في عدد يوم الخميس من “أخبار اليوم” ، نُقل عن “عصيد أن النشطاء الأمازيغ الثلاثة الذين سيشاركون يوم 28 من الشهر الجاري في ندوة ثقافية بجامعة تل أبيب بإسرائيل لا علاقة لهم بالحركة الثقافية الأمازيغية، وأنه يتبرأ منهم (كذا). يتعلق الأمر ب”منير كجي” و “عمر أوشن” و “أبوبكر أنغير”. فهؤلاء، بزعمه، خرجوا عن إجماع الجمعيات الأمازيغية، التي يتعدى عددها 800 جمعية، حول مقاطعة إسرائيل وكل الأنشطة الرسمية التي تنظمها وتدعو إلى المشاركة فيها.
بهذا يكون المدعو “عصيد” قد نصّب نفسه موزعا لصكوك غفران، وتزكيات الإنتماء إلى الحركة الأمازيغية، أو الإقصاء منها، أي لتزكيات الإيمان أو الكفر في صيغته الأمازيغية الحداثية جدا. .
لكن، بالمقابل، ما لم يذكره المدعو “عصيد” هو أن النسيج الجمعوي النشيط في الحقل الأمازيغي، نبذه نبذ الشاة الجرباء، منذ أن امتهن سيرة الأكل في صحن المخزن والبصق فيه، أي منذ أن استحلى السيرة الإنتهازية للأكل على جميع الموائ .
وبعد ذاك الإستفراد بحق البث في من هو أمازيغي ومن ليس كذلك، وبحق تزكية نضاله الأمازيغي أو التشكيك والطعن فيه، ومَن هو جدير بصكوك غفران أمازيغي، ومَن ليس جديرا إلا بالتبرؤ..
كلُّ هذه الصلاحيات موقوفة، حصريا، على نكرة إلى عهد قريب، إسمه عصيد.. كان عليه أن يسأل نفسه إن كان لا زال ثمة شيء يربطه بالأمازيغية، بعد أن جعل نفسه في خدمة من يدفع أكثر، بدءا بأزلام الإيركام و انتهاء بكراكيز البام.
وربما لم ينتبه “عصيد” وهو يستعمل كلمة “تبرّؤ” أنه يستعير نفس المعجم السلفي الأصولي المتطرف، الذي يفرق الناس، طبقا لطقس الولاء والبراء، إلى فُسطاطين: فسطاط الإسلام وفسطاط الكفر، واللذين صارا مع “عصيد” هما: فسطاط الأمازيغ الأقحاح وفسطاط الأمازيغ المارقين المعدودين على “رؤوس أصابع”، لا لشيء لأنهم لم يُقدّموا الولاء لعصيد ولم يستشيروه في الكبيرة والصغيرة.
البؤس الفكري نفسه، وآلية الإقصاء ذاتها، والعقلية المانوية بحذافيرها التي نجدها عند التيارات السلفية والطهرانية والدوغمائية يُروّج لها حداثيون مزعومون وعلمانيون كارطونيون باسم الأمازيغية.. والأمازيغية منهم براء.