برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    الحكومة تعفي استيراد الأبقار والأغنام من الضرائب والرسوم الجمركية    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية        إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله        بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة كامونية وشعب انتهازي..!
نشر في شعب بريس يوم 13 - 04 - 2011

لا يغيب عن آخر مواطن في المغرب أن أكبر حزب وأقوى مؤسسة بالمغرب هو حزب الفساد و"مؤسسة الفساد" وليس أي شيء آخر، يساهم في هذه المؤسسة أو هذا الحزب الفتاك كثير من الوزارات والأحزاب والنقابات والمسئولون والبرلمانيون والمواطنون...
كما لا يخفى على الكثيرين أن أكبر لعبة تلعب في المغرب هي لعبة الصراع الدائر بين الدولة والمجتمع؛ هذه اللعبة المقيتة القديمة والتاريخية، والتي تجر المغرب إلى ذيول التخلف والتأخر بسبب من مضمونها وتفاعلاتها السلبية.
وعلى ضوء الأحداث الإقليمية العربية الأخيرة والحراك الاجتماعي الذي عرفته الكثير من الدول من الماء إلى الماء بالوطن العربي الكبير، ومنذ اندلاع الثورة في تونس وبعدها مصر واليمن وليبيا... والأصوات تتعالى في المغرب من جانب المسؤولين والحاكمين بتسريع وثيرة الإصلاحات قبل فوات الأوان، وتتصاعد فيه بالمقابل الحركات الاحتجاجية المستجدة منها والقديمة. كدليل على أننا دولة كامونية وأمام شعب انتهازي خبزي، يستغل الفرصة، في لعبة شبيهة بلعبة الكر والفر بين" طوم و جيري" القط والفأر في السلسلة الكارطونية الأمريكية الشهيرة. وتفاديا لأي انفلات أو ثورة محتملة بعض المطالب تحقق بأقل الخسائر". وإصلاحات ومطالب أنجزت تحت وطأة نيران الاحتجاجات والحراك الاجتماعي.
وسنركز ها هنا على معطيين أساسيين يفسران الصراع التاريخي بين الدولة والمجتمع والذي معظم نتائجه سلبية للغاية.

دولة كامونية..!
لغة الخشب ولغة التسويف ولغة طي الضلوع والسادية والعصا الغليظة، وسنوات من الترهيب ومواجهة المطالب بالتسويف والقمع لإخماد المظاهرات والاحتجاجات. لم تخصص النسب المعقولة من التشغيل، ولم تنجز القوانين المانحة للحريات الفردية والجماعية، ولم تفعل التوصيات.. إلا مع الظروف الإقليمية..!
لننتقل مباشرة وبشكل أشبه بعصا الساحر التي تتحكم في الواقع كما تشاء، فتسمع آذاننا مقاطع إخبارية و صحافية من قبيل:
توظيف 4304 من الأطر العليا المعطلة برسم سنة 2011.
18 ألف هو عدد المناصب المخصصة للمجازين برسم السنة المالية 2011..!
350 درهم شهريا للمعطلين في جهة الرباط؟ الخبر أعلنه والي الرباط زمور زعير العمراني خلال الجلسة الثانية للدورة العادية للمجلس الجماعي لمدينة الرباط الثلاثاء 8 مارس 2011.
كما ظهرت شخصيات مسئولة في تخريجات إعلامية كالأساتذة:
"خالد الناصري" بتصريحات متفائلة بخصوص تشغيل الأطر المغربية. هو الذي كان يحرص ولا زال على تسمية المعطلين ب"العاطلين" هو وجريدة "الصباح" الجريدة المخزنية الوقحة التي تحرص على تسميتهم أيضا بالعاطلين حرصها على إرضاء دولة المخزن.
و"سعد الدين العلمي"، الذي أصبح المعطلون معه ثروة لهذا البلد بعدما كانوا مجرد كائنات غير مرغوب فيها وليسوا في المستوى العلمي والثقافي المطلوب.
"العرايشي" يعد بثورة في الإعلام العمومي... منطق ديال عمري ما نعاود..!
و"عبد السلام البكاري" لا يهمه كما هو واضح في حوار معه في جريدة "الصباح" إلا إيصال رسائل معظمها غير صحيح: حيث تحدث عن مسألة 10 بالمائة التي يفتخر بأن حزبه كان من أقرها، لكننا نعرف أنها لم تفعل إلا هذه السنة ولأول مرة. مع الحرص الأكيد والواضح على تزكية "الأشباح" من أبناء الشعب المغربي. والحرص على تشويه وضرب نضالات المعطل من خلال الطعن في أشكاله النضالية وإظهاره بمظهر الدكتاتوري وجامع الإتاوات والغرامات من القواعد، في تدخل غير مفهوم في شؤون المعطلين. مقابل الحرص على إظهار حسنات الحزب ومنة الحوار التي لا تسمن ولا تغني من جوع في نظرنا والتي نرى فيها مجرد فرصة لاحتواء الوضع والمراوحة بين التهديد والوعيد، وإملاء الأوامر عبر سياسة إما أن تكون معي أو ضدي بشكل يشخصن الحوار ويجعله مفرغا من أي بعد ديمقراطي وبناء وتضيع معه الكرامة والندية لتستبدل بالبحلسة والإهانة، ناهيك عن الحوارات الأمنية الإرهابية بين الفينة والأخرى.
مسئولون آخرون انقلبوا 180 درجة، ك"منصف بالخياط".
يا سلام..! الكل أصبح يحب الشباب الحر والشباب المعطل..!
ووجدنا أنفسنا أمام "مخطط استعجالي" تبنته هذه الدولة لحل الأزمة والأزمات الخارجة من "الكوكوط مينوت" للتو، وهو تدخل عاجل من أجل ربح الوقت وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بفتح "حوارات" ديماغوجية في عموميتها حول الأزمات المطروحة بمجرد اتخاذ هذه المجموعات المتظاهرة قرار الاعتصام المفتوح.
فهل هي وظائف ومناصب وترقيات و تسويات حتى لا ينتفضوا..! بالطبع نعم..! إنها ثقافة "الترقيع الوطني" المستمرة مع الأسف. ومادام المغاربة بانتهازيتهم الجماعية والتي أصبحت متأصلة فيهم مع مرور السنين، والعقلية الترقيعية و"الإرادة" منعدمة فالثورة المغربية مؤجلة لا غير وتلك سنة الحياة.
تبدو هذه الديماغوجية والنفس السياسوي الذي لا زال يحكم خطاب النظام الفاسد من خلال الزخم الإعلامي الذي رافق تشغيل "الأطر العليا" والذي كان يقابله تعتيم إعلامي منقطع النظير قبل الظروف الإقليمية..! إن الأمر لا يعدو نفاقا جماعيا لكل الأجهزة التابعة للدولة ومن ذلك الإعلام الرسمي. لقد تمت تغطية إعلامية تاريخية وخيالية لمسألة تشغيل الأطر حتى أصبح الجزار وماسح الأحذية يهنأ الأطر بخبر توظيفهم..! فأين كان الإعلام المغربي بمختلف أنواعه المكتوب والمسموع والمرئي يوم كان الأطر يصارعون نظام الدولة القمعي على عتبة البرلمان وعلى مرأى ومسمع الجميع..؟
إن النظام بتعنته يلد عبر التاريخ كتلا بشرية محتقنة متذمرة مختنقة عبر مسار طويل ورهيب من التعذيب والتنكيل والإهانة. ولما يجد الشعب من جهته فرصة ومتنفسا كالذي يقع اليوم في ربوع الوطن العربي من الماء إلى الماء، يخرج ليعتنق أو ليصرخ بكل انطلاق وحرية عن مطالبه المؤجلة ويطلب تنفيذها بشكل آني وكأن المجتمع بأسره يلعب لعبة جماعية للانتقام من الدولة التي لم تستطع ومنذ البداية أن تكون حاميته وحافظة حرياته بل القامع والظالم، لم تستطع أن تكون الأخ الأكبر الذي تعود إليه المظالم بل العدو الذي تذبح على مسلخه الحريات والحقوق الفردية والجماعية.
ولما تعود مياه الثورة إلى مجاريها القديمة وتهدأ رياح التغيير والحرية والانعتاق تعود الدولة إلى سابق عهدها من التسلط والقهر والانتقام.
إن الدولة بمسئوليها الفاسدين هي السبب طبعا! لأنها عملت على امتصاص دماء المواطنين وأفراد هذا المجتمع. لكن..! ألا يعرفون أنه سيأتي يوم وينفجر النسق وتنفجر البنية الملغومة؟ وهل لابد من ثورات لاقتسام الثروات؟ ولماذا هذه "الكامونية" من طرف الدولة والمسئولين والحاكمين؟

شعب انتهازي..!
بين ليلة وضحاها تدفقت الاحتجاجات في سيل جارف متدفق في غمرة "الفرصة التاريخية". موجة من الاحتجاجات غير العادية تجتاح المغرب، بقطاعاته المختلفة، غالبية هذه الاحتجاجات مؤطرة من طرف نقابات مشاركة في الحوار الاجتماعي (بالتعليم، كتاب الضبط، الجماعات المحلية...). إضرابات واحتجاجات تهاطلت فيها المطالب كوابل من الأمطار على أرض الدولة الجرداء القاحلة المتعنتة في كل القطاعات، وهذا دليل على أن الخلل كان عميقا وشاملا، وأن الإصلاحات والتطبيل والتزمير الذي كنا نسمعه في مختلف وسائط الإعلام، كلها كانت نوستالجيا فارغة ونفخة كذابة وإصلاحات ترقيعية وليست بنيوية.
لكن..! أين كان هذا المثقف والسياسي والمناضل قبل "الثورة" أو قبل الحراك الاجتماعي الفجائي؟
لقد رصدنا بما لا يدع للشك حراكا فجائيا ارتسم أمام أعيننا عنوة دون أن نريد لأنفسنا بحثا لفهمه أو تفسير مظاهره أو محاولة تحليل أسبابه وأهدافه فسجلنا زخما غريبا احتل المشهد.
فالمعطلون النائمون في منازلهم حاولوا اغتنام الفرصة والاستفادة من الأوضاع، والنقابات تركب على الحدث، والأحزاب التي كانت تتمسح بخطابات الملك وتتلقفها طازجة حتى قبل أن تتم مناقشتها لتتشدق بها والسير على نهجها وجعلها خريطة طريق... تهدد بالمشاركة والأخرى تهتف بروح الملك، وأخرى تضغط للقيام بإصلاحات وتقترح الحلول السحرية الناجعة، الأساتذة ينزلون بثقلهم من أجل الترقيات أو من أجل إلغاء مباريات الترقية، موظفو العدل يحيون مطالبهم القديمة، لا نقول لهم لا..! لأن مطالبهم مؤجلة بسبب من تعنت الدولة نفسها... وإنما التوقيت يصبح وكأنه فرصة تاريخية وانتقام من دولة جاحدة لمواطنيها رافضة لمطالبهم.
و نرصد ها هنا لقطات نموذجية من هذا التسونامي الجماعي، لنعطي نماذج بسيطة لكنها معبرة مما صادفناه في الصحافة المكتوبة أو المرئية أو المسموعة أو في شوارع العاصمة:
- أزيد من 70 مجموعة خلقت بين ليلة وضحاها بعد أن كان الأمر يتعلق بما لا يتجاوز 10 مجموعات في الشارع! أين كنتم أيها المغاربة! مغاربة في العمل وليسوا مغاربة في النضال والكفاح من أجل المطالب والحقوق، "الله ينعل اللي ما يحشم".
- إضراب وطني نظمته اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة يوم الخميس 17 مارس، وذلك بالمعمورة احتجوا وطالبوا بتحسين أوضاعهم.
- باحثون ودكاترة وموظفون يشتغلون في المفاعل النووي يحتجون.
- احتجاجات أمام مقر التلفزيون برحيل "العرايشي". و المستخدمون ب "دوزيم" يحتجون من أجل إعلام شعبي...
- الأطباء الداخليون والمقيمون يحرقون بزاتهم البيضاء يوم 24 مارس.
- مثقفون وفنانون يحتجون أمام مبنى وزارة "حميش".
- معتقلوا الوحدة الترابية يريدون بقعا أرضية.
- أصحاب 70 متر من المغرر بهم في الانتخابات والحروب السياسية يحرقون ويدمرون.
- وزارة التربية الوطنية أصبحت منطقة محظورة من كثرة الاحتجاجات على أبوابها.
- حتى مجلس المستشارين لم ينج من احتجاج موظفيه واعتصامهم بداخل "مكتب الأمين العام".
- المجازون ينتفضون ويطالبون بالإدماج المباشر ويطالبون المغرب بالتالي أن يصبح "السويد" بين ليلة وضحاها..! وما حققته الأطر العليا منذ 1994 يريده المجازون بعصا سحرية وفي ظرف بضع خرجات مطلبية..!
- صحافيو "دوزيم" يطالبون بإعلام شعبي.
- دكاترة كانوا غافلين! عن قيمتهم وقيمة شهادة الدكتوراه في المغرب، ودعوا إلى احترام الوضع الاعتباري للدكتور والدكتوراه داخل المجتمع، وطبعا ليس هذا فقط بل الأهم في القضية بل أساسها هو الشق المالي بتغيير الإطار وبالتالي الزيادة في الراتب! شق الشعار وشق الواقع يتجسد بشكل جيد في نضال هذه الفئة.
- ظهور فيديوهات تنصح الملك في اليوتوب وغيره.
- خريجو "المعهد العالي للفنون الجميلة" احتجاجا على التكوين بالمعهد، والمطالبة بأن تعترف وزارة الثقافة بخريجي المعهد كما هو الأمر بالنسبة لل "المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي" المعترف بدبلوماتهم من طرف الوزارة.
- مغاربة هولندا غاضبون على سفارتهم وقنصلياتهم.
- مجموعة أمل 8 فبراير تحتج على لا دستورية استثناء المجازين! يجب أن يصبح الأمر إدماجا مباشرا ليكون الأمر دستوريا. يا سلام..!
- اتحاد كتاب المغرب يأمل في دسترة الهيأة.
- معطلة زوجها في إنجلترا وتريد أن تعمل في السفارة الإنجليزية، وتريد بذلك وزارة الخارجية لتكون بالقرب من زوجها..!
- أبناء العمال في المكتب الشريف للفوسفاط يحرقون ويدمرون ويحتجون.
- السجناء في سجن الزاكي بسلا ثارو...
- والممرضون ثارو...
- غضب طلابي من أجل جامعة الحرية والكرامة بالمغرب...
- التلاميذ والطلبة 23 مارس خرجوا للشوارع...
- الأساتذة يطالبون في يافطاتهم بتسوية وضعيتهم كما هو حال الأطر العليا المعطلة.
- والحركة العمالية المغربية، جمعويون، ومثقفون، وسياسيون، يطالبون بتغيير ديمقراطي سلمي... والأمثلة كثيرة ولا يستطيع شخص واحد حصرها لأنها كثيرة ومتناسلة...
حتى المدن الهادئة النائمة التي يفتخر أبناءها بوضع استثنائي، وكان معظمهم لا يرضى بالنزول إلى شوارع العاصمة للنضال(كأصيلة مثلا)، استأسدوا وطالبوا في جمعية أسسوها محليا للمطالبة بالوظيفة العمومية نضال موسمي فرصوي انتهازي في معظمه مع الأسف.
وقد حضرت شخصيا وبالصدفة منظرا بشعا ومقززا أمام مقر المحاور المكلف بملف الأطر العليا المعطلة بالرباط بملحقة الوزارة الأولى؛ ورأيت بأم عيني كيف تتصارع الأطر المغربية على مصالحها الخبزية في منظر لا يفرق كثيرا عن متشردي الجمعة الذين يجتمعون على قصعة الكسكس بباب المسجد..! لماذا كل هذا الإذلال ولماذا يترك الإطار المغربي الفرصة لإذلال نفسه؟ وأين الكرامة التي ينادي بها الإطار المغربي؟ يبدو أنها مجرد يافطة كاذبة والأساس هو دراهم معدودات في الشهر ليس إلا... وأحتفظ لنفسي بصور تاريخية معبرة لهذا الحدث البشع الذي أتمنى له أن ينقرض في أقرب وقت من هذا الوطن الغالي.
ويمكن إطلاق إسم "الخلايا الانتهازية النائمة" على هؤلاء المناضلين الجدد.. أو الملتحقين بالثورات والانتفاضات في آخر لحظاتها ضمانا لسلامة أجسادهم ومرتباتهم ووظائفهم و مصالحهم... هذا ما يمكن أن أسمي به معظم أشكال الاحتجاج والمحتجين خلال هذه الظرفية. والذين فضحتهم تصرفاتهم وتشبثهم بحقوقهم في الوقت الذي كانت الساحة تحتاجهم كانوا مختبئين في جحورهم ويوم سقط المغرب في مستنقع التأثر بالاضطرابات والمشاكل الإقليمية، هبت تستأسد تحت حجاب التعليمات العليا التي تفرض على المسؤولين بعدم التدخل العنيف والزجري.. والقاسم المشترك والغالب هو أجرة أكثرة وترقية مؤجلة...
يالاه فرصة مناسبة! كلشي يشري وكلشي يتبرع، الرخا ل لله! السيبة السياسية وكلشي يفوز! واللي باقي ماخرج ينوض يلبس صباطو و ينزل للشارع راه الدولة مقجوجة والفرصة مناسبة.. فالشمكارة سرقوا المحلات والأبناك والجمارك فاكتسو ولبسو وسكروا وتحششوا وأخذو الكراسي الوثيرة والحواسيب... والمواطنون من المعطلين والموظفين نادوا بالخبز أو بدراهم أكثر في الراتب! المهم أن الكل حفن علاش ما قدر، وكل واحد خدا حقو بطريقتوا اللي كيعرف!
كل هذه الاحتجاجات لاقت في المقابل دولة ومسئولين تعاملوا بمنطق الاطمئنان، والعمل على استدعاء الغاضبين لامتصاص غضبهم في جلسات الحوار..! مقاربات تنتمي إلى أكثر شعوب العالم "تحرامية" وليس لأذكى شعوب العالم كما يدعي بعض المغاربة.
الأمر الذي يؤكد أننا أمام دولة كامونية وشعب انتهازي... والمبدأ الأساسي في اللعبة هو "أنا ومن بعدي الطوفان" أما الوطن المسكين فهو الخاسر الأكبر...

الوطن الحزين..!
إن المبادئ هي آخر ما أصبح يلتفت إليه في هذا البلد... لقد امتلأ سوق البشرية بكل ما هو رديء وحقير ومريض. طززز عليك يا دولة الحملة بالجملة والرشوة والعنجهية الفارغة والانتهازية المنتشرة في هواء الوطن والتي فاقت إشعاعاتها الحد مسموح به لدى شعب طبيعي وسوي..!
لكن يطرح هنا سؤال أساسي وهو هل سيناضل هؤلاء في الوقت الذي تكون الدولة في كامل لياقتها وفرصتها التاريخية للقمع والتنكيل والسجون والإهانة؟ وأين الوطن من هذه "الجوقة" كلها؟ وهل المطالب كانت وطنية أم غلب عليها الطابع الأناني الانتهازي الفردي الفئوي بل وحتى العنصري؟ وما علاقة المطالب التي غزت الشارع فجأة بالوطن؟ هل هي مطالب وطنية ومن أجل الوطن، أم هي مطالب ارتبطت بالخبز والأجور؟
أين الوطن من كل هذه "الهندقة" كلها! لا أحد يتكلم عنه... الخبز الخبز الخبز... تبا لهذا الخبز المعجون بماء الذل العكر... وتبا للمصالح الشخصية التي تعلو على مصالح هذا الوطن والذي تم دفنه ودفن مصالحه منذ أمد بعيد...
وفي قراءة سريعة لمضمون بعض الشعارات التي سقطت عيناي عليها بشوارع الرباط خلال بعض الوقفات الاحتجاجية:
معتقلو تندوف أرادو المساكن والبيوت، هاتفين "الوحدة الترابية جبناها وحتى قطعة ما خديناها"..!
والدكاترة ناموا واستفاقو على قيمتهم وقيمة الدكتوراه في تغيير الإطار أي أجور أكثر باسم البحث العلمي وباسم قيمة شهادة الدكتوراه..!
و المعطلون النائم معظمهم في البيوت أو المعارضون السابقون لأشكال النضال في شوارع الرباط تنازلوا فجأة عن مبادئهم القديمة التي يغيرونها أكثر من تغييرهم لجواربهم.. تجمهروا قبالة البرلمان أو ولاية الأمن متهمين الدولة بإقصائهم..! وكم ضحكت لما سمعت هذا الأمر. المساكين أقصتهم الدولة وهم نائمون في بيوتهم..! وعلى الدولة المغربية "الكريمة" و"الديمقراطية" أن تعتذر لهم لعدم استدعائهم للعمل كما فعلت مع مناضلي شوارع الرباط..!
والكل يطالب يطالب يطالب... أنت تريد منزلا أكبر، وهو يريد أجرة أكثر، وهي تريد الالتحاق بالزوج، والآخر يبحث عن ترقية، والأخرى تريد تعيينا في المدينة الفلانية... والوطن اليتيم من له ليدافع عنه؟ هناك فرق شاسع بين الحراك الاجتماعي الإيجابي والحقيقي والحراك المزيف والانتهازي.
تلك هي اللعبة القذرة إذن التي بطلها "الإنسان المغربي"، لعبة دنيئة وخبيثة يجب تجاوزها بل والقضاء عليها وإدخالها إلى متحف الزمن الغابر... وزراء مغاربة يحلون بباريس لحشد الدعم للإصلاحات، معناه "كيسعاو بينا"، على داك الشي مازال باغين شي بركة ديال التظاهرات تنزل للشارع للمزيد من المساعدات... ومعركة اختزلت في جانب كبير منها بشكل مبتذل ومختزل اختزالا مغرضا في مع من يحب الملك، ومع من يريد الانضمام أو المشاركة في تظاهرات 20 فبراير و 20 مارس... بينما اغتنم "أذكياء" الشعب المغربي ومناضليه الأفذاذ الذين ملأت أجسادهم وجلجلت حناجرهم في سماوات المدن المغربية ... هذه الفئة اغتنمت فرصة "الموسم" وفوضاه العارمة لتفوز بالغنيمة؛ أجر زائد أو ترقية مؤجلة أو تسوية وضعية أو تغيير إطار...
ومن غرائب الأمور الكل أصبح يفتح فمه في الآونة الأخيرة حول "الأطر المغربية المعطلة" بعد أن شغلتهم الدولة قهرا وفورا بسبب الظروف الإقليمية... بعدما كان الكل يضرب صمتا مطبقا على الموضوع وكأنه من المحرمات! هذا التشغيل الذي دست خلاله وحقنت فيه الإدارات العمومية بعشرات من الشبيبات الحزبية وعن طريق الزبونية والمحسوبية، وما تبقى منهم اصطف بالمئات في ملحقة الوزارة الأولى حيت المكلف بملف العطالة المغربية..!
منطق غريب جدا لا يمكننا أن نستنتج منه سوى انتهازيتنا وكامونية الدولة وعيشنا بأقنعة كثيرة وأننا شعب انتهازي ومنافق بطبعه... من كان يتحدث عن المعطل، عن الإطار المغربي لما كانت تهان كرامته وبشكل يومي على عتبة البرلمان الوطني؟ لما كان يناضل بشكل يومي ومستمر ومنذ 14 سنة بشارع محمد الخامس ولوحده دون نزول أو حتى إدانة من أي طرف وطني أو مسئول برلماني أو قيادي حزبي أو مجتمع مدني ؟ وحيدا في الشارع كان المعطل لا يعاني من حياد وجفاء الكل..! بل والأدهى من ذلك كانت تترامى على آذان حركته النضالية مواقف بشعة تصل حد القذف ومعارضة أشكاله ومواقفه النضالية...
واليوم! الكل حزم حقائبه إلى الرباط لينتزع ما أصبح يسمى حقا من حقوقه بعدما كان بالأمس لديه مشاكل ومواقف وآراء لا تسمح لشخصه الموقر بمشاركة أبناء الشعب من المناضلين الضرب والقمع و الإهانة... شعب يحب جني الثمار ويكره تقاسم الضرب والإهانة والعصا والسجن من أجل انتزاع الحق... إننا شعب انتهازي... وأول من يريد أن يكتب في الرد علي أنه يجب علي أن أتحدث عن نفسي أو أن أتحدث عن البعض وليس عن الكل أقول له أنت أكبر انتهازي من الآن..!
لا مجتمع مدني و لا دولة ولا هم يحزنون..! فقط "كحل الراس" و مصالحه الضيقة..! ويوم يرفع أحد بعقيرته يوما منددا بانتهازية الإنسان المغربي ولا ذكائه بل خبثه يترامى الكل في نزعة ذاتية أنانية برمي من يقول هذا الكلام بالجهل والفسق السياسي وخدمة الأجندات الخارجية والانتماء إلى وطن آخر غير هذا البلد الحبيب والرمي بالانتماء إلى البوليزاريو..! مبررات من طراز الرؤساء العرب الدكتاتوريين المطاح بهم من الكراسي... يتهمون الشعب بالجنون، وأحدهم قال عن شعبه أنه يتلقى حبوب الهلوسة من أطراف الخارجية! و الآخر يؤكد على وجود فئات من الشعب تخدم أجندات خارجية وآخر هدد بأنه إن زال عن الحكم ستصبح بلده مرتعا للقاعدة وللهجرة نحو أوربا... حجج من رؤساء و بلدان مختلفة و لكنها في البلادة والمنطق واحدة... إن الحقائق مرة، ولا تستسيغها الشعوب في بداية الأمر لأن تأثيرالتخدير يكون لا يزال قويا ولا يتم الاعتراف بالمرض إلا بعد الاستفاقة من الذهول والغيبوبة.
ومن يقول أن عوامل الثورة غير متوفرة في المغرب فهو واهم؛ خصوصا في ضل استمرار وجود مسئولين ومحيط القصر من الفاسدين يغذونها باستمرار، وبهذا الخصوص لازلت أدق ناقوس الخطر وبشدة (وجرائم النصب، وفضائح سرقة الكَريمات، ومسروقات قصور الحسن الثاني، ومشاكل حملة بطائق الاحترام...) تؤكد الأمر وتظهر أن الفساد قريب حتى من أعلى سلطة في البلاد. نعم نحن في دولة بعض من إجراءات مسئوليها يدفع إلى حافة الهوية ويساهم في تراكم الملفات المطلبية التي تفجر الوضع.
نحن في دولة معادلتها الأساسية الحالية المكرسة هي: شعارات انتهازية، مقابل وعود "بوحاطية" كاذبة، حيت لا يغلب الطماع إلا الكذاب..!
والغريب في الأمر أن السخاء الفجائي للمناصب والأموال المتدفقة والتي تدل على أن الثروات و الأموال الضرورية لبناء الديموقراطية والقيام بالإصلاحات كانت موجودة، فأين كانت هذه الأموال قبل قيام الثورات؟ ببساطة..! لقد كانت في جيوب مجرمي وفاسدي هذا الوطن من المسؤولين.. وظهور هذه المناصب والأموال فجأة دليل قاطع على الفساد وعلى جرائم نهب المال العام قبل زمن "الثورات الإصلاحية"...
لابد من ترميمات و إصلاحات للشأن المغربي تراعي في عمقها البنيوية والديمومة والصيانة المستمرة، بدل الحلول الترقيعية والمنجزة تحت وطأة الضغط الاجتماعي والسياسي أو الخارجي...
ولا شك أن مؤسسة الفساد في المغرب هي أقوى المؤسسات ويوم نقتلع أسسها المتينة لن نحتاج إلى الكثير من المؤسسات التي تستنبثها الدولة وتخلقها خلقا بين الفينة والأخرى (مجلس المستشارين، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة الوسيط،، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المجلس الاقتصادي والاجتماعي... ) وسيربح المغرب الكثير من "المال العام" الذي كان سيضيع في ترقيع الأمور بعد وقوع الكوارث الاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان وقضايا الفساد...
و والله إني أرثي لحالك أيها الوطن فمستقبلك أغبر ومشوش ومضطرب، لكني مدمن أحايين كثيرة البقاء مستيقظا لألتقط لك صورا مع مطلع الفجر لأن منظرك يكون رائعا وواعدا.
ننام ننام ونستفيق على وطن أفضل...
هشام عابد- باحث في الفكر الإصلاحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.