلف من منطقة لأخرى ووفقا للواقع والوسط الاجتماعي لكل جهة من تامازغا، فإن المؤكد أن بداية ربط هذا الاحتفال بتاريخ دخول شيشنق لمصر وتأسيسه للأسرة 22 الأمازيغية، يرجع إلى عقد الستينيات من القرن الماضي حيث بدأ بعض الامازيغ بالتأريخ انطلاقا من "العصر الشيشنقي"، وذلك بمبادرة من أصدقاء "بسعود محند أعراب" في "الأكاديمية البربرية" بباريس. وقد اجمع العديد من مناضلي الحركة الامازيغية ان اول من وضع يومية بالتقويم الامازيغي هو المرحوم عمار النكادي المعروف بلقب عمار الشاوي، الذي توفي في 2 دجنبر 2009 بباريس، بعد ذلك انتشرت هذه الممارسة بين مناضلي الحركة الأمازيغية لتعمّم على جميع الجمعيات الثقافية الأمازيغية بدول تامازغا و"الدياسبورا".
وبذلك يكون مناضلو الحركة الأمازيغية قد استطاعوا التصالح مع تاريخ شمال أفريقيا عبر دمج الحدث التاريخي الموغل في القدم،(تأسيس الاسرة 22 الامازيغية بمصر)، بالتقاليد والعادات المرتبطة بالأرض والتي تكوّن جزءا من هوية وثقافة هذا الشعب(الاحتفال بالارض)، في بوثقة المطالب السياسية والثقافية التي تعتبر من بين الأهداف التي تطالب بها الحركة الأمازيغية بشمال أفريقيا.
وإذا كان الاحتفال بالسنة الأمازيغية يكتسي طابعا احتفاليا يهدف إلى الاحتفاء بالأرض وبكل ما يرتبط بها باعتبارها منبعا للحياة وموردا للعطاء، مع ما يرتبط بذلك من أبعاد انتربولوجية، فإن هذا الاحتفال هو مناسبة وذريعة لأجل التعبير عن المطالب المشروعة للاما زيغ والحرص على استغلال هذا الحدث كل سنة نظرا لما يكتسيه من دلالات رمزية وتاريخية من أجل توجيه رسائل وإشارات ونداءات سياسية إلى الدوائر الرسمية المسؤولة بغية الاستجابة لمطالب الحركة الأمازيغية والتي تشكل الهوية واللغة احد أعمدتها.
وتهيأ بعض الأطباق الخاصة بهذه المناسبة، وذلك تعبيرا على أهمية يناير كعيد للاحتفال بالأرض لما تتمتع به من عناصر الحياة العطاء..
وهكذا يقوم بعض السكان بتحضير الكسكس بلحم الديك وبخضر متنوعة (سبع خضر، احبوب شرشم)، وبالأخص في الجنوب الشرقي ومنطقة فكيك، وفي المساء يتم إعداد شربة 'أوركيمن' (وهي أصل الحريرة التي نتناولها خلال شهر رمضان) تطبخ فيها كل أنواع محصولات تلك السنة من الحبوب، كما تقوم الأسر ببعض التقاليد المعروفة كوضع الحنة للأطفال وغير ذلك وفقا لخصوصياتها الثقافية والاجتماعية.
ويتم تضمين "نواة" التمر في أكلة "سبع خضار"، ويعتبر الشخص الذي عثر عليها "مباركا" وميمونا وتمنح له مفاتيح المخزن " الخزين" استشرافا للأمل في مستقبل يكون فيه الموسم الفلاحي القادم مزدهرا وغنيا.
ويجتهد الامازيغ لتقديم كل ما لديهم من خيرات في هذه الأيام(11.12.13 يناير) إذ لا مجال للشّح والبخل في هذه اللحظات التي يجب التعبير فيها على السخاء لاستدرار عطف الطبيعة في الموسم الآتي.
وهناك بعض المناطق التي تحضر مختلف الأطباق من"تاكلاّ"،اوفتيين،(حريرة بالحمص والفول والفاصوليا)، أشبّاض، وتيغرفين، وأغاغ(العصير)..إلخ.
ويتم طلاء وصباغة المنازل وتغيير كل الأواني القديمة ويستحسن تغيير موضع الكانون أو الموقد(إنيان)وذلك لطرد النحس أو"اسفل"، كما أن الأعمال والأشغال يجب أن توقّف ك"أسطّا" أو المنسج... وتوضع فوق كل سطح منزل مكنسة(Uzzu) للحيلولة دون "سوء الطالع والنّحس"..
وهناك بعض المناطق التي تحتفل بليلة رأس السنة الأمازيغية وذلك بإقامة "كرنفال أيراد" أو "احتفال الأسد" وهو شبيه بما يقوم به الأطفال في الجنوب الشرقي بالمغرب وخاصة لدى قبائل "ايت ايزدك" بالريش، حيث يحتفلون في عاشوراء بما يسمى ب"بوحصيرة"، الذي تختلط فيه التقاليد الأمازيغية باليهودية وبعض الطقوس القديمة، وهو شبيه إلى حد ما بما يسمى ب"أوداي نتعشورت" بمنطقة كلميمة، أو "بيلماون" بسوس و"السبع بوبطاين" في بعض المناطق المغربية..
ذلك هو "أمنزو ن ينّاير" أو أول أيام يناير، وهو إيذان بدخول السنة الفلاحية الجديدة التي نتمنى أن تحظى الأمازيغية فيها بما تستحقه من عناية وإعادة اعتبار.. وكل سنة وانتم بألف خير
أسكّاس اماينو "2965" إغودان..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.