قال عبد الرحيم منار السليمي رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات إن معطيات تحليلية من مصادر إعلامية ومؤسسية ومراكز بحوث تفيد بأن الجزائر تنفذ مخططا ميكرو-إرهابيا ضد المغرب لترويج المخدرات المهلوسة وإذكاء الجريمة في المملكة.
وأوضح منار السليمي أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال أن المعطيات التي استقاها وحللها، تؤكد أن الجزائر باتت تعمد إلى تسريب أنواع مختلفة من المخدرات عالية المفعول والحبوب المهلوسة نحو المغرب عبر الحدود الشرقية قصد إغراق المملكة بالمخدرات وإذكاء الجرائم المتصلة باستهلاك المخدرات داخل ترابها.
وحسب رئيس المركز، فالعلاقة السببية بين استهلاك المخدرات والجرائم لا غبار عليها بالنظر إلى أن 80 في المائة من الجرائم المرتكبة في المغرب خلال سنة 2013 سببها الحبوب المهلوسة.
ويرى أن هذا المخطط الجزائري يشكل عدوانا ميكرو- إرهابيا على المغرب بالإمكان إثبات مسؤولية الجزائر عن أفعاله الإجرامية أمام المحاكم الدولية المختصة. ويشير إلى أن القراءة التحليلية للصحف الجزائرية خلال الخمس سنوات الماضية تكشف حجم الشبكات الجزائرية المروجة للأقراص المهلوسة أمام وجود فوضى عارمة في قطاع الصيدلة والمستشفيات النفسية في الجزائر. وبالفعل تطفح الجزائر بشبكات ترويج المخدرات التي يصعب التحكم فيها، ويكفي دليلا على خطورة هذه الشبكات أن عدد الأشخاص الذين تورطوا في قضايا استهلاك وترويج والمتاجرة بالمخدرات بالجزائر فاق 23 ألف شخص خلال سنة 2013، فيما تم حجز 95 طنا من الكيف المعالج و1191 كمية من الكوكايين، حسب معطيات نقلتها صحف جزائرية عن الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان عليها بالجزائر.
غير أن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو عن دور الدولة، وجهاز المخابرات، في ترويج هذه السموم أو تسهيل الاتجار فيها في مناطق بعينها في الداخل ونحو بلدان معينة في الخارج. وفي هذا الإطار، يلفت رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات الانتباه إلى أن الجارة الشرقية للمملكة تنفذ فعلها الإجرامي المتمثل في تسريب الأقراص المهلوسة بشكل مزدوج، خارجيا نحو المغرب وداخليا في مناطق الاحتجاج الجزائرية.
ويمضي المركز في تبيان أن دس الأقراص المهلوسة يوظف داخليا في مناطق الحراك الجزائري كمنطقة تيزي وزو التي تعد نقطة احتجاجية ساخنة وخارجيا ضد المغرب انطلاقا من حدوده الشرقية. ويعتبر المركز أن هذا النوع من الجرائم الميكرو - ارهابية يحتاج الى تحرك نحو القضاء الدولي واستعمال قواعد القانون الدولي لترتيب مسؤولية حكام الجزائر عنه، في ظل وجود قرائن وإثباتات ملموسة حول خطورة استعمال الأقراص المهلوسة كآلية لممارسة الميكرو- إرهاب من طرف الجزائر ضد المغرب.
وخطورة آلية الإرهاب المصغر هذه تكمن أيضا في التعامل مع المجموعات التهريبية التي تكون في غالبيتها مجموعات تزاوج بين الإرهاب والاتجار بالمخدرات، وبالتالي غض الطرف عن أنشطتها وتحركاتها مقابل أهداف رخيصة لا تسهم في استقرار المنطقة وسلمها.
ولعل خير مثال على ذلك ما تتلقاه جبهة البوليساريو المتورطة حتى النخاع في الأنشطة الإرهابية والتهريبية وغيرها من دعم غير مشروط من الجزائر على حساب مصلحة دول وشعوب المنطقة المغاربية التي تقتضي دعم تماسكها ولحمتها والوحدة الترابية لمكوناتها دفعا لمخاطر التشرذم والانفصال والتفكك. وليس خفيا أيضا أن السعي الجزائري لاستغلال منافذ التهريب لإغراق المغرب بشتى أنواع المهلوسات يخالف الاتفاقيات الدولية في المجال (الاتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961، وصيغتها المعدلة ببروتوكول سنة 1972، واتفاقية المؤثرات العقلية لسنة 1971، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988، والاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع للمخدرات).
كما يتعارض مع كل الجهود التي يبذلها المغرب من أجل تجاوز الخلافات والتفكير في مستقبل المنطقة واستكمال بناء اتحاد مغرب عربي متضامن وقوي وتعزيز تماسك وترابط وتضامن مكوناته بما يحقق تطلعات الشعوب المغاربية بالوحدة.