نجح المسبار الفضائي الهندي "مانغاليان"، اليوم الأربعاء، في دخول مدار كوكب المريخ، مما عزز موقف الهند في سباق اكتشاف الفضاء على الصعيد العالمي، وجعلها أول بلد آسيوي يتمكن من الدوران حول الكوكب الأحمر، لتدخل بذلك تاريخ الإنجازات الفضائية من بابه الواسع.. وتهدف مهمة البعثة الفضائية الهندية نحو المريخ، التي كلفت أقل ميزانية في تاريخ هذا النوع من الرحلات، إلى دراسة سطح كوكب المريخ وتركيبته وإجراء مسح على غلافه الجوي بحثا عن غاز الميثان، المركب الكيميائي الذي أدى إلى وجود الحياة على سطح الأرض.
وقد حظيت البعثة الفضائية الهندية نحو المريخ باهتمام كبير لدى الرأي العام في البلاد ومختلف شرائح المجتمع التي رأت فيه نصرا معنويا وتفوقا واضحا على الصعيدين الدولي والإقليمي، لاسيما في مواجهة الجارين اللدودين الصين وباكستان.
كما استأثرت الرحلة الفضائية نحو الكوكب الأحمر باهتمام وعناية من لدن الحكومة الهنديةالجديدة، يتقدمها الوزير الأول ناريندرا مودي، الذي اتخذ مكانا له بجوار العلماء في مركز القيادة التابع لهيئة الأبحاث الفضائية الهندية في مدينة بنجالور طيلة أطوار المرحلة الأخيرة من بلوغ المسبار "مانغاليان" مدار كوكب المريخ.
ويرى المراقبون أن مودي، رجل الدولة والسياسي القادم من حزب هندوسي قومي، احتضن المشروع الفضائي منذ لحظة تنصيبه على رأس الحكومة، وذلك في مسعى لترسيخ أقدام الهند كفاعل رئيسي في سوق تكنولوجيا الفضاء، التي تتجاوز ميزانيتها 300 مليار دولار، على الرغم من المنافسة القوية مع الصين المجاورة التي تتوفر هي الأخرى على برنامج فضائي، كما تملك منصات إطلاق أكبر.
وبنجاح البعثة الفضائية نحو المريخ، اعتبرت وسائل الإعلام الهندية، بمختلف تلاوينها واتجاهاتها، أن هذا الإنجاز التاريخي الفريد، يعد دليلا على المستوى العلمي المتقدم الذي بلغته البلاد، مضيفة أن نجاح مهمة المسبار الفضائي "مانغاليان" في الدوران حول المريخ يشكل دفعة قوية لبرنامج الهند الفضائي الذي يمتد لخمسة عقود.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن النجاح الذي حققه البرنامج الفضائي الهندي بأقل تكلفة مادية، يدعو الحكومة الهندية ومختلف المتدخلين إلى التوسع أكثر في هذا البرنامج الواعد ودعمه بوسائل مادية وبنيات تحتية أساسية وتكنولوجيا أفضل.
وكانت هيئة الأبحاث الفضائية الهندية قد أكدت، في بيان تناقلته وسائل الإعلام المحلية أول أمس الاثنين، نجاح الاختبار الحاسم الذي سيحدد الخطة المستقبلية للمسبار الفضائي الهندي "مانغاليان" المتوجه نحو المريخ، كما أعلنت نجاح المناورة الرابعة لتصحيح مسار المسبار، على بعد ساعات من دخوله الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
وقال مسؤول في هيئة الأبحاث الفضائية، في تصريحات صحفية، إن "المسبار الفضائي الهندي المتجه إلى المريخ تحمل رحلة شاقة استمرت 11 شهرا للوصول إلى الكوكب الأحمر، لكن محركه الصاروخي الرئيسي ظل ساكنا خلال تلك الفترة. والآن تم إنعاش المحرك مجددا".
وارتكزت تلك العملية التقنية أساسا على إطلاق محرك المسبار "نيوتن 400" وجعله في وضعية تشغيل قصوى، من أجل إتمام المرحلة الرابعة والأخيرة لتصحيح مسار المسبار، ليكون جاهزا لدخول الغلاف الجوي للمريخ بعد يومين.
تجدر الإشارة إلى أن المسبار الفضائي المتوجه نحو كوكب المريخ، يندرج في إطار مشروع فضائي هندي واعد تصل تكلفته إلى 4,5 مليار روبية (75 مليون دولار)، حيث نجحت الهند في إقامة مشروع فضائي بأقل تكلفة يعرفها قطاع الصناعات الفضائية الدولية.
يذكر أن المسبار الفضائي الهندي أطلق يوم خامس نونبر من العام الماضي من محطة سريهاريكوتا في ولاية "اندهرا براديش" الواقعة جنوبالهند، وعلى متنه مركبة إطلاق الأقمار الاصطناعية، بهدف بلوغ الغلاف الجوي لكوكب المريخ يوم 24 شتنبر الجاري.