اجتمعت يوم السبت الماضي، مكاتب الفروع الإقليمية لحزب التقدم والاشتراكية بجهة تادلا أزيلال (بني ملال - أزيلال - الفقيه بن صالح)، من أجل توقيع عقود برامج بحضور بعض أعضاء المكتب السياسي للحزب، كرين لبيض ومولاي علي الإدريسي وفاطمة فرحات. في البداية رحب الحسين عزاوي المنسق الجهوي للحزب، بالحاضرين، وذكرهم بأن الاجتماع يدخل في إطار تطبيق خارطة الطريق ومقررات الدورة الثالثة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية وتوقيع عقود برامج من قبل الفروع الإقليمية بجهة تادلا أزيلال. بعده، تناول الكلمة، مولاي على الإدريسي، عضو الديوان السياسي للحزب، قدم فيها تحليلا شاملا للوضع السياسي للبلاد، قبل الانتقال، إلى شعار المؤتمر الثامن للحزب، «جيل جديد من الإصلاحات..»، الذي يحدد منظور الحزب، من أجل مغرب ديمقراطي، محملا في الوقت نفسه، الأحزاب السياسية مسؤولية تحصين بلادنا من الفساد والمفسدين. واعتبر أيضا أن الأحداث الأخيرة بالعيون ليست سوى نتيجة سلوكات أنانية لتصفية حسابات سياسوية بعيدا عن إعمال آليات دولة الحق والقانون والمؤسسات وتدخل في إطار تشجيع النعرات القبلية وتبخيس العمل السياسي والحزبي الجاد وتكريس اقتصاد الريع في غياب تام للشفافية في التسيير والحكامة الجيدة في التدبير في واقع يتسم بالهشاشة والحيف في توزيع لامتيازات. وفي تطرقه للشق التنظيمي، أقر عضو الديوان السياسي، بالركود الذي كان يشل تنظيماتنا، مذكرا بأن هناك إرادة حقيقية لتجاوز المرحلة السابقة باعتبار الفروع المحلية الحلقة المركزية في الهيكل التنظيمي ومن ثمة تحريك الفروع الإقليمية وتنشيطها بواسطة تعاقدات بين المكتب السياسي وهذه الفروع بعقود برامج التي تعتبر نقلة نوعية في تحريك دواليب الحزب. ومن جهته، عبر كرين لبيض، عضو الديوان السياسي، في بداية مداخلته، عن مساندة حزب التقدم والاشتراكية للشعب المصري في انتفاضته من أجل تحقيق الحرية والكرامة وهنأ الشعب التونسي عن انتصار ثورته ضد النظام البوليسي من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مفسرا أسباب هذه الانتفاضات والثورات الشعبية في فشل نظرية حزب الدولة وفي فشل المؤسسات المصطنعة في تركيز أجهزة النظام السياسي، منبها إلى أن بلادنا في منأى عن مثل هذه القلاقل، لكونها قطعت أشواطا في تكريس حرية التعبير وترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات والبناء الديمقراطي. وأضاف، أنه بعد انتخابات 2007، بدأ يظهر في المشهد السياسي ما يفرغ المؤسسات من أي مضمون كالبيع والشراء في الذمم والترحال الحزبي والسياسي واصطناع الأغلبيات وفبركة الفرق البرلمانية وما استتبع ذلك من ملفات الفساد في بعض المكاتب والوزارات والجماعات المحلية ومحاولة لتبرير بعض الأطراف لكل ذلك بأن دور الأحزاب التقليدية انتهى ولا مجال للشرعية التاريخية وبأن الأحزاب القديمة شاخت ولا تنتج نخبا وأطرا تكنوقراطية وهي عاجزة عن تأطير المواطنين وغير قادرة على صد المد الأصولي وكل هذه الادعاءات، -يضيف المتدخل-، تنشرها جهات معينة لتقزيم الأحزاب الحقيقية والترويج لحزب جديد من حقه التواجد في الساحة السياسية ولكن دون أن يدعي بأنه قريب من الملك الذي يبقى فوق الأحزاب وأب الجميع. وفي الجانب التنظيمي، اقترح لبيض على الفروع الإقليمية وضع برنامج عمل مرحلي أو خريطة طرق إقليمية والعمل على تنفيذها بدعم من المكتب السياسي في إطار عقد البرنامج كالأنشطة الإشعاعية والحلقات التكوينية والزيارات الميدانية...الخ. وفي آخر مداخلته، أهاب عضو الديوان السياسي بالحاضرين أن يستحضروا من الآن استحقاقات 2012 بإعداد المرشحين وتكوين لجن الدعم وإعمال سياسة القرب، تفاديا للوقوع في أخطاء الماضي الانتظارية التي كانت توقعنا بين أيدي أصحاب الشكارة الباحثين عن التزكيات. ومن جهتها، ذكرت فاطمة فرحات عضو الديوان السياسي المكلفة بالعلاقة مع المجتمع المدني بالوضعية الاجتماعية التي تعيشها بلادنا والتي تحتاج إلى حلول مستعجلة لتفادي ما تعيشه بعض البلدان العربية من انتفاضات شعبية ملاحظة دور المجتمع المدني المتنامي الذي تجاوز دور الأحزاب، مهيبة في الوقت نفسه، بالرفاق والرفيقات، الانخراط في منظمات وجمعيات المجتمع المدني خصوصا مع الشباب والنساء، كونها تجسد بالفعل سياسة القرب التي يدعو إليها حزب التقدم والاشتراكية، مضيفة، أن هناك طاقات يزخر بها الحزب في هذا الميدان، ينبغي رصدها وتشجيعها ودعمها وأن المكتب السياسي مستعد للمساهمة في التكوين والمواكبة للرفاق الناشطين في هذه الجمعيات. وأخبرت الجميع، أن الأسبوع الأول من شهر ماي من هذه السنة، سيشهد تنظيم المنتدى الوطني الأول للعمل الجمعوي. بعد ذلك، أثار الحاضرون، الكثير من القضايا مثل التحالفات على مستوى الجماعات المحلية أو بعض الجمعيات وعن المسؤولين عن تبخيس العمل السياسي والحزبي وعن دور الإعلام الحزبي والتواصل الداخلي والخارجي وعن دور حزبنا في الماضي وكراء المقرات ومساهمات الرفاق الشهرية وعن حلقات التكوين داخل الحزب ودور التنسيقيات المحلية لأحزاب اليسار وكانت الردود من طرف المؤطرين قيمة ومقنعة ومتفهمة لبعض الانتقادات. وفي آخر هذا الاجتماع، أشرف أعضاء الديوان السياسي، على توقيع عقود البرامج مع الفرع الإقليمي لبني ملال في شخص عبد الرزاق حنفي، ومع الفرع الإقليمي لأزيلال في شخص محمد الفائق ومع الفرع الإقليمي للفقيه بن صالح في شخص الشرقي بهلاوي. وجاءت هذه العقود البرامج تجسيدا لفلسفة ومضامين الوثيقة السياسية الصادرة عن المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية خصوصا الباب الخامس منها والمتصل بالآليات التدبيرية الناجعة لتكريس المسعى التقدمي للحزب بغية إرساء ممارسة سياسية جادة، عصرية؛ منفتحة، مؤثرة مستجيبة لتطلعات المواطنات والمواطنين ومبنية على التواصل والمشاركة ومكرسة للفعالية والقرب. كما تأتي تنفيذا لمقتضيات القانون الأساسي وإعمالا لمضمون الفصل السابع منه الذي يروم إرساء حكامة جيدة في تدبير وتطوير الهياكل الحزبية على المستوى الإقليمي وبالتالي إضفاء الفعالية والنجاعة على أداء الحزب وضمان الاستمرارية لحياته التنظيمية والنضالية وجعله مهيأ وقادرا على لعب كل الأدوار المنوطة به بخصوص تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين على أكمل وجه. كما أن هذه العقود برامج تآخذ بعين الٌاعتبار ما أفرزته خارطة الطريق من رؤية، تروم تأهيل التنظيم الحزبي تأهيلا حقيقيا وتساهم لا محالة في جعل الحزب قادرا على إبداع أشكال جديدة لممارسة وظيفته السياسية داخل المجتمع، وعلى بلورة مقاربة نضالية، تعتمد على سياسة القرب لترسيخ تجدر الحزب في المجتمع والدفاع عن القضايا المشروعة للمواطنات والمواطنين وتمديد رقعته التنظيمية بشريا وجغرافيا وتوسيع دائرة إشعاعه السياسي والتواصلي وتقوية حضوره إقليميا ومحليا في النسيج النقابي والثقافي والجمعوي والمؤسسات المنتخبة، بهدف تحويله إلى حزب مؤثر وفاعل أساس في الحراك الاجتماعي في خدمة الديمقراطية والحداثة والمساواة والتقدم الاجتماعي. ومن التزامات المكتب السياسي في هذه العقود، تقديم دعم مالي سنوي للفروع الإقليمية من أجل تغطية تكاليف نفقات التسيير والأنشطة والتجهيزات، ومن التزامات الفرع المحلي إعداد برنامج عمل سنوي يحدد مواضيع الأنشطة التي سيتم تنظيمها خلال كل دورة وكذا النتائج المزمع تحقيقها مع جدول زمني للتنفيذ وكذا التوقعات المالية المطلوبة للإنجاز.