قال الكاتب والروائي المغربي الطاهر بن جلون إن حكمة وتبصر صاحب الجلالة الملك محمد السادس مكنا المغرب من تجاوز مرحلة ما يسمى ب "الربيع العربي" بسلاسة، وفتحا أمامه آفاقا مستقبلية واعدة في جميع المجالات. وأوضح بن جلون، الحاصل على جائزة "الغونكور" الفرنسية سنة 1987 ، في محاضرة حول "حصيلة الربيع العربي"، ألقاها بالمعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط مساء أمس الثلاثاء ببرشلونة، أن العاهل المغربي استبق الأحداث بالإعلان عن طرح دستور جديد للاستفتاء سنة 2011 º تضمن فصولا جد متقدمة تنظم العلاقة بين السلط، كما تعزز دولة الحق والمؤسسات وحقوق الإنسان، وتكرس المساواة بين الرجل والمرأة.
وأضاف أن اعتماد الدستور الجديد يعد بمثابة تتويج لعدد من المبادرات غير المسبوقة على مستوى العالم العربي والإسلامي من قبيل اعتماد مدونة جديدة للأسرة، واتخاذ تدابير حاسمة من أجل طي ملف انتهاكات حقوق الإنسان إبان ما يطلق عليه "سنوات الرصاص".
وأشار، من جهة أخرى، إلى أن الإصلاحات المؤسساتية التي عرفها المغرب منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش قبل 15 سنة، رافقها نهج سياسات اقتصادية فعالة، تميزت بإطلاق أوراش كبرى وفرت للمغرب بنيات تحتية حديثة وعصرية، تساهم في استقطاب الاستثمارات الدولية في جميع المجالات.
وبعد أن ذكر بوجود مشاكل اجتماعية واقتصادية في المغرب كباقي بلدان العالم، مثل الرشوة والفساد والبطالة ومشكل الصحة والتعليم، أكد أن القضاء على هذه الظواهر يتطلب بذل جهود كبيرة بمشاركة الجميع، بمن فيهم المواطن نفسه، داعيا إلى تعبئة شاملة من أجل محاربة هذه الظواهر السيئة في المغرب.
ومن جانب آخر، أعرب بن جلون عن امتعاضه مما يجري في عدد من البلدان العربية من صراعات دموية تتداخل فيها المصالح الأجنبية مع مصالح المجموعات المتطرفة والإرهابية، مشيرا إلى أن طبيعة تلك الأنظمة غير الديمقراطية تعد جزءا من المشكل العام التي تعيشه المنطقة.
وأشار إلى أن المواطن العادي في العراق أو في سورية وليبيا هو الذي يؤدي ثمن الصراعات الدموية التي "يبدو أن لا نهاية لها"، على حد قوله.
وخلص إلى القول إن العالم العربي يعاني من مشكل انعدام ثقافة الديمقراطية، مشيرا إلى أن "الديمقراطية ليست هي تقنية التصويت عبر صناديق الاقتراع، بل هي مجموعة من القيم الإنسانية المتكاملة التي يتعين تلقينها للمواطن منذ نعومة أظافره ليواجه بها الأيديولوجيات المتطرفة التي لا تفهم معنى الانفتاح والتسامح وقبول الآخر".
يذكر أنه على هامش العرض الذي ألقاه الطاهر بن جلون، قدم كل من سينين فلورينسا، رئيس المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط، وماريا أنخيلس روكي، مديرة مجلة "كواديرنس ميديترانيا"، العدد 20 من هذه المجلة المتخصصة في مواضيع الحوار بين الثقافات وواقع المجتمعات المتوسطية، خاصة ما يتعلق منها بالجوانب الثقافية والأنثروبولوجية والسوسيولوجية.